قال الصحفي الأمريكي نيكولاس كريستوف في
مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الأزمة في الشرق الأوسط تشكل اختبارا معقدا لإنسانيتنا، حيث يثير التساؤل عن كيفية الرد على استفزاز لا يوجد علاج جيد له، وفي هذا الاختبار، نحن في الغرب لسنا في وضع جيد".
وأكد، أن قبول
القصف على نطاق واسع لغزة والغزو البري الذي من المرجح أن يبدأ قريبا يشير إلى أن الأطفال الفلسطينيين هم الضحايا الأقل شأنا، حيث يقللون من قيمتهم.
وأضاف: "لنأخذ بعين الاعتبار أن أكثر من 1500 طفل في
غزة قُتلوا، وفقا لوزارة الصحة في غزة، وأن حوالي ثلث منازل غزة قد تم تدميرها أو تضررت خلال أسبوعين فقط - وهذا مجرد تمهيد لما هو متوقع أن يكون غزوا بريا أكثر دموية".
وتابع: "تتحدث
الولايات المتحدة كثيرا عن المبادئ، لكنني أخشى أن يكون الرئيس بايدن قد قام بتضمين تسلسل هرمي للحياة البشرية في السياسة الأمريكية الرسمية".
اظهار أخبار متعلقة
لقد أعرب عن غضبه إزاء هجمات "حماس"، كما أنه كان ينبغي له أن يفعل، ولكنه حاول بصعوبة أن يكون واضحا بنفس القدر بشأن تقدير حياة أهل غزة، وفق الكاتب.
وليس من الواضح دائما ما إذا كان يقف موقفا متماهيا تماما مع "إسرائيل" كدولة أو مع رئيس وزرائها الفاشل بنيامين نتنياهو، الذي يشكل عقبة طويلة الأمد أمام السلام.
وتساءل كريستوف: "ماذا علينا أن نفهم من دعوة إدارة بايدن للحصول على 14 مليار دولار إضافية من المساعدات لإسرائيل والدعوة المتزامنة لتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة؟".
وبحسب كريستوف: "قد تكون الأسلحة الدفاعية لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي منطقية، ولكن من الناحية العملية، هل الفكرة هي أننا سنساعد في دفع تكاليف العاملين في المجال الإنساني لمسح الدماء التي تسببت فيها أسلحتنا جزئيا؟".
ويضيف: "ماذا نقول للدكتور إياد أبو كرش، طبيب غزة الذي فقد زوجته وابنه في القصف واضطر بعد ذلك إلى علاج ابنته المصابة البالغة من العمر عامين، ولم يكن لديه حتى الوقت لرعاية أخته وابنتها، لأنه كان عليه أن يتعامل مع جثث أحبائه؟".
وقال لزميل في صحيفة "نيويورك تايمز"، وكان صوته متهدجا عبر الهاتف: "ليس لدي وقت للتحدث الآن أريد أن أذهب لدفنهم".
اظهار أخبار متعلقة
وفي خطابه الخميس، دعا بايدن أمريكا إلى الوقوف بحزم خلف أوكرانيا وإسرائيل، الدولتين اللتين تعرضتا لهجوم من قبل قوات تهدف إلى تدميرهما. جيد ولكن لنفترض أن أوكرانيا ردت على جرائم الحرب الروسية بفرض حصار على مدينة روسية، وقصفها وتحويلها إلى غبار وقطع المياه والكهرباء، في حين قتلت الآلاف وأجبرت الأطباء على إجراء عمليات جراحية للمرضى دون تخدير.
وأردف: "أشك في أننا نحن الأمريكيين سنهز أكتافنا ونقول، حسنا، لقد بدأ بوتين الحرب، من المؤسف للغاية بالنسبة لهؤلاء الأطفال الروس، لكن كان عليهم اختيار مكان آخر ليولدوا فيه".
وقال غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "ستصبح غزة مكانا لا يمكن أن يوجد فيه أي إنسان. لا يوجد خيار آخر لضمان أمن دولة إسرائيل".
ويرى الكاتب، أن "هذا الرأي يعكس خطأ في الحسابات العملية والأخلاقية، ورغم أنني أود أن أرى نهاية حماس، إلا أنه ليس من الممكن القضاء عليها في غزة، ومن المرجح أن يؤدي الغزو البري إلى تغذية التطرف بدلا من سحقه وبتكلفة لا تطاق في أرواح المدنيين".
واستدرك بالقول: "أريد بشكل خاص أن أتحدى الاقتراح الضمني أكثر منه الصريح بأن حياة سكان غزة أقل أهمية لأن العديد من الفلسطينيين يتعاطفون مع حماس. فالناس لا يفقدون حقهم في الحياة بسبب آرائهم، وعلى أية حال فإن ما يقرب من نصف سكان غزة هم من الأطفال".
وقال، إن هؤلاء الأطفال في غزة، بمن فيهم الرضع، هم من بين أكثر من مليوني شخص يعانون من الحصار والعقاب الجماعي.
وأكد أنه "لا ينبغي لإسرائيل أن تحصل على شيكات على بياض لذبح المدنيين أو حرمانهم من الغذاء والماء والدواء، يحسب لبايدن محاولته التفاوض بشأن وصول بعض المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن التحدي لن يتمثل في إدخال المساعدات إلى غزة فحسب، بل في توزيعها أيضا".
اظهار أخبار متعلقة
ويعتقد كريستوف، أن "الغزو البري المطول هو مسار محفوف بالمخاطر بشكل خاص، ومن المرجح أن يؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من الجنود والرهائن الإسرائيليين، والمدنيين في غزة".
وأشار إلى أن تسوية المدن بالأرض هو ما فعلته الحكومة السورية في حلب أو فعلته روسيا في غروزني، ولا ينبغي أن يكون مشروعا مدعوما من الولايات المتحدة لجهة إسرائيل في غزة.
إن أفضل إجابة لهذا الاختبار هي أن نحاول، حتى في مواجهة الاستفزازات، أن نتمسك بقيمنا، وهذا يعني أنه على الرغم من تحيزاتنا، فإننا نحاول الحفاظ على قيمة جميع الأرواح باعتبارها متساوية.
وختم بأنه "إذا كانت أخلاقك ترى أن بعض الأطفال لا يقدرون بثمن والبعض الآخر يمكن التخلص منه، فهذا ليس وضوحا أخلاقيا بل هو قصر نظر أخلاقي، يجب ألا نقتل أطفال غزة في محاولة لحماية الأطفال الإسرائيليين".