تعالت الأصوات في ليبيا مؤخرا تطالب بالتهدئة
من كل الأطراف، والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لا تعود البلاد إلى الحروب مرة
أخرى، خاصة بعد تصعيد وتحشيد من قبل قوات
حفتر والدبيبة في الجنوب الليبي، ما أثار
تساؤلا حول عودة الاقتتال والصدام المسلح الآن.
وبعد أحداث مدينة غريان (جنوب غرب طرابلس) والصدام
المسلح بين قوات تابعة لحكومة
الدبيبة وأخرى موالية للواء الليبي، خليفة حفتر، توالت
الدعوات من الغرب الليبي بضرورة إحكام السيطرة على المدن القريبة من طرابلس، بل والتوجه
نحو الجنوب الليبي للسيطرة عليه.
"تحشيدات حفتر وتجنيد القبائل"
وبعد تحركات ونداءات بضرورة السيطرة على الجنوب
الليبي من قبل قوات تابعة لحكومة الدبيبة، أعلن حفتر حالة الطوارئ في قواته، ووجه رؤساء
الأركان بزيادة التواجد في الجنوب الليبي وتأمينه، واستهداف أي قوة غير قواته تحاول
الاقتراب؛ في إشارة لقوات الدبيبة.
من جهتها، حذرت اللجنة العسكرية المشتركة
5+5 من هذه التصعيدات بين الطرفين، مطالبة بالحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لا
تعود البلاد إلى الاقتتال والحروب وتنسف كل خطوات التقارب ومحاولات توحيد المؤسسة العسكرية.
اظهار أخبار متعلقة
ومن المعروف أن حفتر يحكم سيطرته على الجنوب
الليبي منذ عام 2019، وبعد فشل عدوانه على العاصمة طرابلس تمركزت قواته هناك، وسيطرت
على كامل الحدود، وطردت أي قوة تتبع الحكومات أو القوات في طرابلس، ما جعل الجنوب الليبي
ورقة حفتر الرابحة في أي مفاوضات.
"إطلاق النار هش ولن يصمد"
من جهتها، قالت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي
بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، إن "اللقاءات التي عقدها حفتر مؤخرا مع قبائل
الجنوب ليس لها علاقة بالتحركات العسكرية كونها مجرد تنافس بين القبائل على من يكون
الأقرب لحفتر".
وأكدت في تصريحات لـ"عربي21" أن
"القوات في المنطقة الغربية تحاول منذ فترة الحفاظ على الاستقرار في نطاق الغرب
الليبي بمنع أي تحركات أو تجمعات من شأنها التسبّب في إحداث مشاكل أمنية في المستقبل،
أما بخصوص لجنة 5+5 العسكرية فهم يعلقون فشلهم في توحيد المؤسسات العسكرية على السياسيين".
وأضافت: "المعروف أن الساسة منقسمون بسبب
طموحات العسكريين السياسية والتدخل في الشأن السياسي والتنفيذي، لذا لا نتوقع أي تطور
في الملف الأمني، وبخصوص وقف إطلاق النار، فهو اتفاق هش، وسيستمر بنفس الوتيرة طالما
طموح العسكريين في الاستيلاء على السلطة ما زال مستمرا"، كما توقعت.
"عودة الحرب مستبعدة"
في حين استبعد عضو اللجنة السياسية بمجلس الدولة
في ليبيا، أحمد همومة، نشوب حرب في ليبيا كون "أسبابها غير متوفرة الآن، وما يحدث
من تحشيد من قبل الطرفين لا يعدو كونه استعراض لمظاهر القوة وتأكيدا لصدق التحالفات
لكل طرف".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن
"كلا الطرفين لا بد أن يعتمد على شريك أجنبي لتلقي الدعم المادي والسياسي، وفي
ظل هذه الظروف المشحونة بالحزن والأسى على ما يحدث في غزة، فكل الداعمين الخارجيين لا يكترثون
للشأن الليبي بقدر متابعتهم لتداعيات حرب غزة على المحيط الإقليمي، وبالأخص دولة مصر،
لذا كل هذه الظروف تمنع حدوث حرب مجدداً، وإن لوح بها البعض لتحقيق أغراض سياسية"، وفق
تقديراته.
"تحالف تركي- روسي"
عضو تجمع "فزان" والمحلل السياسي الليبي،
وسام عبدالكبير، رأى أن "التحركات من قبل القوات التابعة لحكومة الدبيبة جعلت القوات
التابعة لحفتر في حالة استنفار، وهو ما أدى إلى تخوف اللجنة العسكرية 5+5 من انهيار
وقف إطلاق النار وعودة الاقتتال".
وأشار إلى أن "خطوط وقف إطلاق النار التي
تم تحديدها في 2020 يصعب على أي طرف تجاوزها، لأسباب كثيرة أهمها: التقارب الروسي التركي
والتفاهم في العديد من الملفات بداية من حرب أوكرانيا وصولا إلى العدوان على غزة، وأي
حرب باتجاه الجنوب الغربي في ليبيا لن تخدم سياسات الجانب التركي، حيث أنقرة بمثابة
رمانة الميزان في الصراع بين روسيا والغرب"، حسب رأيه.
وتابع: "الظروف الحالية سواء الإقليمية
أو الدولية، خاصة توسع حرب غزة ودخول واشنطن على خط الأزمة هناك، يجعل خيار عودة الحرب
في ليبيا أمر مستعبد الآن"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
اظهار أخبار متعلقة
"عدم الجاهزية عسكريا"
الصحفي من الجنوب الليبي موسى تيهوساي، قال من
جانبه إن "الأمر لا يعدو كونه إعادة رسم حدود النفوذ لكل الأطراف، ولن يتجاوز
الدبيبة حدود منطقة "الشويرف" نحو الجنوب أبدا، وليس لديه جاهزية لذلك بسبب
معاناته داخليا من تصدعات في الأجهزة الأمنية والعسكرية الموالية له، بما في ذلك موقف
"أسامة جويلي" وقوى أمنية وعسكرية في المنطقة الغربية ككل".
وأضاف لـ"عربي21": "في المقابل
لا يريد حفتر العودة لمربع الاصطفاف العسكري من جديد، لأن حسم أي خلاف سياسي لا يمكن
أن يكون عسكريا، ولن يكرر ما فعله سابقا من هجوم عسكري لنفس الهدف القديم، خاصة مع تغير
وتطور الظروف الإقليمية والدولية الحالية".