نشر موقع "أثلتيك" تقريرًا حول التحديات التي تواجهها الرياضة لمنع تعاطي مادة الـ"
ترامادول" بين صفوف لاعبي
كرة القدم، فهي مادة ممنوعة ومحظورة من قبل الوكالة العالمية لمكافحة
المنشطات.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن كل لاعبي كرة القدم في إنجلترا وويلز تلقوا الأسبوع الماضي رسالة بريد إلكتروني تحذّرهم من تعاطي مسكن للألم ربما لم يدركوا أنه يمكن أن يعرضهم للخطر. وجاء التحذير من رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين، والدواء المعني كان الترامادول (مسكّن أفيوني للألم).
ونقل الموقع عن بن رايت، مدير الشؤون الخارجية في رابطة اللاعبين المحترفين، أنه "ما يقلقنا هو أن هناك اعترافًا صريحًا بأنها مادة تسبب الإدمان، وأنها مادة أفيونية تنتمي لنفس عائلة الهيروين".
ويُعرف الترامادول بكونه مسكنًّا قويًا للألم لا يُباع إلا بوصفة طبية، وقد استشهد به كريس كيركلاند، حارس مرمى منتخب إنجلترا وليفربول السابق، باعتباره مصدر الإدمان الذي كاد أن يدمّره. ومن المنتظر أن تُضيفه الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في الأول من كانون الثاني/ يناير إلى قائمة المحظورات ومن تلك النقطة فصاعدًا سيواجه أي شخص يتم ضبطه بتعاطيه حظرًا طويلًا.
وأشار الموقع إلى أن هذا يثير مخاوف بين سلطات كرة القدم في ظل وجود أدلة كبيرة على أن عددًا غير محدد من اللاعبين إما يستخدمونه أو يعتمدون عليه كجزء قانوني تمامًا من روتين حياتهم.
وحسب كيركلاند فرغم أنه عقار خطير، فإنهم لن يتمكنوا من القضاء عليه وسيفشل شخص ما في الاختبار بشكل مؤكد، والأمر صعب للغاية بالنسبة للعديد من اللاعبين لأن الكثيرين منهم يعتمدون عليه.
أمضى الموقع أسابيع في النظر في حجم استخدام الترامادول داخل الرياضة، وعلى الرغم من أن السرية المحيطة باستخدامه تجعل من الصعب إثبات كل الحقائق، إلا أن هناك العديد من القضايا الرئيسية التي سلط التحقيق الضوء عليها:
أرجأت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات الحظر آخذة بعين الاعتبار مدى إدمان الترامادول ومنح المستهلكين المزيد من الوقت للتخلص منه. كما أن هناك احتمال قوي بأن بعض المستهلكين أو الكثير منهم يأخذونه سرًا، دون علم أنديتهم.
اللاعبون الذين أدمنوه يؤكدون أنه دمر حياتهم، وفي حالة كيركلاند، جعله يفكر في الانتحار.
ويقوم لاعبو كرة القدم بشرائه من الإنترنت باعتباره "أقراصًا مسكنة للألم" دون معرفة مخاطره أو أنه سيتم حظره قريبًا.
ولهذا السبب، اتخذت رابطة اللاعبين المحترفين خطوة غير عادية بإرسال بريد إلكتروني إلى أعضائها، بما في ذلك 5000 لاعب كرة قدم حالي، لتسليط الضوء على المخاطر وتوضيح أن هناك موعدًا نهائيًا يقترب، وهناك عواقب وخيمة بعده.
وتساءل الموقع حول ما إذا كانت السلطات المختصة تتفق مع كيركلاند على أنه سيتم "حتماً" حظر لاعبي كرة القدم بسبب وجود الترامادول في أجسامهم، وكل ما يمكن قوله يقينًا هو أن اتحاد كرة القدم، والدوري الإنجليزي الممتاز، والدوري الإنجليزي لكرة القدم، ودوري السوبر للسيدات، يدركون المخاطر تمامًا، والأندية كذلك، وهذا ليس مفاجئا لأن العقوبات من المرجح أن تكون شديدة.
وأفاد الموقع بأن ريان كريسويل، خريج أكاديمية شيفيلد يونايتد الذي لعب مع أندية بوري وروثرهام يونايتد وساوثيند يونايتد ونورثهامبتون تاون، بدأ في تناول مسكنات الألم بعد تعرضه لإصابة في الركبة، ودخل في مشاكل إدمان تشمل الحبوب المنومة والكحول، ثم تغيرت حياته بعد دخوله مركز إعادة تأهيل.
ونقل الموقع عنه "أجريت أول عملية جراحية في ركبتي في اليوم السابق لعيد ميلادي السابع عشر، كان الغضروف يحتاج إلى الإصلاح واستمر هذا لمدة تسع سنوات، ولكن بمجرد أن حدث ذلك مرة أخرى، شعرت بالألم، وتناولت مضادات الالتهاب ومسكنات الألم للتحكم في الأمر، ليس فقط الباراسيتامول، بل الكوديين والكودامول والترامادول، لقد خدرني ذلك تمامًا، إنه ليس شعورًا جيدًا، إنه مخيف، لم يكن من الطبيعي أن أتناول ثمانية أو تسعة أقراص يوميا، وأدركت حينها أنني بحاجة إلى المساعدة".
وأوضح الموقع أن كريسويل يبلغ من العمر 35 عامًا، وهو مدير نادي شيفيلد إف سي، الذي تعتبره الفيفا أقدم نادي كرة قدم موجود في العالم، وعلى حد علمه فإن هناك مسكنات أخرى تستخدم غير الترامادول، لذا فإنه سيكون "متفاجئًا للغاية" إذا تأثر أي من لاعبي كرة القدم بالتغيير في التشريع. وأضاف أن حظر الترامادول خطوة إيجابية، لكنه يشك في أنه سيحدث فرقا كبيرا في عالم كرة القدم حيث لا يعتقد أنه سيتم العثور على الترامادول في أنظمة العديد من اللاعبين، في حين أن الكوديين، والديكلوفيناك، والنابروكسين عقارات منتشرة.
وأشار الموقع إلى أن هذا يدل على وجود وجهات نظر متناقضة، حتى بين مستخدمي الترامادول السابقين، حول حجم المخاطر واحتمال مخالفة اللاعبين لتغيير قواعد الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، لذا من السهل أن نفهم السبب وراء اتباع رابطة اللاعبين المحترفين لسياسة "الحذر خير من الندم" عندما تواصل معها اللاعبون الذين لديهم مخاوف بهذا الشأن.
وذكر الموقع أن تيرون كيرك أعلن في سنة 2019 أن إدمانه قاده إلى طريق مدمر من الجريمة والتشرد. كيرك، الذي قضى فترات مع سكونثورب يونايتد وماكليسفيلد تاون والعديد من الفرق خارج الدوري، انتهى به الأمر مشردًا، حيث تناول ما يصل إلى 30 قرصًا يوميًا. وحيال ذلك قال "لقد تحولت من كوني لاعب كرة قدم محترف إلى مشرد في سنوات قليلة، أردت الحصول على مساعدة من المتخصصين ولكني شعرت بالخجل، كنت محرجًا، كنت معتزًا بنفسي كوني لاعب كرة قدم محترف في سن مبكرة".
وأكد الموقع أن قصة كيركلاند تعد تذكيرًا صارخًا - إلى جانب ما كشفه ديلي آلي مؤخراً عن إدمانه للحبوب المنومة - بأن اللعب على أعلى مستوى لا يجعلك حصينًا. وأوضح كيركلاند: "اكتشفت عندما ذهبت إلى مركز إعادة التأهيل أنني كنت أتناول ما يعادل ست جرعات من الهيروين يوميًا إنه دواء شرير كاد أن يقتلني". وأضاف "في البداية، يمنحك شعورًا جيدًا. يجعلك تشعر بالسعادة، إذا كانت تعاني من نوبة قلق أو أي شيء من هذا القبيل. كنت أستخدمه لتخفيف الألم، نعم، لكنني كنت أستخدمه للقلق أكثر من أي شيء آخر. لكنه يتسبب في اضطرابك نفسيا. عرفت بعد ثلاثة أشهر أنني صرت مدمنا عليه".
يعزو كيركلاند تعافيه إلى الدعم الذي تلقاه من العائلة والأصدقاء. ويقول إن زوجته تحتفظ بمجموعة أدوات اختبار المخدرات لتكون بمثابة "الرادع الأكبر" حتى لا يتراجع مرة أخرى. وأكد كيركلاند أن "17 نيسان/أبريل 2022، كانت آخر مرة تناول فيها الترامادول. وكانت الأيام العشرة المقبلة مروعة. كان يقبع في غرفة ضيقة، وكان مريضا، ويتقيأ، ولم يتمكن من تناول أي شيء، ويعاني من الهلوسة. لقد وصل إلى النقطة التي لم يرغب فيها بوضع قرص آخر في فمه. وعلى الرغم من التعافي، إلا أنه يؤكد أنه مر بتجربة غير ممتعة على الإطلاق ولا يتمنى لأي شخص أن يقع فريسة له".
وأشار مايكل بينيت، الذي شارك في أكثر من 150 مباراة في الدوري مع أندية من بينها برايتون آند هوف ألبيون وبرينتفورد وتشارلتون أثليتيك، وهو الآن مدير صحة اللاعبين في رابطة اللاعبين المحترفين، إلى أنه خلال فترة عمله شاهد عن قرب التأثير الذي يمكن أن يحدثه الترامادول على الأشخاص الذين يمارسون الرياضة. ويدرك من تجاربه الخاصة، بعد تعرضه لإصابة خطيرة في الركبة خلال مسيرته الكروية، مدى سهولة اعتماد لاعبي كرة القدم على مسكنات الألم.
وأضاف بينيت: "لقد تناولتها قبل التدريب وقبل المباريات. تحصل على قرصين أو ثلاثة أقراص لتناولها يوميًا، وحتى عندما لا تكون المشكلة موجودة، فأنت تظل تتناول الدواء أو تخزنه في حالة احتياجك إليه مرة أخرى. من السهل جدًا الانجرار إلى التبعية والاعتماد عليه". وفي حالة بينيت، لم يكن يتناول الترامادول. ومع ذلك، فهو يدرك أن تعاطي هذا العقار منتشر على الساحة الرياضية في معظم الأندية المحترفة، إن لم يكن كلها.
وأوضح الموقع أنه عادةً ما تقوم الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بفرض الحظر خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر من الإعلان عنه. مع ذلك، بالنسبة للترامادول، كان هناك تفاهم على أن طبيعته الإدمانية تعني ضرورة منح اللاعبين المزيد من الوقت. جاء هذا الإعلان في تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضي، مما يعني أن المستخدمين كان أمامهم 14 شهرًا للتعافي منه.
ونقل الموقع عن رايت "هناك اعتراف بأنها مادة تسبب الإدمان وأن الناس سيحتاجون إلى بعض الوقت للتعافي من إدمانه. لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة منظمة بدلاً من الإعلان عن الحظر في تشرين الأول/أكتوبر". وجاء في رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلتها رابطة اللاعبين المحترفين إلى أعضائها: "لا يدرك المستخدمون العاديون في كثير من الأحيان أنهم أصبحوا في تبعية للترامادول. وفي حال كنت تستخدمه، فينبغي عليك التحدث بشكل عاجل إلى ناديك والطاقم الطبي حول كيفية إدارة هذا الأمر، وما تعنيه القواعد الجديدة".
في الرسالة الإلكترونية ذاتها، هناك تصريح واضح بأن بعض لاعبي كرة القدم قد يكونون "قلقين" بشأن إخبار أنديتهم بذلك. في هذه الظروف، يُطلب من اللاعبين الاتصال ببينيت وزملائه في قسم الصحة في رابطة اللاعبين المحترفين. وفي السياق ذاته، صرح كيركلاند، الذي لا يعتبر الترامادول عقارًا لتحسين الأداء: "بعض اللاعبين لن يقتربوا من رابطة اللاعبين المحترفين، ولن يرغبوا في إخبار أنديتهم". ويدرك كيركلاند من خلال معاناته الخاصة إلى أي مدى سيذهب لاعبو كرة القدم للتستر على الأمر.
ويشتبه في أن الكثيرين سيحصلون على شهادات طبية من أطبائهم, لذلك ينصحهم كيركلاند بالتواصل معه؛ لأنه سيحاول تقديم النصح لهم بالتعاون مع رابطة اللاعبين المحترفين، وحثهم على التواصل مع الأشخاص الذين مروا بنفس التجربة.