قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
بريطانيا إن شهادات الأسرى المُحررين من النساء والأطفال عن التنكيل الذي يتعرضون
له في السجون تدق ناقوس الخطر وتدعو إلى التحرك العاجل من أجل إنقاذ الأسرى من
أيدي عصابات همجية لا ترحم ولا تبالي بأي
قوانين أو شرعية دولية.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها اليوم السبت
أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، أن 240 أسيرًا فلسطينيًا تم إطلاق سراحهم
في صفقات تبادل منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ الجمعة الماضية 24 نوفمبر / تشرين
الثاني 2023، منهم 71 أسيرة و169 طفلًا، مضيفة أن هؤلاء الأسرى المحررين سردوا
وقائع مرعبة ومروعة يتعرض لها الأسرى يوميًا، تضاعفت حدتها مع حرب الإبادة
الجماعية التي شنها
الاحتلال على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونقل التقرير عن الأسيرة المُحررة لمى خاطر ـ من سجن الدامون ـ قولها
"إنها اقتيدت وهي مقيدة ومعصوبة العينين إلى غرفة التحقيقات حيث حقق معها
ضابط من المخابرات هددها بالاغتصاب بالاشتراك مع 20 جنديًا -قال إنهم برفقته بالغرفة وقت التحقيق ـ، كما هددها بحرق وقتل
أبنائها وقال إنه مستعد لقتل 50 ألف طفل
فلسطيني ليشفي غليله، وأضافت لمى أن جميع الأسيرات تعرضن للضرب بصورة
متكررة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، مع حرمانهن من الخروج من الزنازين سوى ربع ساعة
يوميًا للحمام -مرة واحدة فقط-، وأحيانًا كن يمنعن من ذلك.
ونبهت خاطر إلى وجود ما لا يقل عن 10
أسيرات من قطاع غزة، تم اعتقالهن قبل الهدنة بيومين، وبينت أنهن أكثر من تعرضن
للإذلال والمهانة والتعذيب النفسي والجسدي، مضيفة أن الاحتلال اعتقلهن بعد فصلهن
عن أطفالهن بصورة انتقائية أثناء تهجير
السكان من الشمال عبر شارع صلاح الدين باتجاه الجنوب كما تم نزع حجاب أولئك الأسيرات
داخل السجون وإعطاؤهن زيا خاصا لتمييزهن عن باقي الأسيرات.
من جهتها أكدت الأسيرة المحررة عهد
التميمي على وجود أسيرات من قطاع غزة، ولفتت إلى المعاناة التي يتعرضن إليها هن
وجميع الأسيرات في السجون، مضيفة أن الاحتلال هددها شخصيًا بقتل والدها الأسير
إذا حاولت التحدث للإعلام أو نقل ما يجري داخل السجون.
أما الأسيرة المُحررة هنادي الحلواني
فقالت في شهادتها إن الأسيرات "يعشن كابوسًا بعيدا عن أعين العالم"، وروت
تفاصيل مرعبة عما مرت به أثناء فترة احتجازها الأخيرة هي وبقية الأسيرات اللاتي كن
معها في نفس المكان.
وقالت الحلواني إنها تعرضت للصعق
بالكهرباء والضرب المبرح في جميع أجزاء جسدها، فضلًا عن الإذلال والإهانة عبر
البصق على وجهها، ورمي القمامة عليها، وتهديدها بالاغتصاب والتحرش الجنسي والتحدث
معها بعبارات مهينة وألفاظ بذيئة.
وأضافت الحلواني أن الاحتلال تعامل
بطريقة مجردة من أي إنسانية، ولم يراع أي ظروف لأي أسيرة، بعضهن كن حوامل، والبعض
الآخر كن قد أجرين للتو عمليات جراحية لكن ذلك لم يمنع قوات الاحتلال من تعريضهن
لإيذاء بدني ونفسي، بالإضافة إلى المداهمات المتكررة للزنازين والاعتداء على
الأسيرات بقنابل الغاز المسيل للدموع، وسحب كافة الامتيازات التي حصل عليها الأسرى
والأسيرات بعد سلاسل الإضرابات على مدار الأعوام الماضية.
ولفتت الحلواني إلى أن الفترة الأخيرة
شهدت تزايدا كبيرا في عدد الأسيرات الجديدات، وكان يقابل هذا بتكدس كبير في
الزنازين، وتقليل واضح في الموارد من الألبسة، والأطعمة الرديئة بالفعل، والوقت
المسموح به خارج الزنازين للحمامات، بل أضافت أن البعض كان يمنع تمامًا من الذهاب
للحمام لأيام، مع فرض عزلة تامة عن الجميع، بما فيهم الأسيرات في الزنازين
المجاورة.
بالإضافة إلى شهادات الأسيرات، فإن ما
نقله الأطفال المحررون يكشف واقعًا مروعًا لا يتصوره عقل فقد أكدوا أنهم وباقي
الأسرى يتعرضون للضرب الوحشي باستمرار، الأمر الذي أدى بالفعل إلى مقتل ستة أسرى منذ
أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كما يتعرضون للتجريد من الملابس والتجويع
والإهمال الطبي، فضلًا عن سماعهم ألفاظًا نابية وشتمهم باستمرار من قبل جنود
الاحتلال، كما تم تهديهم بإعادة الاعتقال إذا ما تحدثوا عما حدث لهم خلال الأسر.
وأشارت المنظمة إلى أن الاحتلال وقبيل
الإفراج عن الأسرى قام بمداهمة منازلهم وهدد الأهالي أنه في حال الاحتفال سيتم
اعتقال أفراد الأسرة وتم طرد الأطقم الصحفية وتفريق الضيوف ووصل الأمر إلى قيام
الاحتلال بمصادرة علب الحلويات التي توزع في مناسبات الإفراج عن الأسرى.
ونوهت المنظمة إلى أن الاحتلال مستمر في
حملات الاعتقال فعدد من تم اعتقالهم خلال أيام الهدنة ومنهم نساء وأطفال أعلى
بكثير ممن أفرج عنهم في صفقات التبادل، فالاحتلال يجد نفسه مطلق اليد في الأراضي
المحتلة ويستطيع فعل ما يشاء في ظل الصمت الدولي المريع.
واستهجنت المنظمة التغطية الإعلامية
الغربية لعمليات التنكيل والقمع في السجون فعلى الرغم من مقتل ستة أسرى في السجون
لم تكترث لما يحدث في السجون، بل عمدت إلى التركيز على مشكلة الرهائن الإسرائيليين
في قطاع غزة وعندما يفرج عن أطفال ونساء من الجانب الإسرائيلي يتم الإشارة إلى
العمر والجنس، أما الفلسطينيون الذين أفرج عنهم من نساء وأطفال يشار إليهم فقط
بأنهم سجناء.
وشددت المنظمة على ضرورة قيام الجهات الدولية المعنية بشكل عاجل
باتخاذ إجراءات لحماية الأسرى فإتمار بن غفير رسم منذ توليه منصب الأمن سياسة
للتنكيل بالأسرى، بل وأشرف شخصيا على عمليات قمع في السجون جرى خلالها ضرب الأسرى
ورش غرفهم بالغاز ويخشى إن استمرت هذه السياسة أن يسقط عدد أكبر من القتلى في صفوف
الأسرى.
وصباح أمس الجمعة، انتهت هدنة مؤقتة
بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة قطرية مصرية واستمرت 7
أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3
مليون فلسطيني.
وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل
عملياتها العسكرية حيث استهدفت مناطق متفرقة شمال ووسط وجنوب القطاع، أسفرت عن
سقوط 178 قتيلا و589 جريحا حتى مساء الجمعة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وجاءت الهدنة بعد حرب مدمرة تشنها
إسرائيل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خلّفت دمارا هائلا في
البنية التحتية وعشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن
كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.