اختتم التصويت في انتخابات الرئاسة
المصرية بالخارج، والتي أجريت في 137 سفارة وقنصلية في 121 دولة حول العالم، واستمرت 3 أيام حتى أمس الأحد، دون إقبال يذكر، بينما يصوت المصريون داخل البلاد في أيام 10 و11 و12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وإلى جانب ضعف الإقبال على التصويت في القنصليات والسفارات المصرية، فقد غابت المظاهر الاحتفالية والتغطيات الإخبارية وراء وقع أصوات قصف المدافع وسقوط أطنان الصواريخ على مدن قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال نشطاء وسياسيون في بعض الدول الأوروبية والولايات الأمريكية لـ"عربي21" إن البعض تفاجأ بالانتخابات الرئاسية التي توارت خلف أخبار حرب الإبادة التي تجرى في قطاع غزة، ووصفها البعض الآخر بأنها أجريت في صمت ولم ينتبه لها الكثيرون.
ولا تعلن نسب إقبال الناخبين على التصويت في الخارج، كما لا توجد أي استطلاعات للرأي توضح اتجاه وأعداد الذين أدلوا بأصواتهم، وسط توقعات بتدني نسب مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات الحالية حتى مقارنة بالانتخابات التي تلت ثورة 25 يناير 2011.
ورغم أن عدد المصريين بالخارج والذي تقدره وزارة شؤون الهجرة المصرية بقرابة الـ14 مليون حول العالم، إلا أن نسب المشاركة في التصويت ضئيلة للغاية، ولكنها تشكل مؤشرا على المزاج العام للناخبين ومدى تحمسهم للمشاركة في الانتخابات بالداخل.
اظهار أخبار متعلقة
وكانت أكثر مشاركة في تاريخ المصريين بالخارج في انتخابات الرئاسة بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2012، والتي شارك فيها 13 مرشحا وهو العدد الأكبر في تاريخ مصر الحديث حيث انتخب أكثر من 615 ألف مصري في الجولتين الأولى والإعادة، والتي فاز فيها الرئيس الراحل محمد مرسي على منافسه رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق.
وفي انتخابات عام 2014 التي أجريت بين وزير الدفاع حينها المشير عبدالفتاح
السيسي، والسياسي المصري حمدين صباحي، شارك 315 ألف ناخب واكتسح فيها السيسي منافسه من الجولة الأولى بنسبة تقترب من الـ 97%، وانخفض هذا العدد إلى النصف في الانتخابات الرئاسية عام 2018، والتي اكتسح فيها مجددا السيسي منافسه الوحيد رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى.
ويخوض الانتخابات كل من رئيس النظام الحالي، عبدالفتاح السيسي، برمز النجمة، ورئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، برمز النخلة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، برمز السلم، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران، برمز الشمس.
غابت الانتخابات قبل الناخبين
وقال السياسي المصري المعارض في بريطانيا، محمد سودان: "لا أظن أن هناك أي مؤشرات على أن هناك انتخابات رئاسية مصرية في الخارج سوى فيديو من السنغال لمواطنين سنغاليين أمام مقر السفارة بأعلام مصرية في مشهد فج عن طبيعة الانتخابات".
وأضاف سودان في تصريحات لـ"عربي21" أن "لندن خلت من أي مظاهر للانتخابات سوى من بعض أنصار النظام والمؤيدين والمنتفعين من أجل الظهور في الصورة أمام الكاميرات، وغير ذلك لا يوجد أي اهتمام بالحدث على أي مستوى".
وأكد أن "أحداث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحسم السيسي للانتخابات أفرغت المشهد الانتخابي من مضمونة، ولا يكترث غالبية المصريين بالخارج سواء بالانتخابات أو بنتائجها المحسومة سلفا لصالح السيسي".
تحصيل حاصل
وفي ميلانو، حيث يوجد أكبر عدد من الجالية المصرية في إيطاليا، قال الإعلامي المصري، محمد سعيد، إن "إقبال الناخبين على التصويت في الانتخابات ضعيف جدا، ولم تحظ الانتخابات بأي اهتمام على غرار ما جرى في الانتخابات التي تلت ثورة 25 يناير".
وأوضح سعيد في حديثه لـ"عربي21": "كالعادة كان الحشد للتصويت هو السمة البارزة، حيث قام مدير مدرسة نجيب محفوظ في ميلانو بحشد المدرسين وأولياء الأمور كما ظهر في الصور من أمام القنصلية المصرية في محاولة لمنح التصويت دفعة إعلامية".
وأعرب عن اعتقاده بأن "هناك قناعة لدى قطاع عريض من الناخبين المصريين في الخارج بأن الانتخابات مجرد مسرحية هزلية محسومة النتائج لصالح السيسي الذي يدخل الانتخابات لفترة ثالثة تمتد حتى عام 2030، وهي قناعة تمتد لباقي الناخبين المصريين حول العالم".
حضور بطعم الغياب
وما وراء المحيط الأطلسي قال الناشط السياسي، سعيد عباسي: "لم يتغير المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة عن نظيره في باقي دول العالم حيث بدت السفارة والقنصليات المصرية تشكو عزوف الناخبين عن التصويت في الانتخابات الرئاسية والتي فوجئت بانطلاقها في اليوم التالي لها".
وأكد عباسي في حديثه لـ"عربي21" أنه "في المجمل لا حديث ولا نقاش عن هذه المهزلة، سوف تجرى كما تعود السيسي أن يخوضها منفردا مع وجود منافسين من اختياره، وإذا كان السواد الأعظم في مصر لا يعلم أسماء المنافسين الثلاثة فكيف الحال في الولايات المتحدة القارة الشاسعة".
وأضاف أن "مسرحية الانتخابات الهزلية الحالية استكمال للمسرحيات الهزلية السابقة، فالسيسي الذي جاء بانقلاب عسكري دموي وسحق كل مظاهر الديمقراطية الوليدة في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير، وطّن نفسه على بقائه في منصبه من خلال انتخابات صورية، وليس أدل على ذلك من تعديل الدستور في 2019 حتى يتسنى له البقاء حتى عام 2030.
أما في ما يتعلق بالإقبال على التصويت في الانتخابات، فقال الناشط السياسي: "حدث ولا حرج فلا إقبال ولا حضور ولا ذكر لها في الإعلام الأمريكي والرأي العام في أمريكا أو حتى في أروقة السياسة الأمريكية، ولا أحد مشغولا بها غير موظفي السفارة والقنصليات.. هم فقط من يدركون أن هناك انتخابات".
اظهار أخبار متعلقة
ويترشح السيسي لفترة ثالثة، وفق تعديل للدستور في عام 2019 شمل تمديد الولاية الرئاسية من 4 سنوات إلى 6 سنوات لتنتهي الفترة الثانية في نيسان/ أبريل 2024 بدلا من 2022، ما يفتح الطريق أمامه للبقاء في المنصب حتى 2030 على الأقل.
ووفقا للمادة 140 المعدلة من الدستور، من أجل مدة فترة حكم السيسي، فإنه لا يجوز للرئيس المصري أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، وأنه يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه مرة واحدة.
ويتوقع إعلان نتيجة الانتخابات في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وتشير كل التوقعات إلى اكتساح السيسي (68 عاما) منافسيه، الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى، ولا يحظون بأي شعبية في الشارع المصري فضلا عن كونهم غير معروفين لدى المواطن العادي.