قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة
السوربون الدكتور برهان غليون: "إن وضع واشنطن فيتو ضد قرار يدعو لوقف النار
في
غزة بعد شهرين من حرب لا يتردد الرأي العام العالمي عن وسمها بحرب الإبادة هو
إدانة من قبل أكبر قوة عالمية بالموت على مئات آلاف البشر، والتعبير عن روح
الانتقام وإرادة إذلال شعب كامل والتنكيل به ودفع حكومة إسرائيل إلى الاستمرار في نهج العنصرية والتشجيع على الكراهية".
وأكد غليون في تصريحات مكتوبة له اليوم أرسل نسخة منها لـ
"عربي21"، تعليقا
على فشل مجلس الأمن في تمرير قرار بوقف إطلاق النار بسبب فيتو أمريكي، أن "واشنطن
توجه بهذا الفيتو طعنة قاتلة لمنظومة المجتمع الدولي وللقانون الإنساني وتضع
السلام العالمي على كف عفريت وتقدم الدليل على انهيارها الأخلاقي وشرعية ادعائها
احتكار القرار الدولي والقيادة العالمية بذريعة الحفاظ على الأمن والسلام
العالميين".
وأشار غليون إلى أن الفيتو الأمريكي
أبعد من أن يكون موجها ضد
فلسطين وحدها، وقال: "لقد أثبت الفيتو الأمريكي أن
الحرب هي بالأساس حرب الولايات المتحدة ضد الشعب الفلسطيني وما تبقى منه في الأراضي
المحتلة، وأن إسرائيل ليست في النهاية سوى أداة تستخدمها وشنطن لتحقيق مصالحها
الشرق أوسطية".
وتابع: "هي لا تستهدف الفلسطينيين
فقط وإنما تأديب الحكومات العربية التي سعت إلى الانفتاح على الدول الأخرى
وإجبارها على الالتحاق من دون شروط بالاستراتيجية الأمريكية وتحقيق كل ما يتطلبه أمن
إسرائيل وسلامتها وتوسع استيطانها وهيمنتها. وهو ينبئ بإعطاء صك على بياض لتنفيذ
حكومة المتطرفين في إسرائيل مخطط إجلاء سكان غزة والضفة لبناء مزيد من المستوطنات
تضمن حفاظها على تفوقها وهيمنتها الإقليمية وتمكينها في مستقبل قريب من تحقيق
حلمها بهدم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم مكانه".
ووفق غليون فإن "هذا القرار لا
يمكن إلا أن يوقظ العرب، حكومات ورأي عام، ويدفعهم إلى التفكير في مستقبل دولهم
ومشاريعهم التنموية ويشجعهم على التحرر من وهم الرهان على الدول الأجنبية في
الدفاع عن أنفسهم وحقوقهم ومصالحهم، ومن ثم إلى إدراك أن مصيرهم كدول وأقطار
وحكومات، وحفاظهم على أمنهم واستقلال قرارهم لا يضمنهما سوى تطوير قدراتهم الذاتية
واعتمادهم على أنفسهم والتعاون فيما بينهم لتكوين تحالف قوي قادر على الدفاع عن
مصالحهم الأساسية وردع أعدائهم".
وأضاف: "لقد أثبتت غزة التي لا
تزال تخوض حربا شرسة ضد الغزو الإسرائيلي الأمريكي الكبير منذ شهرين أن ذلك ليس
مستحيلا بل هو في متناول اليد. كل ما يحتاج إليه هو انسجام الحكومات مع مصالح
شعوبها والرهان على دعمها وتأييدها. هذا هو البديل الوحيد والأكيد لتسول الحماية
والأمن والسلام وتحرير الأرض على أبواب الدول الأجنبية"، على حد
تعبيره.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض
"فيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار طالب بـ"الوقف الفوري
لإطلاق النار لأسباب إنسانية" في قطاع غزة الفلسطيني.
وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مساء
أمس الجمعة، جلسة طارئة للتصويت على مشروع القرار الذي قدمته الإمارات العربية
المتحدة وشاركت فيه أكثر 80 دولة بينها تركيا.
ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد
مشروع القرار بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض.
وأيد 13 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة
عشر المشروع مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
وطالب مشروع القرار بالوقف الفوري
لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكرر مطالبته جميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها
بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وخاصة في ما يتعلق
بحماية المدنيين.
كما أنه طالب بالإفراج الفوري وغير المشروط
عن جميع الرهائن، وبضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وقال المندوب الأمريكي الدائم لدى
الأمم المتحدة روبرت وود، إن مشروع القرار لم يتضمن إدانة "حماس" وإنه
من غير المقبول أن يظل بعض أعضاء المجلس صامتين بشأن هذه القضية.
وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة صباحية
استجابة للخطاب الذي أرسله الأمين العام للمجلس مستخدما فيه المادة 99 من ميثاق
الأمم المتحدة.
ونظرا لحجم الخسائر البشرية في غزة
وإسرائيل، خلال مدة وجيزة، أرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خطابا
إلى رئيس مجلس الأمن الأربعاء، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة التاسعة والتسعين من
ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد غوتيريش على ضرورة أن يفعل
المجتمع الدولي كل ما يمكن لإنهاء محنة سكان غزة.
وحث مجلس الأمن على عدم ادخار أي جهد
للدفع من أجل "الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين
والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة".
وقال إنه أرسل خطابه إلى مجلس الأمن
مستخدما المادة 99 من الميثاق، "لأننا وصلنا إلى نقطة الانكسار. هناك خطر
كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنساني في غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة".
اقرأ أيضا: امتعاض عربي من "فيتو" واشنطن ضد وقف الحرب في غزة