قبل
1308 أعوام، وتحديدا في عام 96هـ الموافق لـ715 ميلادي، حرك والي الدولة الأموية
في العراق الحجاج بن يوسف الثقفي جيوشه لفتح بلاد السند (باكستان) استجابة لنداء
امرأة مسلمة صاحت بعد أن أسرها قراصنة هاجموا سفن تجار مسلمين: "يا حجَّاج
أغثني".
لقد
كان الحجاج مشهورا بسفك الدماء كمعظم حكامنا اليوم، حتى أنه لم يتورع عن رمي الكعبة
بالمنجنيق، ورغم كل هذا أبت عليه مروءته كعربي أن تستغيث به امرأة دون أن يجيبها،
فرد قائلا "يا لبيك"، وأرسل جيشا بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، وأمره
بالتوجه نحو بلاد السند.
والآن
وبعد مرور أكثر من شهرين على الحرب الإسرائيلية ضد أهالي
غزة والتي تسببت في استشهاد
أكثر من 18 ألف
فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، لم نرَ أي حاكم عربي أتخذ
موقفا حاسما أو جادا لوقف شلال الدماء والمجازر في غزة.
شاهدنا عشرات الفيديوهات لنساء ورجال وأطفال يستغيثون في غزة، ويطالبون حكام العرب والمسلمين بالتدخل لإنقاذهم، أو حتى على الأقل فتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، لكن معظم هؤلاء الحكام قرروا أن يتركوا أهل غزة لمصيرهم إما تآمرا مع الاحتلال الإسرائيلي أو خوفا من أمريكا أو عجزا وقلة حيلة
وخلال
هذه المدة شاهدنا عشرات الفيديوهات لنساء ورجال وأطفال يستغيثون في غزة، ويطالبون
حكام العرب والمسلمين بالتدخل لإنقاذهم، أو حتى على الأقل فتح معبر رفح والسماح
بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، لكن معظم هؤلاء الحكام قرروا أن يتركوا أهل
غزة لمصيرهم إما تآمرا مع الاحتلال الإسرائيلي أو خوفا من أمريكا أو عجزا وقلة
حيلة.
والأدهى
من كل هذا تخلي مصر عن سيادتها على معبر رفح، فقد خرج علينا وزير خارجيتها سامح
شكري ليقول بكل وقاحة إن إسرائيل هي التي تسمح بخروج من تشاء من غزة إلى مصر عبر
المعبر، وأنها تفتش المساعدات الإنسانية قبل دخولها.
موقف آخر لا يقل وقاحة هو موقف الإمارات التي وصفت وزيرتها ريم
الهاشمي في مجلس الأمن الدولي، هجمات المقاومة الفلسطينية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر
بالهجمات البربرية والوحشية، ولم تكتف بهذا فقد قررت إقامة جسر شحن بري بين دبي
وميناء حيفا الإسرائيلي، لتجاوز حظر الحوثيين للسفن الإسرائيلية من الملاحة في
البحر الأحمر، ناهيك عن بلاد الحرمين التي قررت مواصلات حفلات الرقص والطرب في
موسم الرياض، في تجاهل تام لما يجري في قطاع غزة، كما سارعت لاعتقال معتمرين بتهمة
الدعاء لغزة أمام الكعبة المشرفة، قبل أن يسارع مسؤول هيئة الترفيه تركي آل الشيخ
لتسجيل مقطع دعائي لمطعم ماكدونالدز رغم حملات مقاطعة للمنتجات الداعمة لإسرائيل.
ونحن
كما قال أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، لا نطالب هؤلاء
الحكام -لا سمح الله- بأن يرسلوا جيوشهم وطائراتهم ودباباتهم للدفاع عن غزة وتحرير
المسجد الأقصى، ولكننا ندرك أن لديهم الكثير من أوراق الضغط التي إذا أرادوا
استخدامها لأوقفت إسرائيل حربها المدمرة على غزة خلال ساعات قليلة.
إنني أتساءل حقا: هل يراجع هؤلاء الحكام أنفسهم؟ هل يستطيع أحدهم أن ينظر لنفسه في المرآة؟ هل يستطيع أن ينام مطمئنا وإخوانه في غزة يموتون من القصف والجوع والعطش والمرض؟
وليس
أدل على صحة كلامي من موقف الرئيس المصري الراحل محمد مرسي رحمة الله عليه، والذي
أعلن بكل صراحة أن العدوان الإسرائيلي على غزة في 2012 هو عدوان على مصر، وقرر فتح
معبر رفح بشكل كامل لإدخال المساعدات ونقل الجرحى والمصابين، بل أرسل رئيس وزرائه
هشام قنديل إلى غزة في رسالة تحد ودعم واضح لأهالي غزة.
إنني أتساءل
حقا: هل يراجع هؤلاء الحكام أنفسهم؟ هل يستطيع أحدهم أن ينظر لنفسه في المرآة؟ هل
يستطيع أن ينام مطمئنا وإخوانه في غزة يموتون من القصف والجوع والعطش والمرض؟ ألا
يخشى هؤلاء على أنفسهم من مصير بدر الدين لؤلؤ وابن العلقمي وغيرهم من الخونة؟
وأخيرا
أقول: "يا أهلنا في غزة لا ترفعوا أصواتكم بالنداء عليهم لنصرتكم، فمعظم حكام
العرب والمسلمين أموات والأموات لا تجيب النداء، وعند الله تجتمع الخصوم".