سياسة عربية

اليمن.. أيهما يسبق "اتفاق السلام" أم العودة إلى الحرب؟

يواصل الحوثيون عملياتهم ضد السفن المتجهة لموانئ الاحتلال الإسرائيلي- إعلام الحوثي
يواصل الحوثيون عملياتهم ضد السفن المتجهة لموانئ الاحتلال الإسرائيلي- إعلام الحوثي
يشهد اليمن أحداثا أكثر سخونة من ذي قبل، ففي ظل الجهود الجارية للتوصل إلى حل نهائي للحرب بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة بحرية جديدة متعددة الجنسيات لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة نحو إسرائيل، وهو أمر ينذر بتعقيدات قد تفشل التوقيع على أي اتفاق مرتقب.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة التي شنها الحوثيون على السفن.

ويضم التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، كلا من بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.

وأمام هذه التطورات، تثار أسئلة عدة من قبيل: أيهما سيسبق الاتفاق الذي تصر الرياض على إبرامه مع الحوثي أم العودة إلى مربع الحرب مع حشد الإدارة الأمريكية وحلفائها قواتها على أكثر من محور في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، بالتزامن مع تشديد الحوثيين على مواصلة عملياتهم ضد السفن الذاهبة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي؟

"هناك اتجاهان"
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والباحث اليمني في الشؤون الخليجية والإيرانية، عدنان هاشم إن الأمور تمضي في كِلا الاتجاهين، الولايات المتحدة شكلت قوتها البحرية من 10 دول، فيما السعودية -وحلفاؤها- مصممة على المضي قدما بشأن توقيع اتفاق سلام يخص اليمن.

وأضاف هاشم في تصريح خاص لـ"عربي21" أنه ورغم عدم معرفة ما إذا كانت القوة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة ستشن هجمات على الحوثيين في اليمن أو أنها ستقتصر على مرافقة سفن الشحن جنوب البحر الأحمر، إلا أن البنتاغون يبدو حذرا من توسيع رقعة الحرب إلى "باب المندب" ما سيجعل من الهجمات -إذا حدثت- أضعف من أن تؤدي بالحوثيين لمواجهة عسكرية بحرية.

واستبعد الباحث اليمني أن تفضي المشاورات الخلفية بين الحوثيين والبيت الأبيض إلى نتائج سريعة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، موضحا أن الحوثيين سيغامرون بالسمعة التي حصلوا عليها عربياً بمهاجمة السفن، ويغامرون بتثبيت مركزهم كمؤثر في محور المقاومة الذي تتزعمه إيران.

"السيطرة على سواحل اليمن"
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إن الهدف من تشكيل تحالف دولي هو توسيع قوة المهام المشتركة 153، وهي وحدة عسكرية تركز على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي مجموعة تضم 39 دولة ومقرها البحرين، ويتولى قيادتها الدورية ضابط في البحرية الأمريكية.

وأضاف الشجاع لـ"عربي21" أنه "سبق وأن صرح الرئيس الأمريكي جون بايدن بأن هذا التحالف ستتحمل كلفته الدول المحيطة بالبحر الأحمر، بما يعني أن الكلفة ستصب بشكل رئيسي على السعودية"، متسائلا بالقول: هل تحتاج مواجهة الحوثي إلى تحالف جديد، وماذا عن التحالف السابق؟
 
وأشار الأكاديمي والسياسي اليمني إلى أنه لم تعد تنطلي على المتابع العلاقة بين واشنطن والحوثي، في وقت أوقفت الأولى تزويد المملكة العربية السعودية بالسلاح وسحب قاعدة منظومة الصواريخ كروز من أراضيها، ومنعت التحالف الذي تقوده، من المضي قدما في تحرير محافظة الحديدة وتثبيت الحوثيين هناك رغما عن اتفاق ستوكهولم الذي نص على انسحاب الحوثيين وتسليم مينائها، غربي البلاد.

وقال الشجاع: "لن تشن الولايات المتحدة الأمريكية حربا على الحوثيين ولن يكون هناك سلام في اليمن"، مؤكدا أن "ما يجري هو تسليم الشواطئ والجزر اليمنية لإسرائيل ومجيء البوارج الحربية الأمريكية لقطع الطريق على الصين التي تتواجد من خلال قواعدها في جيبوتي ومن خلال طريق الحرير".

ولفت إلى أن أي اتفاق سيتم بخصوص اليمن سيكون لإطالة الحرب الداخلية بعيدا عن مصادر الطاقة وعن البحار.

"تجميد الاتفاق"
من جانبه، يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبد السلام محمد أن اختطاف السفن في البحر الأحمر والهجمات عليها من قبل الحوثيين يبدو أنها ستعرقل الاتفاق الذي ترعاه السعودية وعمان وقد يتم تأجيله.

وقال عبد السلام لـ"عربي21" إن هناك احتمالا كبيرا لتدخل الولايات المتحدة لتجميده لأن أي اتفاق سلام في اليمن يجب أن يتبعه اتفاقات فيما يتعلق بالأمن الإقليمي الذي يتعرض الآن لتهديدات خطيرة من قبل الحوثيين لا تسمح بتمرير اتفاق سلام معهم في اليمن.
 
وأردف قائلا: ولذلك، ستطالب طهران بتقاسمات في الخارطة الدولية الجديدة من خلال هذه العمليات التي ينفذها الحوثيون، وبالتالي تحقيق مكاسب كثيرة في أي اتفاق بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي بعدما خسرت وجودها في دعم المقاومة، ولذلك، دخلت من بوابة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

كما أوضح الباحث اليمني أن الحراك العماني فيما يخص "هجمات الحوثيين في البحر الأحمر" يعتمد على رغبة الجماعة في العودة خطوة إلى الوراء، وهو ما يبدو واضحا من تصريحات ناطقها، الذي يناور في تقبل وقف هذه الهجمات إدراكا منه بخطورتها.

لكنه قال إن الجماعة لها وجهة نظر أخرى وخصوصا القوى العسكرية التي يديرها الحرس الثوري الإيراني، والتي يبدو أنها ستواصل هذه الهجمات.

ولفت إلى أن أي عملية عسكرية ستقوم بها واشنطن وحلفاؤها، فإنها ربما قادرة على امتصاصها بل وتعطيها القدرة على التوسع إقليميا من خلال التواجد الأكبر في البحر الأحمر واستهداف ما منعوا من استهدافها في مضيق باب المندب مثل جزيرة ميون والمخا الاستراتيجية (غربي محافظة تعز قرب باب المندب) وربما السيطرة عليهما، وكذلك العودة إلى الهجوم على حقول النفط في صافر شرق مأرب (شرقا) وربما تنفيذ ضربات صاروخية نحو الأراضي الإماراتية واشتعال المعارك على الحدود مع السعودية.

"موقفنا لن يتغير"
وردا على التحركات الأمريكية، قال القيادي في الجماعة وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام في حديث لوكالة "رويترز"، إن "أنصار الله لن تغير موقفها من الحرب على غزة بسبب تشكيل التحالف".

وأضاف أن التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة "لا داعي له أساسا"، وأن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى إسرائيل، بسبب "الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة".

من جهتها، قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري اليوم الثلاثاء إنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة للصعود على متن سفينة على بعد 17 ميلا إلى الغرب من مدينة عدن الساحلية باليمن، مضيفة أن الهجوم لم ينجح وأن جميع أفراد الطاقم بخير.

وأوضحت في مذكرة: "تلقت سفينة في المنطقة المجاورة اتصالا عالي التردد من سفينة ’تتعرض لهجوم قرصنة’ في الموقع. وبعد نصف ساعة، وصلت طائرة... إلى مكان الواقعة لتمشيط المنطقة".
التعليقات (0)