يعيش الفلسطينيون المسيحيون من أهالي قطاع
غزة أجواء الأعياد تحت وطأة عدوان إسرائيلي مدمر خلّف نحو 21 ألف شهيد، ودمارا شاملا طال المساجد والكنائس، ووضعا إنسانيا مأسويا.
وأقام الغزّيون المسيحيون "قداس الميلاد" في كنيسة "العائلة المقدسة" للكاثوليك في القطاع، وقد بدت فيه الأجواء باهتة والوجوه شاحبة ومتعبة.
وأكد المشاركون في الاحتفال أن فرحة العيد غابت هذا العام عن الاحتفالات، بل خيم عليها الحزن جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع بمختلف مكوناته.
وقال جورج أنطون، المدير الإداري لكاريتاس القدس، الذي لجأ إلى كنيسة العائلة المقدسة مع زوجته وأطفاله: "لا نريد أن تصبح الكنيسة كومة من الأنقاض... الكنيسة هي حجر الزاوية في وجودنا كمسيحيين في غزة".
بدوره، أدان القس منذر إسحاق، أولئك الذين التزموا الصمت في مواجهة الفظائع الإسرائيلية في قطاع غزة ، وحث العالم على "وقف هذه الإبادة الجماعية" خلال قداس في كنيسة عيد الميلاد اللوثرية في الضفة الغربية المحتلة.
وقال : "نحن، الفلسطينيين، سوف نتعافى، لكنْ أولئك المتواطئون، أشعر بالأسف من أجلكم، هل ستتعافون من هذا؟ أين كنتم عندما كانت غزة تمر بالإبادة الجماعية؟ لن نقبل اعتذاركم أبدًا بعد ذلك".
وفي
بيت لحم غابت مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد في مدينة بيت لحم ولم توضع شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد، واستبدلت بها مجسمات تلفت النظر إلى العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة.
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانًا ثمنت فيه موقف المسيحيين الفلسطينيين باقتصار احتفالاتهم بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية على الشعائر الدينية.
اظهار أخبار متعلقة
وقالت الحركة في بيانها: "تأتي أعيادُ أبناء شعبنا المسيحيين هذا العام، في ظلّ عدوان فاشيٍّ مستمر، يشنّه الاحتلال النازي على كافة مكوّنات شعبنا الفلسطيني، مستهدفًا كلّ مقدّراته ومساجده وكنائسه، ووجوده على أرضه، مرتكبًا جرائم مروّعة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلًا، وسط صمت وتواطؤ دولي تقوده الإدارة الأمريكية، الشريكة في هذه الجرائم والانتهاكات".
وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو أسبوع سيدتين هما ناهدة خليل بولس أنطون وابنتها سمر كمال أنطون اللتين تنتميان للطائفة المسيحية الكاثوليكية داخل كنيسة "العائلة المقدسة" في القطاع برصاص قناص إسرائيلي.
ولفت هذا الاغتيال أنظار العالم إلى هذه الطائفة الصغيرة في غزة التي تبلغ نحو ألف شخص ولم تسلم، حالها حال كل المكونات في القطاع من العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة.
وأصدرت البطريركية اللاتينية في القدس حينها بياناً جاء فيه: "ظهيرة يوم 16 كانون الأول اغتال قناص من الجيش الإسرائيلي سيدتين مسيحيتين داخل رعية العائلة المقدسة في غزة حيث لجأت غالبية العائلات المسيحية منذ بداية الحرب".
وأضاف البيان: "استُشهدت ناهدة وابنتها سمر رميا بالرصاص أثناء ذهابهما إلى دير الراهبات" من دون تحديد سنيهما، فيما نقلت وكالة أنباء الفاتيكان عن الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بطريرك القدس اللاتيني، أن الضحيتين "امرأة مسنة وابنتها".
وقبيل منتصف ليلة عيد الميلاد في الأراضي المقدسة، قال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن ما لا يقل عن 70 شخصا قتلوا بغارة جوية "إسرائيلية" على وسط قطاع غزة.
ونشر موقع "ميدل إيست آي" الإخباري، تصريحات لأحد المسيحيين الفلسطينيين، واسمه همام فرح، يقول فيها إنه فقد العديد من أقاربه جراء العدوان الإسرائيلي.
وأشار فرح إلى أن المسيحيين في قطاع غزة من أقدم المجتمعات المسيحية على الأرض، وأكد أنهم يواجهون خطر الإبادة في الوقت الراهن.
وأكد أن ثلاثة آلاف مسيحي كانوا يعيشون في غزة قبل حصار "إسرائيل" للقطاع، وهذا العدد تراجع إلى حوالي 1000 شخص في السنوات الأخيرة بسبب "الظروف اللاإنسانية" في القطاع، وعاد ليتناقص بعد العدوان الأخير.
ونقل موقع "الحرة "عن متري الراهب قوله: "أعتقد أن المجتمع المسيحي لن ينجو من هذه الفظائع".
وكانت قوات الاحتلال قد قصفت كذلك كنيسة "القديس بورفيريوس" ما دفع بعض العائلات إلى الانتقال نحو كنيسة "العائلة المقدسة".