ثلاثة أشهر تقريبا،
عجزت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي عن تحقيق أي نصر فعلي وفق ما خُطط له وأعلن
عنه بما يتعلق بقطاع غزة وقياداته، بل إنها منيت بهزائم ميدانية واقتصادية لم تكن تتخيلها من قبل.
وتعطشت تل أبيب
منذ بدء إبادتها الجماعية، إلى عملية اغتيال تطال أحد رجالات حماس من ذوي النفوذ
المعنوي والعسكري خاصة ضمن صفوف المقاومة، ولم تترك سبيلا تدميريا إلا وسلكته، حتى أنها استخدمت أرطالا من
المتفجرات توازي قنبلة نووية، لكنها فشلت حتى نهاية العام 2023 من الظفر بهكذا
فرصة ذهبية، لتتنفس الصعداء من خلالها إعلاميا على الأقل، وهو ما أجبرها على
التراجع وسحب ألوية من داخل قطاع غزة في خطوة قُرأت أنها بداية مرحلة ثالثة للعدوان.
وفي اليوم الثاني
من العام الجديد، الذي صادف 2 كانون الثاني/ يناير 2024، قام الاحتلال الإسرائيلي
بتنفيذ عملية اغتيال داخل الأراضي اللبنانية، استطاعت أن تغتال فيها الرجل الثاني
في حماس، صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
شن الاحتلال
الإسرائيلي هجوما بمسيرة على مكتب تابعة لحماس في الضاحية الجنوبية للعاصمة
اللبنانية بيروت، أسفرت عن استشهاد العاروري وعدد من القياديين في الحركة.
اظهار أخبار متعلقة
وقالت الوكالة
الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، إن طائرة مسيّرة إسرائيلية قصفت مكتبا لحركة
المقاومة الفلسطينية "حماس" في الضاحية الجنوبية لبيروت، مضيفة أن
الضربة أسفرت عن استشهاد عدد من الأشخاص بينهم قيادات بـ"القسام"، فيما
أصيب آخرون.
"خرق لقواعد الاشتباك سيقابله
رد مزلزل"
وفي تعليقه على حادث اغتيال العاروري، أكد الباحث في شؤون غرب آسيا ربيع غصن، أن التطور
الذي حصل على الساحة اللبنانية يعتبر "تصعيدا خطيرا في مجال الأحداث والوقائع
التي تجري في المنطقة".
وأضاف لـ"عربي21":
"التصعيد الصهيوني باستهداف شخصية فلسطينية بارزة في المقاومة خرق لقواعد
الاشتباك خصوصا بعد تحذير أمين عام حزب الله قبل ذلك للاحتلال الإسرائيلي من استهداف شخصيات
داخل لبنان".
يذكر أن حسن نصر
الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، قد حذر في خطاب متلفز قبل أسابيع، من أن
"أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيا أو فلسطينيا أو إيرانيا أو
سوريا وغيرهم، سيكون له رد الفعل القوي ولا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تحمله ولن
نسمح أن تفتح ساحة لبنان من جديد للاغتيالات".
اظهار أخبار متعلقة
ورأى أن الحرب
"دخلت واقعا جديدا في المرحلة الحالية"، مشددا على أنه "سوف يكون
هناك رد لحزب الله على إسرائيل، وكذلك رد من نوع آخر لفصائل فلسطينية في غزة على
هذا الاعتداء".
وتابع غصن: "دخلنا
مرحلة جديدة من حيثيات الاستهداف، وتطورا خطيرا على مجرى وقائع الحدود الشمالية لفلسطين
المحتلة".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن رد
حزب الله "لن يكون بعيدا، وسيكون غير عادي ومزلزل واستراتيجيا في مجرى الأحداث
الحاصة في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا والعراق والبحر الأحمر"، حسب قوله.
وبيّن الباحث
اللبناني أن "هذا التطور سوف يأخذ المنطقة إلى حيث يريد الإسرائيلي ولا يريده
الأميركي".
الرد قد لا يُحصر
في لبنان
ويرى الكاتب الصحفي
والمحلل السياسي اللبناني، إبراهيم حيدر، أن "إسرائيل باغتيالها العاروري في قلب بيئة حزب
الله تجاوزت الخطوط الحمراء، لأن نقل المعركة مع حركة حماس وضد الشعب الفلسطيني
إلى بيروت، يعد تطورا خطيرا يمكن أن يؤدي إلى تغيير في مسار المواجهة القائمة على
خط الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة".
وأوضح لـ
"عربي21"، أن "الاغتيال مؤشر على أنه قد يدفع حزب الله إلى الرد
سواء من الجنوب اللبناني أو بأشكال أخرى"، مستبعداً أنه "قد يؤدي إلى
فتح الجبهة الحدودية بالكامل لأن لها اعتبارات إقليمية يمكن أن تؤدي إلى حرب كبرى".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت إلى أن
"العمليات التي تحصل على خط الجنوب قد تأخذ مسارا آخر خلال عملية الرد، أو قد
يكون الأخير له سياق آخر، في منطقة أخرى خارج لبنان، سواء في سوريا أو العراق أو
اليمن"، وفق رأيه.
ونوه حيدر أن
العملية تعتبر من جانب آخر "رسالة لحزب الله بأن الاحتلال قادر على ضرب قلب
بيروت واغتيال شخصيات معينة".
ومضى يقول: "المواجهة
في الجنوب، والتي كانت بعنوان مساندة غزة، كانت تدور ضمن قواعد اشتباك منضبطة،
تتوسع أحيانا وتخفت في أخرى، لكن الاحتلال كان تصعيده واضحا وكانت طائراته تضرب
مناطق بعيدة عن الخط الدولي (منطقة الليطاني)، وكذلك حزب الله رد في عن طريق
الصواريخ لمناطق داخلية بفلسطين المحتلة".
اظهار أخبار متعلقة
وحول احتمالية رفع
مستوى الذخيرة، قال المحلل السياسي اللبناني "كل الاحتمالات واردة اليوم بشأن
استخدام أسلحة أشد فتكا، خصوصا أن القدرات العسكرية لم تستخدم بشكل كلي في الحرب".
وجدد تأكيده أن ما
حصل في الضاحية الجنوبية "شكل من أشكال الاستراتيجية الجديدة للحرب الإسرائيلية،
ومفصل لشكل الحروب المقبلة، خاصة أن تل أبيب أخفقت في تحقيق أهدافها المعلنة في غزة
وكسر حركة حماس بالكامل رغم الدمار الهائل والإجرام".
"لبنان الحلقة الضعيفة"
وبشأن الدافع الذي
يقف وراء اغتيال العاروري، قال لـ "عربي21" إن "إسرائيل أمام مأزق اليوم لذا تحاول أن
تغير استراتيجية حربها مع حماس، ورأت من وجهة نظرها أن لبنان هو الحلقة الضعيفة، بمعنى
التي يمكن أن تغتال فيها قيادات معينة".
حول احتمالية
إبعاد قيادات حماس الأخرى، مثل أسامة حمدان خارج لبنان، علق عبر "عربي21" على الأمر بالقول:
"القيادات لا تستطيع الخروج من لبنان، في ظل التهديدات القائمة، وربما تتخذ اجراءات
أمنية أو إخفاء للحفاظ على حياتهم، لكن للأسف تمكن الاحتلال من استهداف الهدف
الرئيسي ذي المكانة في حماس وهو صالح العاروري".
ومن جهة أخرى،
بيّن أن ردود الفعل حول حادث الاغتيال قد تكون عربية لكنها لن تكون ذو فعالية خاصة
أنها التزمت الصمت أمام الجرائم المرتكبة في غزة، علما أن الاستهداف حصل في منطقة
سكنية تمر من خلالها مروريا إلى قلب العاصمة بيروت.
وخلص إلى أن "فتح جبهة لبنان يعني حرب في المنطقة بأسرها وهو ما كانت الولايات المتحدة تتجنبه".
اظهار أخبار متعلقة
تأهب إسرائيلي لرد
محتمل
وقال مسؤول في
دولة الاحتلال إسرائيلي، الثلاثاء، إن حكومته "تستعد لرد انتقامي كبير" من
حزب الله اللبناني، على اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت.
ونقل موقع
"والا" العبري عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "إسرائيل تستعد
لرد انتقامي كبير من قبل حزب الله على اغتيال العاروري، بما في ذلك إطلاق صواريخ
بعيدة المدى على أهداف في إسرائيل".
ولم تعلن الحكومة
الإسرائيلية رسميا مسؤوليتها عن الاغتيال.
وقالت هيئة البث
الإسرائيلية: "تستعد إسرائيل للرد في أعقاب عملية الاغتيال الدراماتيكية
الليلة، على جميع الجبهات".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أنه تم
الغاء اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية
"الكابينت" الذي كان سيبحث اليوم التالي للحرب في غزة.
يأتي ذلك في وقت أكدت
الفصائل الفلسطينية بأول تعليق لها على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة
حماس صالح العاروري، أن المقاومة تزداد قوة وثقة في النصر والتحرير،
وأن هذه الجريمة أثبتت فشل العدوان في غزة، داعية للرد على الاحتلال، والاستنفار على كل الجبهات والساحات، وإعلان
الحداد الوطني والإضراب الشامل.