قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية في تقرير لها، إن المستوطنين في
الضفة الغربية يمثلون أكبر العقبات أمام حل الدولتين، داعية الإدارة الأمريكية إلى ردعهم.
وأصدار الرئيس الأمريكي جو بايدن، مطلع الشهر الجاري، أمراً تنفيذياً يفرض بموجبه عقوبات على الأشخاص الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية، وأبدى
المستوطنون استهزاء بهذا القرار.
وقالت
المجلة، إنه في البداية حاول المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية الاستهزاء
بالأمر التنفيذي، وتلاشت الضحكة عندما بدأت البنوك الإسرائيلية بحظر حسابات
المستوطنين المستهدفين بنظام العقوبات الأمريكي.
وتعهد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو نفسه مستوطن قومي متطرف، بمنع المؤسسات
المالية من تنفيذ العقوبات، لكن قوته في هذه المسألة لا تذكر، بحسب وصف "الإيكونوميست".
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت
المجلة عن أحد كبار المصرفيين قوله: "إذا كان أي شخص يعتقد أنه من أجل حسابات
عدد قليل من المستوطنين، فستكون البنوك الإسرائيلية على وشك تعريض وصولها إلى
النظام المالي العالمي الذي يسيطر عليه الأمريكيون للخطر، فهو سيواجه صحوة
قاسية".
طلقة
تحذيرية.. والهدف نتنياهو
ويصف
بايدن نفسه بأنه "صهيوني" وقد دعم "إسرائيل" إلى أقصى حد منذ هجوم حماس،
لكن هذا الأمر هو علامة على أن صبره تجاه ائتلاف بنيامين نتنياهو المتشدد بدأ
ينفد.
وبحسب
المجلة، فإن المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، هم من بين أكبر العقبات التي
تعترض خطط أمريكا الطموحة للسلام.
اظهار أخبار متعلقة
وحتى
الآن، لم تطل العقوبات سوى 4 مستوطنين صغار إلى حد ما، متهمين بارتكاب أعمال عنف
ضد الفلسطينيين.
لكن
صياغة الأمر الرئاسي لا تترك مجالاً للشك في أن شخصيات أكبر، من ضمنها وزراء، يمكن
أن تتأثر.
ويقول
مسؤول إسرائيلي مشارك في المحادثات مع الأمريكيين: "إنها طلقة تحذيرية والهدف
هو نتنياهو"، بحسب المجلة.
ويبدو
أن بايدن يحاول دق إسفين بين المستوطنين وبقية "إسرائيل"، ما يترك لنتنياهو الخيار بين التخلص من شركائه المسمومين والغرق معهم، وفق تقرير "الإيكونوميست".
اظهار أخبار متعلقة
قوتهم
ليست في عددهم
ووفق
المجلة، فإن من بين 10 ملايين إسرائيلي، يعيش نحو 460 ألف مستوطن في الضفة الغربية، من
دون شرق القدس، ويعيش معظمهم في مستوطنات بالقرب من حدود ما قبل 1967 حيث يتم
إغراؤهم بالسكن الرخيص، ومن المفترض في أي اتفاق سلام أن يتم استيعاب هذه
"الكتل الاستيطانية" في "إسرائيل"، بالمقابل، ستؤول قطع من الأراضي
الموجودة حالياً داخل "إسرائيل" إلى الدولة الفلسطينية الجديدة ضمن عملية المبادلة.
لكن
الأمر الأكثر إشكالية، وفق مجلة الإيكونوميست، فهو المستوطنات الأصغر حجماً
الموجودة في عمق الضفة الغربية والتي يتعين تفكيكها، ومعظم سكانها هم من أصحاب
الأيديولوجيات الدينية المتطرفة الذين يشكلون أقل من 2% من سكان "إسرائيل"، لكنهم
يتمتعون بدعم كبير، إذ حققت الأحزاب التي تمثلهم أداء جيداً في انتخابات 2022، ما
ساعد نتنياهو على العودة إلى منصبه، وهو يعتمد عليهم في الحفاظ على أغلبيته.
اظهار أخبار متعلقة
ازدواجية
نتنياهو
وكانت
قوتهم واضحة، في 28 كانون الثاني/ يناير، عندما حضر 12 وزيراً مؤتمراً في القدس دعا
إلى إعادة إنشاء مستوطنات يهودية في قطاع غزة بعد الحرب.
وقال
نتنياهو إن هذا "غير واقعي" ووعد بأنه ليس لدى "إسرائيل" أي نية للقيام
بذلك، لكنه لم يمنع وزراء من داخل حزبه الليكود من حضور المؤتمر، حيث دعا
المتحدثون إلى إعادة احتلال غزة وتهجير 2.3 مليون فلسطيني يعيشون هناك.
وحتى
بعد هجوم حماس، فإن ربع اليهود الإسرائيليين فقط يؤيدون مثل هذه الخطة، بحسب استطلاع
للرأي أجري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وفق المجلة.
اظهار أخبار متعلقة
لكنّ ممثلي المستوطنين الذين يقومون بتسجيل عائلاتهم للاستقرار في هذه البؤر الاستيطانية
الجديدة أثبتوا باستمرار قدرتهم على تحريك سياسة الحكومة في الضفة الغربية
لمصلحتهم.
ولأكثر
من نصف قرن، ظلوا يتحدون الحكومات، بما فيها تلك اليمينية، من خلال البناء في عمق
الضفة الغربية والحصول في نهاية المطاف على دعم حكومي بأثر رجعي.
اظهار أخبار متعلقة
شرط
لفرصة السلام
ويتخبط
نتنياهو الآن في استطلاعات الرأي، وإذا أجريت الانتخابات قريباً فمن شبه المؤكد
أنه سيخسر السلطة، وفق ما ذكرت "الإيكونوميست".
لكن
حتى من دون أنصارهم في الحكومة، فسيظل المستوطنون يشكلون قوة في السياسة وعلى
الأرض، إذ يخدم العديد منهم في وحدات قتالية ويشاركون بشكل كبير في الحرب في غزة، وسيجادلون
بأن تضحياتهم ستهان إذا تعرضت منازلهم في الضفة الغربية للتهديد، وسيتردد صدى هذا
الأمر لدى العديد من الإسرائيليين، حتى أولئك الذين ليسوا في معسكرهم السياسي.
وبالنظر
إلى التجارب السابقة، فإن البعض سيحاولون عرقلة أي تنازلات للفلسطينيين بواسطة العنف.
اظهار أخبار متعلقة
وبتشجيع
من أنصار الحكومة وتسليحهم، فقد قتل المستوطنون ما لا يقل عن 10 فلسطينيين في 2023، بحسب تقرير صادر عن منظمة "ييش دين" الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
وتختم
المجلة بأنه "إذا بدا إنشاء دولة فلسطينية أكثر احتمالاً فإن عنف المستوطنين
سيتزايد، وإذا كانت واشنطن ترغب بدفع السلام فلا بد لها أن تواجه تهديد المستوطنين،
إذ لا تظهر حكومة نتنياهو اهتماماً بذلك. وحتى حكومة وسطية، فإنها قد تجد صعوبة في
مواجهة المستوطنين".