أحيا العالم يوم الاثنين 26 شباط/ فبراير، اليوم العالمي للتضامن مع الصحفيين
الفلسطينيين، وجاءت هذه الذكرى في وقت يتعرض فيه صحفيو قطاع
غزة كغيرهم من الفلسطينيين إلى عدوان إسرائيلي شرس وحملة ممنهجة ضدهم.
واستشهد خلال الحرب الحالية على قطاع غزة 130 صحفيا فلسطينيا، إضافة إلى استشهاد عوائل الكثير منهم، وهم الآن وتحديدا في شمال القطاع يعانون من الجوع وعدم توفر بيئة عمل آمنة لهم، وتتم ملاحقتهم عبر القتل والتهديد والاعتقال.
ولتسليط الضوء على معاناة الصحفي الفلسطيني التقت "عربي21" بمسؤولي هيئات صحفية دولية، أكدوا أن هناك تعمدا لاستهداف الصحفيين في قطاع غزة بشكل مباشر، وفقا للأدلة وشهادة شهود العيان.
استهداف متعمد
نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين، تيم داوسون، أكد أن "هناك كارثة رهيبة حلت بالصحفيين في غزة، حيث إن معدل الوفيات بينهم أعلى بكثير من معدل الوفيات بين الصحفيين في معظم الحروب".
وتابع داوسون خلال حديثه لـ"عربي21" بالقول إنه "فقد أكثر من عشرة في المائة من الصحفيين حياتهم، مقارنة بأقل من ثلاثة في المائة بقليل من العاملين في مجال الصحة، وليس هذا فحسب، بل إنه لم يُسمح للمراسلين الدوليين بدخول غزة".
وأوضح أن "الدليل الوحيد الذي يملكه هو شهادة الصحفيين الغزيين الذين تحدث معهم، وهم يعتقدون، بما لا يدع مجالاً للشك، أنهم مُستهدفون من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي".
ولفت إلى أن "معدل قتلى الصحفيين الفلسطينيين في غزة مرتفع للغاية لدرجة أنه حتى بدون وجود أدلة فعلية على الأرض، فإن لدى إسرائيل قضية يجب الرد عليها".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد داوسون أنه "يحيي شجاعة والتزام الصحفيين في غزة، الذين لا يزالون يمثلون عيون وآذان العالم، ويوثقون ما يحدث لمنازلهم ومجتمعاتهم".
وحول ماذا قدم وماذا سيقدم الاتحاد الدولي للصحفيين إلى صحفيي القطاع قال دواسون: "قام الاتحاد بدعمهم، حيث إنه قام بجمع الأموال من الصحفيين في جميع أنحاء العالم ووجهها إلى غزة من خلال نقابة الصحفيين الفلسطينيين".
وأضاف: "يمكننا أن ندعمهم بأفضل ما نستطيع، ونزودهم بالمعدات الطبية والملابس والخيام والطعام، ونحن مستمرون في إثارة قضيتهم في المحكمة الجنائية الدولية، ونمارس ما في وسعنا من ضغط على الحكومات الغربية للتدخل".
ولفت إلى أن "الاتحاد الدولي للصحفيين سافر إلى الضفة الغربية وسعى إلى عقد اجتماعات مع الحكومة الإسرائيلية، لكنها لم ترد عليهم، ولم يتمكن الاتحاد من الدخول عبر معبر رفح، كما أن هناك العديد من الصحفيين المعسكرين هناك، الذين يحاولون المرور كل يوم، وهو يتحدث بانتظام مع الصحفيين في غزة والضفة الغربية".
عدد شهداء الصحافة في غزة الأعلى في التاريخ الحديث
فران ماروفيتش مدير المعهد الدولي للصحافة، قال إنه "شعر بالصدمة والرعب من استمرار استهداف وقتل الصحفيين من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية، حيث إن عدد الصحفيين القتلى في غزة أكبر من الذين قتلوا في أي صراع منفرد في التاريخ الحديث، وهذه كارثة مطلقة على سلامة الصحفيين في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم أيضا".
وأوضح ماروفيتش خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "المجلس التنفيذي للمعهد الدولي للصحافة، والذي يتكون من 25 عضوا من أبرز المحررين من جميع أنحاء العالم، قد أصدر بيانا يدين عمليات القتل هذه ويدعو السلطات الإسرائيلية إلى وقف عمليات قتل الصحفيين".
وقال إن "المعهد الدولي للصحافة يعرب عن تضامنه كشبكة عالمية مع الصحفيين الفلسطينيين الذين ما زالوا يواجهون هذه الهجمات المروعة".
وأشار إلى أن "هناك أدلة على أن العديد من الصحفيين الفلسطينيين يتم استهدافهم بشكل مباشر بسبب عملهم كصحفيين، ونحن نعرف حالات لم يكن فيها أي أشخاص آخرين في المنطقة عندما تعرض
الصحفيون للهجوم".
وأضاف: "نعرف حالات تمكنت فيها الطائرات بدون طيار الإسرائيلية والتي استخدمت لمهاجمة الصحفيين من رؤيتهم والتعرف عليهم بوضوح، لأن العديد منهم إن لم يكن جميعهم، يرتدون رمز الصحافة والسترة الواقية للصدر، وكان هذا بمثابة إشارة إلى أن هذا صحفي ويجب حمايته، ولكن لم يعد الحال هكذا اليوم".
ولفت إلى أنه "يتم استهداف الصحفيين ومهاجمتهم حاليا، ويمكن اعتبار ذلك جريمة حرب، لأنه بموجب القانون الدولي، وبموجب قواعد قانون الحرب وبموجب اتفاقيات جنيف، فإن الصحفيين هم مدنيون، والهجمات المُتعمدة والمُستهدفة لهم هي جرائم حرب ويجب التحقيق فيها على هذا النحو".
وتابع: "ولهذا السبب ندعو أيضًا الهيئات القانونية الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلى إجراء تحقيق كامل وشامل في جميع الهجمات وعمليات قتل الصحفيين وإبداء رأيها في هذا الوضع الفظيع".
اظهار أخبار متعلقة
يُذكر أن قطاع غزة وسكانه يتعرضون لعدوان شرس منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث يتم قصف المدنيين بشكل يومي، وجرى اعتقال الآلاف منهم والتنكيل بهم على الحواجز العسكرية التي نصبها
الاحتلال الإسرائيلي داخل أراضي القطاع.
واتبع الاحتلال سياسة التجويع ضد مواطني قطاع غزة، ومنع إدخال المواد الغذائية الأساسية، وخاصة إلى شمال القطاع ما تسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية وحدوث مجاعة نتج عنها عدد من الوفيات.
ومع وصول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى يومه الـ144، فقد وصلت حصيلة الضحايا إلى نحو 100 ألف بين شهيد وجريح، وقد ارتقى 29 ألفا و878 شهيدا، إلى جانب إصابة 70 ألفا و215 جريحا، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان، أن جيش الاحتلال ارتكب 11 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة، أسفرت عن 96 شهيدا و172 مصابا، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وجددت الوزارة تأكيدها أنه ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، وتمنع قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم، ما تسبب في تحلل جثث الضحايا، الأمر الذي قد يزيد من فرص انتشار الأوبئة في القطاع.