تنتظر رئيس وزراء السلطة الفلسطينية الجديد، محمد مصطفى، ملفات شائكة ومعقدة، في ظل ظروف استثنائية تشهدها القضية الفلسطينية، بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
والملفات التي تنتظر رئيس حكومة السلطة الجديد كثيرة، لكن أبرزها اقتصادية، تبدأ من إعادة إعمار غزة ولا تنتهي بتنفيذ إصلاحات اقتصادية
ومالية في القطاع العام.
إعادة إعمار غزة
وبينما تواصل آلة
الحرب الإسرائيلية بكل قوتها، العمل في قطاع غزة للشهر
السادس على التوالي، فإن نحو 60 بالمئة من المرافق السكنية في القطاع لم تعد صالحة
للاستخدام الآدمي.
كذلك، تعرض اقتصاد القطاع، والذي تبلغ قيمة ناتجه المحلي قرابة الخمسة مليارات
دولار، لتدهور حاد بسبب الحرب القائمة، التي تسببت في أكثر من 31 ألف شهيد، و80 ألف
جريح، وأكثر من مليوني نازح.
وكان رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى، قد شارك في أعمال منتدى دافوس في
يناير الماضي. وخلال جلسة له، فإنه قدّر كلفة إعادة إعمار المرافق السكنية في غزة بنحو 15
مليار دولار على الأقل.
وإلى جانب إعادة الإعمار، فإن الحكومة المقبلة، ستكون على موعد مع استعادة
زخم اقتصاد الضفة الغربية الذي يبلغ ناتجه المحلي 16 مليار دولار.
وتراجع الاقتصاد الفلسطيني بحدة في فترة الربع الأخير 2023، بنسبة تتجاوز الـ20 بالمئة، وسط تراجع الإيرادات المالية المجباة محليا، وفق وكالة الأناضول.
اظهار أخبار متعلقة
حل أزمة فاتورة الأجور
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، يتسلم الموظفون العموميون في فلسطين (147 ألف موظف
مدني وعسكري)، أجورا منقوصة، بسبب عدم قدرة الحكومة على تحقيق إيرادات مالية
تكفي كامل فاتورة الأجور.
وتبلغ فاتورة أجور الموظفين العموميين، نحو 160 مليون دولار شهريا، يضاف لها
120 مليون دولار أخرى شهريا، تمثل أجور المتقاعدين، وأشباه الرواتب (مخصصات الأسرى
وذوي الشهداء والجرحى ومخصصات أخرى)، دون احتساب النفقات التشغيلية وسداد أقساط
القروض المستحقة وفوائدها ومستحقات للقطاع الخاص، ليكون مجمل الإنفاق الشهري 400
مليون دولار.
في المقابل، يبلغ مجمل الدخل الفلسطيني -باحتساب أموال المقاصة- قرابة الـ380
مليون دولار، ما دفع الحكومة منذ نوفمبر 2021 إلى صرف 80 بالمئة من الراتب الشهري.
اظهار أخبار متعلقة
حل أزمة المقاصة
اليوم تعاني الحكومة الفلسطينية للشهر السادس على التوالي من أزمة مقاصة مع "إسرائيل"، بدأت منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وقرار وزير المالية الإسرائيلي
بتسلئيل سموتريتش، اقتطاع حصة غزة من أموال المقاصة.
وتبلغ حصة غزة قرابة الـ75 مليون دولار من إجمالي المقاصة البالغة 220 مليون
دولار شهريا.
وتقوم "إسرائيل" بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات
الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتسميها "أموال المقاصة"، بمتوسط شهري
220 مليون دولار.
وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها،
وبدونها لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه فاتورة الأجور، وتجاه نفقات
المؤسسات الحكومية.
وإلى جانب المبلغ المقتطع المخصص لغزة، فإن "إسرائيل" تقتطع ما تقول إنها ديون
شهرية على الفلسطينيين لصالح شركات مياه وكهرباء ومشاف وغرامات، وأقساط قرض حصلت
عليه الحكومة الفلسطينية من "إسرائيل"، ومقابل ما تقدمه الحكومة الفلسطينية للجرحى
والأسرى من مخصصات، بمجموع كلي 60 مليون دولار.
وبذلك، يكون إجمالي الاقتطاع من أموال المقاصة، قرابة الـ135 مليون دولار شهريا
على الأقل.
اظهار أخبار متعلقة
استعادة ثقة المانحين
ومنذ عام 2017، بدأت المنح الخارجية الموجهة للجانب الفلسطيني، لمتوسط سنوي
يبلغ 1.1 مليار دولار تتراجع على نحو حاد، بقيادة الولايات المتحدة، والدول
العربية.
واليوم يبلغ متوسط الدعم الخارجي لفلسطين قرابة الـ350 مليون دولار سنويا، 80
بالمئة من قيمة هذا الدعم قادمة من الاتحاد الأوروبي، والنسبة المتبقية من البنك
الدولي ومانحين منفردين.
وكان المانحون يتهمون السلطة الفلسطينية بعدم الشفافية، ما دفع جزءا منهم إلى خفض المنح، وآخرون أوقفوها، بينما أوقفت الولايات المتحدة المنح بناء على قرار من
الكونغرس عام 2017، عندما كان الرئيس دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
أما المانحون العرب بصدارة السعودية، فلم يوضحوا صراحة سبب تعليق المنح
والمساعدات الموجهة للحكومة الفلسطينية، ما أوقع الأخيرة في أزمة مالية متصاعدة.