أحمد بن نعمان
إذا كان الزمان غير الزمان فالإنسان هو الإنسان وفريضة الدفاع عن
النفس والأرض والعرض لا تسقط عنه إلى يوم الدين. وسنة التدافع بين الناس
والحضارات والقيم تجعل دوام الحال من المحال ولو دامت للأولين لما دانت للآخرين!؟ وأن الكيل بمكيالين
في حقوق الإنسان من القائمين على مجلس الأمن المخيف هو سبب كل الخلل في المعايير
والموازين وهذا الدمار المبين..
وفي
تاريخ الحروب والثورات التحريرية العظمى دروس للمعتبرين وأن
الذكرى قد تنفع حتى البغاة والعصاة
والطغاة فضلا عن المؤمنين!!
وبمناسبة إحياء
الجزائر للذكرى التاسعة والستين لثورة القرن العشرين بدون منازع في الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر 1954) وربطا
بما تصادفه إحياء هذه الذكرى من أحداث جسام جارية في الساحة والساعة الدولية عرفنا
إرهاصات بدايتها ولا نعرف نهايتها بعد.. نود أن نذكر المعتبرين بدروس التاريخ الحي
الذي عشناه في هذه الثورة لحما ودما وجهادا و"استشهادا" لما يزيد عن
السبع سنين مماثلة لما يراه العالم على المباشر يوميا من أهوال الحرب غير المتكافئة بين الحق والباطل في معركة
الأحزاب الثانية في فلسطين الحالية والتاريخ بيننا يبقى دائما الشاهد الأمين على
المحسنين والمسيئين والظلمة والمجرمين وأصحاب الحق المغتصب الذي لا يسترجع إلا
غلابا وافتكاكا باليمين وتلك هي سنة الله في الأولين والآخرين.
تأتي ذكرى هذا العام مشحونة بكثير من الآلام المبرحة والآمال العريضة
في الوقت ذاته وهي تصادف قمة الثورة الجهادية الوريثة الشرعية لها في معركة الأقصى
بشقيقتها الصغرى فلسطين.
لقد عايشت تلك الثورة
الجهادية كابن شهيد ومجاهد في صفوف جيش تحريرها حتى توقيف القتال وتقرير المصير
والاستقلال وكنت شاهدا على كثير من مجرياتها المفرحة والمقرحة بورودها وأشواكها؛
بأفراحها بانتصاراتها وأقراحها بالإحباطات والتقلبات والخيانات التي اعترضت
مسيرتها الطولية إلى النصر المبين!
ومن مميزاتها أن يوم انتصارها وتحقيق الاستقلال سنة 1962 كان هو يوم
ذكرى الغزو والاحتلال سنة 1830 مما يعني أن كل استقلال قد يحمل بذور احتلال كما أن
كل احتلال يحمل بذور استقلال إذا بقي عزم الرجال كما كان واقع الحال.
وإدراكا مني بما للثورة الجزائية من أوجه شبه وتطابق أحيانإ مع ما
يجري في فلسطين هذه الأيام، إلى درجة التوأمة (السيام) بين الثورتين وخاصة من
جهة نوعية الاستيطان وفصيلة المستوطنين أنفسهم خلفا عن
سلف.. والدليل على ذلك هي آلاف القوافل من شهداء المغرب العربي الكبير المدفونين في القدس الشريف على مر
التاريخ الإسلامي للأمة عندما كانت أمة
حرة حتى تحت الاحتلال الأجنبي الخارجي
(الأرحم مع الأسف من الاستحلال الداخلي الراهن!!!!)، حيث ذهب أكثر من 4000 مجاهد سنة 1948 ودخلوا من أرض الكنانة سابقا لنجدة الأشقاء في الأرض المباركة التي لم تتغير
في وجدان كل مسلم من المحكومين لاحقا في أمة المليارين من أصحاب العين البصيرة
واليد القصيرة على امتداد سماع الآذان وتلاوة القرآن من جاكارتا إلى داكار ونواكشوط والرباط وتطوان مرورا بقسنطينة ووهران!؟!
وإني لهذا السبب وغيره أعيد نشر بعض فصول كتابي (جهاد الجزائر: حقائق
التاريخ ومغالطات الجغرافيا)، هنا في صحيفة "عربي21"، وهو صورة حية عن
جوانب مشرقة من ثورة القرن العشرين التي جسدت أمجاد الحرية والكرامة، تماما كما هو
حال غزة وفلسطين هذه الأيام.. لما بين الثورتين من تطابق وتشابه كما قلنا وعشنا في الثورة الاولى مقارنة
بما نراه على المباشر في الثورة
الفلسطينية العظيمة الثانية التي اختصرت أمة المليارين (من غثاء
السيل) في المليونين من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والقدس وجنين.
وإنني أدرك تمام الإدراك الصلة الوثيقة بينهما في حجم التضحيات
ومعارك التحرير التي يخوضها الأشقاء الفلسطينيون هناك (كما كان أشقاؤهم هنا لأكثر من سبع سنين دون
انقطاع.) في مواجهة أعتى احتلال وأشده شراسة، لا سيما وأنه احتلال
يلتف حوله قادة العالم الغربي
الاستعماري كله ويدعمونه انتقاما من عدوهم اللدود على هزائمهم السابقة وإحياء
لخلافات وأحقاد تاريخية دفينة..
كنا نعتقد، وأن بعض الظن ليس
إثما، أن ثورات الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال التي عرفتها مختلف أنحاء
المعمورة قد تجاوزتها الوحوش البشرية المسلحة بالنووي والحقد الأعمى في معاداة
حقوق الإنسان الفلسطيني خارج حقوق الإنسان
التي يحميها حق الفيتو الظالم أمام كل أنظار العالم الأعور الأصم الواجم.
إن الإسلام والاستعمار ضدان لا يلتقيان في مبدأ ولا في غاية،
فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع
الرحمة والرفق، وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قِوامه على الشدة والقسوة
والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب
والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يثبت الأديان السماوية ويحميها ويقرّ ما
فيها من خير ويحترم أنبياءها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الرسل
قاعدة من قواعده وأصلا من أصوله، والاستعمار يكفر بكل ذلك ويعمل على هدمه خصوصا
الإسلام ونبيه وقرآنه ومعتنقيه.وهذا المكيال العجيب الغريب بين إنسانين لا يثير
القلق فقط حول مصير البشرية في هذا العالم
(وحيد القرن) وإنما يعيد السؤال أيضا وبالحاح عما إذا كان للمعارك الحضارية الكبرى
التي سعت لتوحيد البشرية على أساس العدل والمساواة تتراجع إلى ما تحت الصفر كما
نراها في مجازر المغول الجدد بالصوت والصورة في غزة العزة والإنسانية التي تحتضر في مستشفياتها
المنكوبة كلها اليوم والمقطوعة عن الحياة أمام أعين دعاة حقوق
الإنسان (الحجري) وليس الإنسان البشري المتحضر المتعلم والمتقدم!!
وما يفيد في هذه الصفحات من ثورة الجزائر (فلسطين الأولى) الأشقاء في الجزائر الثانية ( فلسطين الحالية)، سأسرده ليس من باب تقديم الدروس، وإنما من باب قراءة التاريخ
والاتعاظ به وأخذ العبرة منه..
في الدفاع عن الثورة الجزائرية
بعد العرض الموجز لموضوع المحاضرة في الجزء الأول من هذا المقال وأهم
نتائجها أدعو القارىء أن يتبين معي الأسباب التي أدت إلى "الانتقاص الخطير"
كما قرأنا في التعليق على المحاضرة في جريدة "المجاهد".
أولا ـ نفي عامل الصراع
الطبقي في ثورة نوفمبر:
عندما أسقطت الصراع الطبقي من حسابي في المحاضرة لا يعني أنني لا أقر
بوجوده كواقع تعيشه العديد من المجتمعات في العالم، كما لم أنفه كعامل أساسي لنجاح
بعض الثورات الكبرى في العالم، وذكرت ثورة كوبا، وأنجولا ونيكاراجوا... ولكنني قلت
بأن الصراع الطبقي ليس (passe-partout) بحيث يمكن أن نفسر به نجاح كل الثورات
في العالم، وأثبت أن الثورة الجزائرية نجحت بعقيدة الجهاد، وهي لا تتكامل مع نظرية
الصراع الطبقي للأسباب التالية :
أ ـ أن الجهاد في الإسلام مفروض على الفقراء والأغنياء على حد سواء.
وربما على الأغنياء أكثر لأنه يذكر الجهاد بالمال والنفس، والمال لا يلزم إلا
القادرين من الأغنياء.
ب ـ إن مبادىء الإسلام لا تفرق بين الناس في التكليف بالواجبات
الدنيوية والأخروية.
ت ـ لم يكن بإمكان أحد في الثورة أن يقفل باب الجهاد والاستشهاد أمام
المؤمنين الأغنياء والأقوياء، ولا يفتحها إلا أمام الفقراء المعدمين والضعفاء، بل
أن جبهة التحرير الوطني الجهادية الإسلامية فتحت الباب أمام كل الجزائريين كأفراد
مخلصين لوطنهم، حتى ولو كانوا منخرطين في الحزب الشيوعي(...).
ث ـ لقد كان بإمكان الأغنياء الجزائريين -لو أرادوا- أن يتحالفوا مع
الأغنياء المستعمرين ضد المستضعفين المقهورين من الجزائريين والفرنسيين في الجزائر
وفرنسامعا! ولكنهم لم يفعلوا ذلك فيما نعلم حتى الآن!، لأن الفرز كان دائما بين
الحق والباطل وبين المؤمن والكافر وبين الوطني والخائن وليس بين الغني والفقير
والبلوريتاري والمليونير... وهذا هو منهج وديدن جبهة وجيش التحرير الوطني من
البداية إلى النهاية.
ج ـ الواقع يثبت أن المجاهدين كانوا من الأغنياء والفقراء. ومن
الأميين والعلماء، والخونة ـ أيضا ـ كانوا من الفقراء والأغنياء ومن المتعلمين
والجهلاء ومن الرجال والنساء!.
ح ـ إن عقيدة الجهاد المتأصلة في نفوس المجاهدين ذوبت بفضل الوعي
الجهادي كل الطبقات (إن كانت هناك طبقات) وأصبحت لا تفرق إلا بين المجاهد والخائن،
وليس بين العامل ورب العمل، لأن عقيدة الجهاد ارتفعت بالمجاهدين فوق مستوى المصالح
والتضحية بالأشياء المادية إلى التضحية بالروح الغالية في سبيل الوطن والدين والحق
والحرية.
ثانيا ـ القضاء والقدر وقبول
الأمر الواقع
لقد تجاهل المقال تعرضي بإسهاب لهذا الموضوع ومناقشته، وإظهار جوانبه
الإيجابية والسلبية، وأحيل القارئ إلى جريدة الشعب التي أظهرت هذا الجانب من
المحاضرة وكان على صاحب المقال أن يستدل بكلامي بين قوسين كما فعلت جريدة الشعب
ذاتها، ثم يعلق كما يشاء إن أراد التعليق، غير أننا مع الأسف رأيناه يطلق الأحكام
غيابيا دون شهود، فكان كمن يحاكم شخصا على قول لم يقله، أوكمن يقفل بابا كان
مفتوحا، ثم يفتحه ويدعي أنه هو الفاتح الأول...
ثالثا ـ هل الدين كان أساسا وحيدا لثورة نوفمبر؟
لم أقل قط في المحاضرة أن الدين الإسلامي كان أساسا وحيدا لثورة
نوفمبر، ولا يمكن أن أقول ذلك، لأن مجتمعنا لم يعتنق الإسلام سنة 1954 ولقد قلت
بالحرف الواحد وكلامي منشور ومسجل بصوتي: «إن ثورة نوفمبر لم تقم إلا على أسس
وطنية ودينية متكاملة كتكامل حب الوطن من الإيمان» فلقد ذكرت الوطن أولا ويمثل
الجانب المادي والسياسي، والدين ثانيا ويمثل الجانب العقائدي والروحي بقطع النظر
عن مدى تأثير هذا في ذلك، كما سبقت الإشارة!
رابعا ـ كيف تفسر عمليات التوعية السياسية لتعبئة الجماهير الشعبية
للثورة؟
صحيح أنني لم أتعرض إلى الإجابة عن هذا السؤال في المحاضرة مباشرة
لأنه لم يكن يهمني في السياق العام للمحاضرة، ولكن الجواب متضمن في قولي بتكامل
المبادىء الوطنية والدينية، فقد كان قادة الثورة سياسيين وعسكريين، أكثر مما هم
علماء دين، مع العلم أنهم متدينون في معظمهم، ولا يوجد واحد من مفجري الثورة يقر
بأنه شيوعي (أي ماديّ المذهب...) ونطرا لأنهم كانوا كذلك (ومعظمهم مازال حيا يرزق)
فقد كانوا يستعينون دوما بالمجاهدين من علماء الدين الموثوقين للقيام بالتوعية
السياسية والدينية للجهاد ضد المحتل، وكان التكامل واضحا بين رجال السياسة وعلماء
الدين، وهذا ما جعل الثورة تحقق الانتصارات العسكرية في الداخل بفضل
"الجهاد" وتحقق الانتصارات السياسية في الخارج بفضل السياسة. وبهذا أرجو
أن أكون قد أجبت على السؤال الموجه الي في المقال.
خامسا ـ القول بتركيزي على
قوة الأفكار، وإغفالي للجانب الاقتصادي والمادي..
والحقيقة أنني قلت في نص المحاضرة : "أي مشروع ثوري لابد له من
فكرة موجهة ومبدأ مؤمن به، ووسيلة مادية لتحقيقه وتجسيده في الواقع" ولم أنكر
قط دور الوسائل المادية لأن المفهوم الإسلامي للحياة والواقع يرى أن للنفس حقا على
البدن، كما أن للبدن حقا على النفس. وكما لا نغذي الروح بالطعام والخبز، لا نغذي
الجسم بالصيام والصلاة أيضا... ولم أقل إن الفكرة هي التي حاربت، وإنما قلت إن
الطاقة الروحية كانت وراء السكاكين والعصي، وبنادق الصيد القديمة، التي حطمت
الدبابات، والطائرات، وغنمت الأسلحة الجهنمية من أيدي العدو المسلح بالمادة وحدها"!!
سادسا ـ القول بتقليلي الخطير من قيمة الثورة بجعلها مجرد "حرب
مقدسة":
لقد قلت فعلا إن ثورتنا المسلحة نجحت بفضل عقيدة الجهاد، (كفكرة
موجهة)، وهذا عشته جسدا وروحا وأومن به، وأعتقد أن القول بأن الثورة نجحت بالجهاد
لا ينقص من قيمتها، ولا يحد من أبعادها السياسية العالمية لدى أي تقدمي حقيقي..
كيف نبرر استباحة الإسلام قتل الخونة من الجزائريين، مع أنهم غير فرنسيين أي غير مسيحيين وكفّ أيدي المجاهدين والفدائيين عن قتل كل الفرنسيين في الجزائر وفرنسا إلا من اعتدى منهم على الجزائريين بوصفهم أعداء (وليسوا بوصفهم يهودا أو مسيحيين)؟
غير أن سبب اللبس الواقع، يرجع إلى سوء فهم معنى الجهاد في الإسلام،
وقصره على محاربة الكفار، حيث ترجمه الصحفي "الحرب المقدسة". وأعذر
الصحفي في اجتهاده لترجمة "الجهاد" ولا أملك إلا أن أنصحه (حتى لا يتكرر
هذا الانتقاص الخطير من ثورة نوفمبر ومن المحاضرة أيضا) أن يفهم معاني الكلمات في
لغاتها الأصلية، وسياقها الصحيح... فالجهاد في المفهوم الإسلامي الذي نقصده في
المحاضرة لا يعني قتل الكافر فقط في ذاته إذا لم يكن محتلا غاصبا، وإنما الجهاد
الدفاعي كما هو حالنا في الجزائر، هو محاربة الظلم حيثمـا كان، ومن أي مصدر خرج بمن
فيهم الخونة الجزائريين (المسلمين في الظاهر)، والجهاد الدفاعي هو الموت في سبيل
الوطن والعرض والمال والدين، والدفاع عن الحق والخير والحرية والاستقلال
والمستضعفين... فذلك كله جهاد في سبيل الله، وإن كان مردود هذا الجهاد في صالح
البشر أولا وأخيرا، بشرط أن ينوي المسلم ذلك الجهاد لوجه الله وحده لا شريك له.
وإلا فكيف نبرر استباحة الإسلام قتل الخونة من الجزائريين، مع أنهم
غير فرنسيين أي غير مسيحيين وكفّ أيدي المجاهدين والفدائيين عن قتل كل الفرنسيين
في الجزائر وفرنسا إلا من اعتدى منهم على الجزائريين بوصفهم أعداء (وليسوا بوصفهم
يهودا أو مسيحيين)؟
فالجواب باختصار هو أن الجهاد ضد الظلم وليس ضد الدين (كما فهم
الصحفي من كلمة الجهاد )، ونفس المثال ينطبق على ثورة الشعب الفلسطيني والثورات
الأخرى المماثلة في العالم حاضرا ومستقبلا، فإن قتلاها (إن كانوا مؤمنين) يعتبرون
شهداء لأنهم يحاربون الظلم وينصرون الحق والحرية بدليل أن بعض اليهود كانوا معهم،
وبعض الخونة (من داخل الدار) كانوا ضدهم. فالفرز كان دائما وطنيا وليس
دينيا!...وهل من الضروري أن نصطنع الصراع الطبقي في الثورة الفلسطينية أو
الجزائرية لكي نكون تقدميين، ولا نكون إرهابيين أو خطرين على الأمن العام للدولة
والمصالح العليا للوطن كما يقولون لتلفيق التهم للوطنيين الأحرار!
والآن أودّ أن أوجّه الأسئلة بدوري إلى صحفي المجاهد:
1 ـ لقد تحدّثت في المحاضرة عن الجهاد
الأكبر في مجال البناء والتشييد وتحقيق الثورة الثقافية، والصناعية، والزراعية...
فهل تترجم كلامي بالحرب المقدسة الثقافية والصناعية والزراعية؟؟
2 ـ من
أين أتى اسم الصحيفة "المجاهد" التي يكتب فيها، فهل هي تسمية أصيلة من
واقع الشعب وثقافته أم مستوردة من الخارج؟
3 ـ لماذا كان اسم جندي جيش التحرير الوطني
هو «المجاهد» وليس الرفيق أو الثائر أو المحارب؟
4 ـ هل يجد لنا الصحفي
"التقدمي" المذكور مرادفا لكلمة
"مجاهد" و"جهاد" في أية لغة من لغات العالم غير اللغة
العربية، وفي أي سياق غير السياق الإسلامي الأصيل؟؟
5 ـ هل يجد لنا دولة في العالم عندها وزارة
للمجاهدين مثل الجزائر، وهل يترجم وزارة المجاهدين بوزارة "الذين شاركوا في
الحرب المقدسة؟".
6 ـ وهل بإمكانه أن يقول لقادة الثورة
الأحياء، إنكم أنقصتم من قيمة ثورتكم عندما أطلقتم على المحارب فيها اسم
"مجاهد" وليس رفيقا، وأطلقتم على عقيدتها اسم "الجهاد" وليس
الصراع الطبقي أو الصراع الفكري أو ثورة الجياع من أجل أي إشباع!!»
وتأكيدا لما ورد في ردنا السابق الذي مرّ عليه الآن أكثر من ثلث قرن،
بالنسبة لارتباط ثورتنا المباركة بمفهوم الجهاد بأوسع معانيه، نورد هذه الشهادة
الحية التي أدلت بها أرملة أحد كبار قادة الثورة المحسوبين على العلمانية وهو
المجاهد الشهيد عبان رمضان فتقول زوجته (وكاتبته في الوقت نفسه) في حوار أجرته
معها جريدة "الجزائر" بتاريخ 12/01/2013:
"كيف كان رمضان عبان يتعامل مع زملائه في لجنة التنسيق
والتنفيذ؟
الجواب: كان قادة الثورة يعملون في روح جماعية، وأذكر أنه لدى تأسيس جريدة "المجاهد"
اعترض رمضان عبان (العلماني الجمهوري) على التسمية بحكم أنها تحمل خلفية دينية،
غير أنّ العربي بن مهيدي، وبن يوسف بن خدة وكانا مُلتزمين (وتقصد متدينين)، أصرا
على تسمية "المجاهد" وأقنعا عبان بأنّ هذا من شأنه أن يساعد على التفاف
الجماهير حول القضية، فاقتنع.
ونختم بهذه الشهادة الصادقة التي تنطبق عليها الآية الكريمة من سورة
يوسف: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا﴾[الآية: 26].
اقرأ أيضا: تباين رؤية الأجيال الجزائرية حول الجهاد في الاستقلال.. هل تتكرر في غزة؟ (1)