بعد الصحفيين والمهندسين.. محامو مصر يسقطون مرشح السلطة ويوجهون رسالة قوية
القاهرة- عربي2126-Mar-2408:57 AM
0
شارك
بلغ عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم 322 ألفا و152 عضوا- نقابة المحامين
أفشل
المحامون المصريون في انتخابات مثيرة، السبت الماضي، خطط رجل السلطة العنيد سامح عاشور
في استعادة منصبه على رأس نقابتهم.
يأتي
ذلك بعد عام من فشل مرشح السلطة على منصب نقيب الصحفيين، وبعد أن نجح المهندسون في
منع النظام من إسقاط نقيبهم قبل 10 أشهر.
وبعد
انتخابات شهدت تنافسا وصل حد العراك بالأيدي بين أنصار بعض المرشحين، فإنه فاز المرشح المنافس
لعاشور، نقيب المحامين الحالي عبدالحليم علام بـ23 ألفا و955 صوتا، وفق إعلان رسمي
مساء الاثنين، في واقعة ديمقراطية لاقت استحسان الكثير من المحامين.
ورأى
البعض في النتيجة رسالة سياسية قوية ومتتابعة من النقابيين في مصر، إلى رئيس النظام
عبدالفتاح السيسي، الذي يقيد العمل النقابي في البلاد ويواصل غلق المجال العام منذ
10 سنوات.
وتنافس
في انتخابات المحامين 14 مرشحا على منصب النقيب، و253 مرشحا على مقاعد العضوية في
488 لجنة تابعة لـ 37 نقابة فرعية، وقد بلغ عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم 322 ألفا و152
عضوا.
اظهار أخبار متعلقة
ومنذ
غلق اللجان فإن المؤشرات شبه النهائية في انتخابات نقابة المحامين، أظهرت بعد فرز أصوات
صناديق الاقتراع، حسم عبدالحليم علام منصب نقيب المحامين بعد منافسة شرسة مع سامح عاشور
و13 آخرين، وذلك تحت إشراف قضائي من هيئة قضايا الدولة.
وتعد
هذه هي الدورة الثانية لعلام، الذي فاز بمنصب نقيب المحامين في انتخابات تكميلية أجريت
في أيلول/ سبتمبر 2022، بعد رحيل النقيب السابق رجائي عطية، فيما أعلنت حملته فوز مرشحها
بمقعد النقيب العام لدورة جديدة تبدأ من 2024 إلى 2028، بفارق 6 آلاف صوت عن أقرب منافسيه
سامح عاشور.
وعاشور،
برلماني سابق (1995- 2000) وقد عينه السيسي عام 2020 عضوا بمجلس "الشيوخ"
الذي استقال منه في كانون الثاني/ يناير الماضي، للترشح على منصب نقيب المحامين الذي
فاز به سابقا 3 دورات غير متتالية، اثنتان في عهد حسني مبارك (من 2001 إلى 2008)، وواحدة
في عهد السيسي، (من 2015 إلى 2020).
وتعد
هذه هي الانتخابات الثانية التي يخسرها عاشور بعد انتخابات النقيب 2020، والتي خسرها
بمواجهة النقيب الراحل رجائي عطية (توفي 26 آذار/ مارس 2022) الذي تقدم في العام ذاته
ببلاغ لنيابة الأموال العامة يتهم فيه عاشور بقضايا فساد وغسل الأموال والإضرار بالأموال
العامة للنقابة.
"رسائل
النقابيين"
وبخسارة
عاشور، يستكمل علام، ما بدأه قبل عامين، وما واصله الصحفيون والمهندسون بعده من الإطاحة
بمرشحي الدولة بنقاباتهم، رغم ما يواجهونه من قيود أمنية وتدخلات من النظام وتوجيه
للرأي العام في تلك النقابات وإغراءات حكومية.
وأطاح
الصحفيون في آذار/ مارس 2023، بمرشح الدولة على منصب النقيب خالد ميري، رغم ما حمله
من وعود برفع بدل حكومي يحصل عليه النقابيون منهم، ليفوز المرشح اليساري خالد البلشي.
وهو
ما سبقه فوز نقيب المهندسين طارق النبراوي في آذار/ مارس 2022، ضد مرشح الدولة هاني
ضاحي، وما تبعه من نجاح المهندسين في إعادة الثقة في نقيبهم في 30 أيار/ مايو الماضي،
خلال جمعية غير عادية جاءت بطلب من مهندسين يتبعون حزب "مستقبل وطن"
الذراع السياسية للسيسي.
وفي
تعليقه على نتائج انتخابات نقابة المحامين، أكد الكاتب الصحفي المعارض سليم عزوز، أن
الخبر هو فشل مرشح السلطة سامح عاشور وليس فوز علام، وأن في ذلك رسائل سياسية هامة
لرأس السلطة.
ويتكون
مجلس نقابة المحامين من 28 عضوا منهم 25 يمثلون المحامين وثلاثة يمثلون محامي الإدارات
القانونية بالشركات، وذلك لمدة 4 سنوات، مع عدم جواز شغل منصب النقيب لأكثر من دورتين
متتاليتين.
وتشكلت
نقابة المحامين عام 1912، ما يجعلها أقدم النقابات المهنية بالعالم العربي، وخرج منها
العديد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين وكبار الشخصيات العامة والأدباء والمفكرين
والمثقفين وقادة العمل السياسي بمصر.
"عربي21"
تحدثت إلى بعض المحامين عن دلالات فشل نقيب المحامين السابق المدعوم من الدولة في استعادة
مقعده، وعن الرسالة التي يرسلها ذلك إلى السلطة خاصة بعد انتخابات مماثلة لنقابة الصحفيين
والمهندسين، وما قد يحمله تتابع سقوط رجال النظام في النقابات المهنية للعمل النقابي
وللشارع السياسي من آمال.
"آمال وأحلام" وفي حديثه لـ"عربي21"، قال المحامي المصري محمد عبدالعال: "يطمح المحامون في نقيب قادر على تفعيل مواد قانون المحاماة بتحقيق الضمانات القانونية التي تساعد المحامي على أداء عمله بشكل صحيح، لا سيما في مراكز أقسام الشرطة وسريات النيابات.. وتذليل العقبات التي تحول بين المحامي وموكله بحالات الحبس الاحتياطي، وكذلك تحصيل مستحقات المحامين المتقادمة لدى وزارة العدل المتمثلة في أتعاب المحاماة التي تحصل وتدخل خزينة وزارة العدل وهي حق خالص للمحامين، وتحقيق وتفعيل مواد القانون الخاصة بحصانة المحامي أثناء وبمناسبة تأدية أعماله القانونية".
وأعرب عبدالعال عن آماله في أن "يحافظ نقيب المحامين على مسافة معقولة مع السلطات العامة تحقق له الاستقلالية وعدم التبعية لأي سلطة، وأيضا؛ تفعيل النسبة الخاصة بتعيين المحامين بمرفق القضاء والنيابة".
وحول المعوقات التي قد تعوق عمل علام، لتحقيق ذلك، قال إنه "ليس بالنقيب الفذ كما نتصور؛ ولكنه بديل لنقيب سابق رصدت بعض الأجهزة الرقابية ضده ومجلسه بعض المخالفات المالية والإدارية".
واستدرك: "لكن الإشكالية أن المرحوم رجائي عطية (النقيب السابق توفي في 26 آذار/ مارس 2022) بذل محاولات مضنية من أجل فتح تحقيق في وقائع فساد رصدتها الأجهزة الرقابية ضد سامح ومجلسه لكنها باءت بالفشل".
وفي
كانون الأول/ أكتوبر 2022، نظم المحامون العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر النقابة
الرئيسية في العاصمة المصرية القاهرة، وفي النقابات الفرعية في عواصم المحافظات، رفضا
للتسجيل في الفاتورة الإلكترونية التي اعتبروها قيدا ماليا كبيرا على عملهم.
اظهار أخبار متعلقة
"بعث
الروح"
من جانبه،
قال المحامي والسياسي المصري مجدي حمدان موسى، إن "الانتخابات أجريت بشكل جيد جدا،
وكان هناك عدالة وإنصاف لكل الأطراف المرشحة، حتى فترة الطعون تم تجاوزها بشكل حضاري،
وأجريت انتخابات حاز فيها علام على الأصوات التي يستحقها".
ويعتقد
موسى، في حديثه لـ"عربي21"، أن "علام قدم عملا جيدا خلال ولايته الأولى،
ومنع المصالح التي كانت تتم في نقابة المحامين، وتمكن من وقف سيطرة عمال مكتب النقيب
التي كانت تسيطر على النقابة في ما سبق، وحاول إعطاء كل ذي حق حقه، وهذا كان أمرا مهما".
ويرى
أن "دور نقابة المحامين تاريخي وقد أخرجت مصطفى كامل وغيره من العظماء والمفكرين
والأحرار والثوار، وأنها ما زالت حتى الآن تضخ القيادات الوطنية المصرية القادرة على
تغيير الحالة السياسية، والقادرة على بعث الروح من جديد في الحراك السياسي في مصر".
وحول
المعوقات، أكد السياسي المصري والقيادي بحزب المحافظين، أن "المعوقات أمام نقيب
المحامين هي هي المعوقات التي تعوق أداء الأحزاب السياسية والجمعيات والهيئات لعملها".
وقال
إنه "ما زال حتى الآن لدينا القليل جدا من الحرية في الحركة على المستوى السياسي
أو النقابي... دعنا نأمل بوجود متغيرات قادمة، وأرى أن النقيب شخصية
محترمة ويحظى بحب الجميع وقادر على التصدي لأية محاولة لتغيير البنية الحقيقية لنقابة
المحامين".
"ضعيف
أفضل من فاسد"
وفي
حديثه لـ"عربي21"، أكد المحامي المصري محمد عبدالعال، أن "المشكلة في
نقابة المحامين أنها تحت سيطرة الأجهزة الأمنية، وأنه يجب أن يكون النقيب خاضعا"،
ملمحا إلى أنه "حتى في نقابة الصحفيين من يوم فوز خالد البلشي بمنصب النقيب؛ فقد التزم
الهدوء والصمت".
وقال:
"يطمح المحامون في نقيب قادر على تفعيل مواد قانون المحاماة بتحقيق الضمانات القانونية
التي تساعد المحامي على أداء عمله بشكل صحيح، لا سيما في مراكز أقسام الشرطة وسريات
النيابات.. وتذليل العقبات التي تحول بين المحامي وموكله بحالات الحبس الاحتياطي، وكذلك
تحصيل مستحقات المحامين المتقادمة لدى وزارة العدل المتمثلة في أتعاب المحاماة التي
تحصل وتدخل خزينة وزارة العدل وهي حق خالص للمحامين، وتحقيق وتفعيل مواد القانون الخاصة
بحصانة المحامي أثناء وبمناسبة تأدية أعماله القانونية".
وأعرب
عبدالعال عن آماله في أن "يحافظ نقيب المحامين على مسافة معقولة مع السلطات العامة
تحقق له الاستقلالية وعدم التبعية لأي سلطة، وأيضا؛ تفعيل النسبة الخاصة بتعيين المحامين
بمرفق القضاء والنيابة".
وحول
المعوقات التي قد تعوق عمل علام لتحقيق ذلك، قال إنه "ليس بالنقيب الفذ كما نتصور؛
ولكنه بديل لنقيب سابق فاسد وبطانة متربحة متغلغلة طليقة من قيود الشرف والأمانة، فنكون
كمن يرضى بالأدنى لسوء حال الكائن، أي نظرية مهما كان ضعف علام، هو أفضل من فساد سامح".
واستدرك:
"لكن الإشكالية أن المرحوم رجائي عطية (النقيب السابق توفي في 26 آذار/ مارس
2022) بذل محاولات مضنية من أجل فتح تحقيق في وقائع فساد رصدتها الأجهزة الرقابية ضد
سامح ومجلسه لكنها باءت بالفشل، لأن الفساد محمي بالفساد".
"لابد
من التغيير"
من جانبه،
يرى المحامي إبراهيم النقلي، أن "المسألة ليست مرشح دولة أو مرشح معارضة، فعلام
كذلك ليس معارضا، ولكن الذي حدث أن سامح عاشور ومجموعته تربعوا علي عرش النقابة 12
عاما، فكان لا بد من التغيير، مضيفا لـ"عربي21": "أما في كون علام سيعمل
لصالح النقابة لاستعادة دورها الكبير فنأمل ذلك".
ولفت
إلى أن مطالب وأحلام المحامين من نقابتهم كبيرة ولكن أبرز مطلبين هما: "تحسين
خدمات العلاج، ورفع قيمة المعاشات"، مؤكدا أن علام قادر على أن يواجه المعوقات
"مع إخلاص النوايا، وترشيد الإنفاق، والحصول على دعم من الدولة".
"دور
الإخوان"
ولكن،
وعلى الجانب الآخر، فإن للمحامي أسعد هيكل، رؤية أخرى، حيث قال لـ"عربي21":
"لا نستطيع أن نصف ما حدث في انتخابات نقابة المحامين بأنه كان انتخابات".
وأوضح
أن "النسبة التي حضرت لا تزيد على حوالي 10 بالمئة، كما أن المرشحين الحاصلين على
أعلى الأصوات، عاشور وعلام، أنفقا ملايين الجنيهات للتأثير على الناخبين".
اظهار أخبار متعلقة
ويرى
هيكل أن "العامل الأكبر في حسم النتيجة كان لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها
بين المحامين، فقد نجحوا في ترجيح كفة علام عن عاشور، الذي دفع للمرة الثانية ثمن إقدامه
على تنقية جداول المحامين منهم، ومن غير المشتغلين".
وأضاف:
"بصرف النظر عما حدث في الانتخابات، أتمنى التوفيق لعلام ومجلسه، وأتمنى أن يُقدم
على إحياء دور نقابة المحامين في الدفاع عن الحقوق والحريات، ورفع المعاشات وتحسين
خدمة العلاج".
وختم
بالقول: "لكنّ مقدمات ما حدث خلال العام الماضي، وأداءه هو ومجلسه، يجعلنا نتحفظ،
ونشك في أن يقدم على تحقيق تلك التطلعات والأمنيات".