تحيي رواندا، غدا الأحد، ذكرى مرور 30 عاما على الإبادة الجماعية التي ارتكبها عام 1994 متطرفون من عرقية الهوتو ضد أقلية التوتسي، وتسببت في مقتل نحو 800 ألف شخص.
وبدأ قادة أفارقة في التوافد إلى العاصمة الرواندية،
كيغالي، للمشاركة في فعاليات هذه الذكرى، حيث وصل
الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، إلى كيغالي لحضور الفعاليات.
ومن المقرر أن تستمر فعاليات إحياء ذكرى الإبادة في رواندا لمدة أسبوع، إذ سيتوقف كل شيء في رواندا وستُنكّس الأعلام ويحظر عزف الموسيقى في الأماكن العامة، أو على الإذاعة، وتمنع التلفزيونات من بث المناسبات الرياضية، فيما سيلقي الرئيس الرواندي بول كاغامي خطابا بهذه المناسبة.
100 يوم من الإبادة
اندلعت الإبادة الجماعية إثر وفاة الرئيس الرواندي، جوفينال هابياريمانا، وهو من عرقية الهوتو، عندما أُسقطت طائرته فوق مطار العاصمة كيغالي في 6 نيسان/ أبريل 1994، حيث اتهمت قبيلة الهوتو قبيلة التوتسي بقتله.
وفي غضون ساعات من الحادثة، انطلقت حملة عنف من العاصمة إلى جميع أنحاء البلاد، ولم تهدأ إلا بعد ثلاثة أشهر، وتسببت في مقتل 800 ألف شخص معظمهم من عرقية التوتسي.
ووفقا لتقارير إعلامية حينها، كان يُقتل كل من يحمل بطاقة هوية كُتب عليها توتسي، وتلقى جثثهم في النهر.
وإلى جانب ضحايا التوتسي، قتل أيضا عدد كبير من الهوتو المعتدلين في المجازر التي انقلب فيها أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء على بعضهم.
اظهار أخبار متعلقة
وكان من بين المنظمين الأوائل لعمليات القتل مسؤولون عسكريون وسياسيون ورجال أعمال، ولكن سرعان ما انضم كثيرون آخرون إلى الفوضى.
ووفق تقارير فإن نظام الهوتو العرقي المتطرف الذي تولى السلطة في عام 1994 اعتقد حينها أن الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها التمسك بالسلطة هي القضاء على التوتسي تماماً.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، فإن ما بين 100 ألف إلى 250 ألف امرأة تعرضن للاغتصاب، وفر مئات آلاف الأشخاص، إلى بلدان مجاورة بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما زالت المقابر الجماعية تُكتشف في رواندا حتى اليوم.
كيف انتهت المذبحة؟
في تموز/ يوليو 1994 سيطرت الجبهة الوطنية الرواندية على العاصمة كيغالي بدعم من الجيش الأوغندي، وأعلنت وقف إطلاق النار، وعُين بول كاغامي (الرئيس الحالي) نائبا للرئيس بيزي مونجو، وتم تشكيل حكومة جديدة متعددة الأعراق.
وبمجرد أن أصبح واضحاً أن الجبهة الوطنية الرواندية قد انتصرت، فر ما يقدر بنحو مليونين من الهوتو إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن بينهم من يعتقد أنهم تورطوا في تلك المذابح، ليعود الهدوء إلى أنحاء البلاد وتبدأ رواندا كتابة فصل جديد في تاريخها.
نهوض من رماد الحرب
بعد توقف الحرب الأهلية وتولي الرئيس الحالي بول كاغامي السلطة، بدأ هذا البلد الأفريقي مسار نهوض، ليتحول في سنوات قليلة من أفقر بلدان القارة الأفريقية إلى أكثر اقتصاداتها نموا.
فقد شرع كاغامي بعد وصوله للسلطة في إجراء مصالحة بين أفراد المجتمع، وتمكّن خلال فترة قصيرة من إعادة اللاجئين إلى بلادهم، ونظم محاكم محلية لإعادة الحقوق وإزالة المظالم.
كذلك، وضع دستورا للبلاد ينص على المصالحة والوحدة الوطنية، وتجريم كل من يتلفظ بلفظ عنصري في البلاد. وبعدما انتهى من ملف المصالحة، تفرغ كاغامي، لموضوع الاقتصاد من أجل انتشال البلد من الفقر والمجاعة.
وباشر كاغامي، خطة لتطوير وتنمية القطاع الصحي وتسهيل الإجراءات على المستثمرين، حتى بات بإمكان رجل الأعمال أن ينشئ شركته في يوم واحد فقط وبمكان واحد.
وخلال سنوات قليلة تمكن كاغامي من رفع دخل الفرد بمقدار ثلاثين ضعفاً مقارنة مع السنين السابقة، وانخفض مستوى الأمية بنسبة 50 بالمائة.
اظهار أخبار متعلقة
وباتت ميزانية الدولة تعتمد على 20 بالمائة فقط من القروض والديون والدعم الخارجي بعد أن كانت الدولة تعتمد بنسبة 100 بالمائة على الخارج بديونه وقروضه ومنحه.
ركز كاغامي في خطة انتشال بلاده على جانب التعليم، حيث فرض مدة دنيا إلزامية حددت في 12 سنة من التعليم المجاني. واستبدل نظام تقييم المدرسين من الأقدمية نحو معيار نسبة النجاح. وأقر زيادة مستمرة في ميزانية التعليم.
كما اتخذ كاغامي، قرارات، وصفت حينها بأنها شجاعة أدخلته في صراع مع قوى فرنسا، بعدما عمد إلى تغيير لغة التدريس في المقررات التعليمية من الفرنسية إلى الإنجليزية.
اظهار أخبار متعلقة
ووفق أرقام رسمية تضاعف الناتج الداخلي الخام في هذا البلد، خلال السنوات العشر الأولى من وصول كاغامي للسلطة لينتقل من 900 مليون دولار إلى 9.14 مليارات دولار.
كما تراجع معدل الفقر في رواندا من 60 في المائة إلى 39 في المائة، واحتلت رواندا المركز 44 عالميا، والأولى على مستوى أفريقيا في مؤشر محاربة الفساد.