أكد
اللقاء اليساري العربي أن العالم كله
يتطلع اليوم صوب
الصين الشعبية، وأن شعوب العالم المضطهدة تنتظر من الحزب الشيوعي
والقيادة الصينية دورا متقدما فاعلا مطلوبا لكسر هيمنة الامبريالية الأمريكية،
والتعاون لإكمال مسار التغيير نحو عالم العدالة والسلم والرفاه.
جاء ذلك خلال كلمة لمنسق عام اللقاء اليساري
العربي سمير دياب، الذي شارك إلى جانب 26 وفدا يساريا يمثلون 11 بلدا عربيا؛ تلبية لدعوة من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني للمشاركة
في اللقاء الحواري ـ الفكري ـ السياسي، الذي استضافه معهد تاريخ الحزب الشيوعي
الصيني في بكين، من 24 آذار/مارس لغاية 2 نيسان/ إبريل 2024.
وأوضح اللقاء اليساري العربي أن مشاركته في لقاء بيكين، تأتي في إطار تعميق العلاقات والتبادل، وتعزيز الأفكار والثقة السياسية والثقافية
بين جمهورية الصين الشعبية والأحزاب اليسارية في البلدان العربية، والاطلاع على
تجربة الحزب الشيوعي الصيني الحيوية من أجل مستقبل رفاهية الشعب الصيني وقضية
التقدم البشري، وتحت عنوان "أفكار شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية
للعصر الجديد والانجازات والخبرات لتحديث النمط الصيني".
وأكد دياب أن "اللقاء اليساري العربي يتطلع
إلى تحقيق المزيد من التعاون مع الصين الشعبية، كحزب شيوعي، وكدولة اشتراكية، ومن
موقعها الدولي المتقدم والفاعل، وتضامنها الدائم مع قضايا شعوبنا العربية لدعم
نضالنا الوطني، للتخلص من مشاريع الإمبريالية الأمريكية الاستعمارية والاحتلال
الصهيوني وكل أشكال الرجعية والتخلف، وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية وحقوق
الشعب الفلسطيني، الذي يواجه بصموده ومقاومته أشرس عدوان صهيوني ـ أمريكي ـ أطلسي ـ
وبالتواطؤ مع الرجعية العربية وأنظمة الخيانة والتطبيع".
وأضاف: "هذا الشعب الأسطوري الذي يقاوم
باللحم الحي حرب إبادة جماعية منذ أكثر من ستة أشهر في غزة المحاصرة، وفي جنوب
لبنان، بهدف القضاء على المقاومة الوطنية العربية، وتصفية القضية الفلسطينية وإلغاء
حقوق شعبها وتنفيذ مخطط التهجير".
وأكد دياب أن "اللقاء اليساري
العربي على يقين بأن الصين الشعبية تشكل القاعدة الصلبة والسند الأساسي في دعم
نضال شعوبنا ومقاومتها وقواها الوطنية، من أجل التحرر الوطني وترسيخ أسس التنمية
والأمن والسلام، والمضي قدما نحو دعم حق المقاومة الفلسطينية والعربية في تحرير
فلسطين وضمان حق العودة، وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية
المستقلة وعاصمتها القدس. وفي تحرير الجولان المحتل، ومزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا
والغجر في جنوب لبنان".
وأضاف: "ستبقى رايتنا النضالية مرفوعة،
ومقاومتنا الوطنية مستمرة من أجل التحرير والتغيير الديمقراطي. فمعركتنا مصيرية
واحدة في تمتين التعاضد والتعاون والنضال لمواجهة هيمنة القطبية الأحادية
للإمبريالية الأمربكية وكسرها، وتحقيق الأهداف الاشتراكية في الحرية والديمقراطية
والعدالة الاجتماعية والتنمية و الأمن والسلام العالمي".
وأشار دياب إلى أن اللقاء مع قادة الحزب
الشيوعي الصيني تأتي في ظروف دولية عصيبة، وفي ظل استمرار قلق شعوب العالم على
أمنها ومصيرها، وتصعيد نضالها لصد الحروب والصراعات والنزاعات المنتشرة، والحد من
الجوع والفقر والبطالة والهجرة بفعل السياسات المنهجية المعتمدة للإمبريالية الأمريكية
ومشاريعها الاستعمارية ـ التدميرية، ومحاولة تصدير أزمتها الاقتصادية والمالية
العالمية لتوتير العالم وخلق الفوضى الشاملة.
وقال: "أمام هذا المشهد الدولي الأليم،
ترتسم أمامنا بارقة أمل وتفاؤل، لغد مشرق للبشرية. والصين الشعبية نموذجا. فبعد
تقييم تجربة مسيرة كفاح الحزب الشيوعي الصيني خلال أكثر من مئة عام، والتطلع للإنجازات
العظيمة الهائلة التي تحققت لحد اليوم على المستويات كافة، نستنتج العبر والدروس
الثورية، بأن في الجمود الفكري موت، وأن في الحركة والإنتاج والنقد والابتكار
النظري، وفي إطلاق المبادارت يتشكل العمق الحيوي للتجديد وترسيخ الأسس الفكرية
والتنظيمية، وتأطير الشباب واستثمار الطاقات والمهارات والإبداعات، أي تجديد روح
الماركسية من أجل الحياة".
وذكر أنه "منذ تأسيس الحزب الشيوعي
الصيني عام 1921، شكل الفكر منهج وطريقة حياة للدولة والفرد. وساهمت كل مرحلة بإضافة
بصماتها في رصيد الفكر الماركسي الصيني. فالرئيس ماو تسي تونغ ترسخت أفكاره في
بناء الاشتراكية، والرئيس دنغ شياو بينغ نظر لبناء الاشتراكية ذات الخصائص
الصينية، والرئيس جيانغ تسه مين طرح فكرة "التمثيلات الثلاثة"، والرئيس
هو جين تاو طرح مفهوم التنمية العلمي، والرئيس شي جين بينغ جدد بأفكاره النظرية
ومبادراته العملية لمفهوم الحكم والإدارة، ولمفهوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية
في العصر الجديد".
وأضاف: "وفق هذا السياق من التطور
تواصل الصين تقدمها وتزيد من قدراتها الاقتصادية والسياسية والتنموية على المستوين
الداخلي والعالمي، ووفق هذا المنهج يواصل الشعب الصيني سيرورة نضاله لتكريس المنهج
الاشتراكي ومساراته، في الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي، وفي تطوير
المؤسسات، وتنمية الاقتصاد، وتطبيق رؤية جديدة للتنمية، والعمل بمسؤولية لتحديث
الصناعة والزراعة والدفاع الوطني والعلوم والتكنولوجيا في أرجاء الصين. وفي تعزيز
التنمية المنسقة للتقدم المادي والسياسي والثقافي والأخلاقي والاجتماعي والبيئي، لجعل الصين دولة اشتراكية حديثة عظيمة، تنعم بالرخاء والقوة والتقدم الحضاري والثقافي".
وذكر أن "الحزب الشيوعي الصيني بقيادة
الأمين العام للحزب الرئيس شي جين بينغ، يعمد إلى إطلاق المبادرات لتحديث النظرية
الماركسية، وإجراء عملية التحول (أي التغير والتكيف) وفق المفهوم النظري العلمي
للماركسية مع السياق الصيني واحتياجات العصر، والربط بين روح الماركسية وجذور
الثقافة الصينية، ودمج الروح الأمة الصينية في الماركسية لتحقيق مزايا نظرية جديدة، والارتقاء نحو آفاق فكرية جديدة بغرض الاستمرار والتقدم الفكري والتنظيم والتقدم
العلمي والاستقرار. مع تأكيد أهمية دور الشعب الصيني، وإسهامته في الإبداع
كمصدر لا ينضب للابتكار في النظرية الماركسية".
وأضاف: "باختصار، يمكن تلخيص 103 أعوام
من مسيرة الكفاح الشعب الصيني بخمسة جوانب هي: الشعب، الطريق، النظرية، الحضارة
وبناء الحزب، وهذه تشكل في سياقها ونجاحاتها المحققة حصانة لمستقبل البشرية وصمام أمان لمصيرها. ويمكن القول؛ إن مقررات
المؤتمر العشرين للحزب في تشرين الأول/أكتوبر عام 2022، ومبادرات الأمين العام للحزب الرئيس شي
جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، تشكل عمق الماركسية
ـ الصينية المعاصرة، وجوهر روح الثقافة الصينية"، وفق تعبيره.
يذكر أن "اللقاء اليساري العربي"،
تأسس في العاشر من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2010، في ظل تفاقم انعكاسات الأزمة
الرأسمالية الشاملة على الشعوب العربية، نتيجة السياسات الاقتصادية النيوليبرالية
المتبعة، واتساع رقعة الحروب العدوانية الإمبريالية ـ الصهيونية، بهدف إمرار مشروع
الشرق الأوسط الجديد وتفتيت المنطقة وشعوبها، وإمعان الأنظمة العربية في انتهاج
سياسات الفساد والقمع وضرب الحريات الديمقراطية.
وقد شكّل تأسيس "اللقاء" فرصة
أمام أحزاب اليسار العربي لإعادة تنظيم صفوفها وتجميع قواها، على أساس برنامج نضالي
مشترك لمواجهة مشاريع العدوان والاحتلال، ومن أجل التغيير الديمقراطي.
ويعرّف "اللقاء اليساري العربي" نفسه بأنه إطار
تنسيقي جامع لقوى وأحزاب شيوعية ويسارية عربية التقت حول أهداف مشتركة، بينها من
أجل التحرر الوطني والتغيير الديمقراطي، السياسي والاجتماعي.