شكل إعلان مجموعة تطلق على نفسها، "طلائع التحرير مجموعة الشهيد محمد صلاح" مسؤوليتها عن
مقتل رجل الأعمال الإسرائيلي الكندي، زيف كيبر، بمدينة الإسكندرية شمالي البلاد
تطورا خطيرا، يثير قلقا أمنيا وسياسيا في
مصر، بحسب باحثين ومتخصصين في الأمن القومي
المصري.
يشير البيان الصادر عن المجموعة، إلى أن دوافعها
أيديولوجية، ورسالتها المتحدية للنظام المصري تشكل تهديدا للقبضة الأمنية التي
حققتها السلطات على أنقاض هدم الحريات العامة، ومصادرة الحياة الحزبية والسياسية
والحقوقية.
دوافع:
أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن
قتل من وصفته
بعميل
الاحتلال الإسرائيلي؛ ردا على المجازر التي يرتكبها الاحتلال في قطاع
غزة،
ونشرت مقطعا مصورا زعمت أنه للعملية.
يشير اسم المجموعة وبيانها إلى دوافع قومية
وأيديولوجية، إذ ربطت المجموعة عمليتها بالعدوان الإسرائيلي على غزة مما يدعم
الدافع القومي، وانتقدت المجموعة "خيانة" النظام المصري وعدم فعاليته ضد
الاحتلال.
وانتقدت المجموعة التي حملت اسم المجند المصري
محمد صلاح، الذي نفذ العام الماضي عملية بالقرب من معبر العوجة، أسفرت عن مقتل
عدد من جنود الاحتلال واستشهاده، صمت العالم إزاء "أكثر من 200 يوم، من
المجازر المروعة واقتحام معبر رفح، دون أن يتحرك أحد في العالم الذي يحكمه نظام
إجرامي متصهين".
واتهمت المجموعة في بيان على موقع إكس القتيل
بأنه "يتخذ من بعض الأعمال التجارية غطاء لممارسة نشاطه في جمع المعلومات، وتجنيد ضعاف النفوس لصالح جهاز الموساد، وذلك بناء على تقدير معلوماتي دقيق عن
نشاطه".
هوية المجموعة:
قد تعتبر العملية المفاجئة رسالة تحدّ للسلطات
المصرية، وإشارة إلى رغبة المجموعة في اتخاذ نهج مسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي.
لا تزال هوية المجموعة غامضة، ولا يوجد معلومات
كافية عن تاريخها أو أعضائها أو قدراتها، كما أن ربطها بعمليات سابقة أو مجموعات
مسلحة أخرى غير مؤكد.
تأثيرها على الأمن:
يرى مراقبون أن مثل هذا النوع من العمليات المسلحة
قد تشكل تهديدا للأمن المصري، خاصة إذا نفذت المزيد من الهجمات، إلا أنه من المبكر
تحديد ما إذا كانت خلية أو مجموعة مسلحة عابرة أم لا، إذ يعتمد ذلك على قدرتها على
تنفيذ عمليات نوعية، ولا تتوفر معلومات كافية لتحديد صلاتها بمجموعات مسلحة أخرى.
من جانبها، حاولت الداخلية المصرية نزْع الطابع
السياسي عن العملية، ووصفتها بـ"حادث إطلاق نار جنائي.
وقالت في بيان مقتضب؛ إنها تحقق في مقتل رجل
الأعمال الكندي دون الإشارة إلى جنسيته الإسرائيلية الأخرى. وتم اتخاذ الإجراءات
القانونية وتم تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الحادث.
جنائي أم أيدلوجي
ووصف رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان
المصري سابقا، رضا فهمي، بيان الداخلية "بالمتعجل"، وقال؛ إن
"العملية لم تتكشف أبعادها بعد، واندفاع وزارة الداخلية بوصفه أنه جنائي وليس
أيدلوجيا، هو محاولة واضحة من النظام لصرف نظر الرأي العام المصري عن ربطه بما يجري
في قطاع غزة، وتقاعس النظام المصري عن القيام بواجبه".
وأكد في حديثه لـ"عربي21": "أن
هذا الحادث متوقع حدوثه في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة، وتكرر في السنوات، وسوف
يتكرر في ظل العدوان على فلسطين والمسجد الأقصى، وموقف السلطات المخيب للآمال بل
والمتواطئ مع الاحتلال، الذي يدفع البعض للخروج عن الأطر السلمية للتعبير عن الرأي، إلى
الرغبة في الانتقام في ظل إحكام القبضة الأمنية على كل مناحي الحياة".
استبعد فهمي أن "يكون الحادث فرديا، لأسباب
تتعلق بأنه يحتاج إلى وقت ومهارات في تتبع ورصد وتنفيذ وتصوير العملية مباشرة بعد
تنفيذها".
أما فيما يتعلق بوصف الحادث بأنه جنائي، أرجع
الخبير في الأمن القومي المصري، أن "السبب الرئيسي هو رغبة النظام في تأكيد
أنه عمل فردي ولا علاقة له بالحرب في قطاع غزة، حتى لا يشجع الآخرين على سلوك المسلك نفسه، وألا يكون دافعا لبعض الغاضبين أن يحذو حذوهم".
في نهاية المطاف، يرى فهمي أنه "في حالة
التصحر في الحراك المصري سواء السياسي أو الشعبي، فإن كسر الحصار والطوق الأمني
يكشف عن حالة احتقان شديدة من الموقف المصري والعربي من الحرب على قطاع غزة،
والأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن المزيد ".
رسالة غضب ودوافع إيديولوجية
على الرغم من أن هوية المجموعة لا تزال غامضة،
أعرب الباحث في الشؤون الأمنية والحركات الإسلامية، أحمد مولانا، عن اعتقاده بأن
العملية هي رسالة غضب واضحة، قائلا: "لقد شهدت مصر منذ اتفاقية السلام مع
إسرائيل العديد من الحوادث الشبيهة، أغلبها نفذها جنود وضباط كما في نماذج سليمان
خاطر وأيمن حسن ومحمد صلاح، وصولا للحادث الذي نفذه أمين شرطة بالإسكندرية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد أيام معدودة من بدء العدوان على غزة".
وألقى باللوم على القبضة الأمنية، مضيفا
لـ"عربي21": "في ظل تقييد الفعاليات الشعبية المنددة بالحرب،
واعتقال العشرات من المشاركين فيها في عدة مدن، ومواصلة الاحتلال لجرائمه، فمتوقع
حدوث ردات فعل مضادة. ويصعب الجزم في ضوء المعلومات المحدودة المتوافرة عن الحادث
الأخير، هل سيكون حادثا فرديا أم بداية لأحداث مماثلة".
إظهار أخبار متعلقة
أما عن سبب تبني المنفذين لاسم محمد صلاح، يشير
إلى "محاولة لتحفيز عناصر الجيش والشرطة على تكرار ما قام به، في ضوء أنهم
الأكثر احتكاكا بإسرائيل، سواء على الحدود أو في تأمين الوافدين الإسرائيليين.
تصوير الحادث والمشاهد الواردة فيه، تشير إلى أن المنفذ محترف، ولبيس هاويا يستخدم
سكينا أو أسلحة بيضاء. أما هل هو حادث عابر أم لا؟ فهذا سيجيب عنه المستقبل؛ نظرا لعدم
معرفة هوية المنفذين ومدى قدراتهم".
والواقعة هي الثانية من نوعها في الإسكندرية،
منذ بدء العدوان على قطاع غزة.
في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أطلق
أحد أفراد الشرطة النار على أحد الأفواج السياحية الإسرائيلية بمزار عمود السواري، ما أسفر عن مقتل إسرائيليين اثنين كانا ضمن الفوج.