إعلامي فلسطيني مسيحي، من مدينة طولكرم، وهو من أوائل المذيعين في
راديو "بي بي سي" العربية، وأحد أبرز المذيعين العرب في راديو "صوت
أمريكا" ويعرف بـ"أمير الميكروفون العربي" و"صاحب الصوت
الذهبي".
ولد عيسى خليل صباغ في عام 1917 لعائلة مسيحية معروفة في مدينة
طولكرم، ولهم أقارب من عائلة الصباغ في صفد، والده خليل صباغ كان محاميا وسياسيا
معروفا وممثلا لطولكرم في المؤتمر العربي الفلسطيني عام 1921.
كما أنه كان رئيسا للجمعية المسيحية في مدينة طولكرم، وأحد قادة طولكرم
المحليين في زمن الانتداب البريطاني، وقد لعب والده دورا بارزا في مقاومة الانتداب
البريطاني في فلسطين إذ قاد المظاهرات والاحتجاجات والفعاليات ضد الانتداب
البريطاني ووعد بلفور والهجرة اليهودية إلى فلسطين، كما أنه قاد هجوما على مستعمرة
"الخضيرة" اليهودية القريبة من طولكرم عام 1923.
وسط هذا الجو الوطني نشأ عيسى صباغ في مدينة طولكرم، وتلقى فيها
تعليمه، فدرس في المدرسة الفاضلية بالمدينة، ثم توجه عام 1937 إلى إنجلترا ليواصل
فيها تعليمه الجامعي حيث تخرج هناك من جامعة "إكستر" في تخصص الجغرافيا
والتاريخ.
عمل برفقة الإذاعي الشهير حسن الكرمي، صاحب برنامج "قول على
قول"، في هيئة الإذاعة البريطانية وذلك خلال الحرب العالمية الثانية، ثم طلبت
منه وزارة الخارجية الأمريكية عام 1948 العمل على تأسيس الخدمة العربية لإذاعة
"صوت أمريكا".
الإعلامي عيسى صباغ في إذاعة بي بي سي العربية عام 1942
وحصل عيسى صباغ في الخمسينيات على الجنسية الأمريكية، ثم التحق
بوكالة الإعلام الأمريكية، ثم بوزارة الخارجية الأمريكية، حيث كان مستشارا إعلاميا
ومترجما في البيت الأبيض للرؤساء الأمريكيين ليندون جونسون وريتشارد نيكسون
وجيرالد فورد وجيمي كارتر.
رافق كثيرا وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر أثناء رحلاته إلى
الشرق الأوسط، وترجم بينه وبين الزعماء العرب، كما أنه ساعد في بعثات السلام بالشرق
الأوسط إلى كل من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود والرئيس السوري حافظ الأسد ثم
الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود والملك فهد بن عبد العزيز آل سعود.
افتتح بعد ذلك وأدار أول مكاتب للشؤون العامة بالسفارة الأمريكية في
كل من المملكة العربية السعودية والكويت، ثم تولى منصب كبير مستشاري السفير
الأمريكي في المملكة العربية السعودية.
أثرى المكتبة العربية بعدة مؤلفات من بينها: كتاب (As the Arabs Say) الجزء الأول، باللغة الإنجليزية، عام
1983؛ وكتاب (As the Arabs Say) الجزء الثاني، باللغة الإنجليزية، عام
1987؛ وكتاب "من بين أوراقي: 50 عاما من الإعلام والدبلوماسية"، باللغة
العربية، وصدر في لندن عام 1991، وهو من تقديم ناصرالدين النشاشيبي.
قال عنه المؤرخ الفلسطيني ناصر الدين النشاشيبي عام 1991: "كان
عيسى، ابن طولكرم وابن صفد معا، حريصا على أن يجعل نبرات صوته الممزوجة بأحاسيس
الشوق للوطن، تنوب عنه في الإعراب عما كان يجيش في صدره من حب وتشجيع على الصمود".
وقال عنه وزير الخارجية الأمريكية الراحل هنري كيسنجر: "لا بد
من قول كلمة حق عن إنسان قام بترجمة اجتماعاتي في دمشق والرياض، يؤكد العرب
بالثناء على دقة نقله، وعلى ترجمته بصياغة عالية الجودة وعبارة أدبية رفيعة، وهو
الفلسطيني الأصل، صاحب الشعر الرمادي الجميل، ولقد كان قلبه مع وطنه دون أن يؤثر
ذلك على تفانيه لعمله".
قال عنه الملك عبد الله الأول ابن الحسين عام 1949: "إذا جاء
عيسى إلى عمان أريده أن يبقى معنا ويصبح وزيرا للإعلام".
وفي 15 كانون الثاني/ يناير عام 2000 توفي عيسى صباغ في مدينة جدة
بالمملكة العربية السعودية، عن عمرٍ ناهز الـ82 عاما إثر تعرضه لنوبة قلبية خلال
زيارة عائلية. ورحل أحد أركان العمل الثقافي والإعلامي العربي في وكالة الإعلام
الأمريكية، وأحد أبرز أعمدة العمل الدبلوماسي العربي في السفارات الأمريكية في جدة
والكويت ولبنان .
رحل بعد أن ورث مهنته وموهبته لنجله كارل عيسى صباغ، الكاتب والصحفي
والمنتج التلفزيوني البريطاني والذي تلقى تعليمه في "كينغز كوليدج"، في
كامبريدج، وبعد ذلك عمل في تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية، وله 12 كتابا، من
بينها اثنان عن فلسطين، ويدير حاليا دار نشر بريطانية مستقلة.
المصادر
ـ "مذيعو راديو "بي بي سي” العربي
عبر العقود"، "بي بي سي"، 23/1/2018.
ـ صقر أبو فخر، "الفلسطينيون
والنهضة الإذاعية العربية"، 23/2/2012.
ـ خضر المرهون، "أسر سعودية امتهنت
الصحافة قبل 200 عام في الشام والعراق وتركيا"، صحيفة الشرق الأوسط،
17/11/2002.
ـ د. عبد الرحمن الشبيل، "صفحات
مطوية في تاريخ الإعلام: أمير المايكروفون: عيسى خليل صباغ"، صحيفة الجزيرة
السعودية، 4/6/2000.
ـ مراجعة ونقاش كتاب: "فلسطين:
تاريخ شخصي"، مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية،
14/4/2015.