نشرت صحيفة "ريبوبليكا" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن الطائرات العسكرية الروسية التي شوهدت في مطار جزيرة جربة، القريبة من الحدود مع ليبيا، والتي لم يتضح بعد طبيعة نشاطها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أكد للصحيفة أحد المخاوف الرئيسية للحكومة الإيطالية، ألا وهو اختراق موسكو العسكري لتونس، الذي لن يضاف فقط إلى التحركات الجيوسياسية التي يقوم بها الكرملين بالفعل في ليبيا والجزائر والساحل، مما يكمل المناورة المعقدة من أجل النفوذ في المنطقة، بل سيزيد أيضًا من خطر إثارة موجة من عمليات الإنزال إلى إيطاليا. كل ذلك من شأنه أيضًا أن يخلق اختلافات محتملة داخل الأغلبية بشأن الخط الذي يجب اتخاذه تجاه
بوتين.
وبينت الصحيفة أن طبيعة هذه الأنشطة لا تزال غير واضحة، لوجستيًا أو غير ذلك، لكن المخاوف التي تثيرها واضحة. فموسكو لديها بالفعل وجود قوي في ليبيا، وشكلت تحالفًا مع الجزائر، ونجحت في إحلال قواتها محل القوات الأمريكية في النيجر وتشاد، بينما غادر الفرنسيون مالي وبوركينا فاسو. ومن شأن تأسيس وجود لها في
تونس أن يكمل اختراق المنطقة بأكملها.
اظهار أخبار متعلقة
بالنسبة لإيطاليا، هذه مشكلة مباشرة. فتونس هي أقرب دولة في شمال أفريقيا إلى الساحل الإيطالي، ومن هناك تنطلق القوارب نحو صقلية. وقد بذلت رئيسة الوزراء ميلوني جهدا شخصيًا كبيرًا في منع هذا الانجراف، حيث زارت البلاد أربع مرات وأبرمت اتفاقيات مع الرئيس قيس سعيد كجزء من "خطة ماتي".
ومن جانبها، تعهدت روما لصندوق النقد الدولي بالموافقة على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 15 تشرين الأول/ أكتوبر من قبل الوفد الذي يقوده كريس غيريغات وبريت راينر لتقديم قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى 48 شهرا عبر تسهيل الصندوق الموسع. مع ذلك، لم تتم الموافقة على هذه المبادرة حتى الآن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مقاومة سعيّد للإصلاحات التي ستترتب عليها، بدءًا من إنهاء الدعم لمنتجات مثل الوقود.
وهناك شكوك بشأن ما إذا كان الرئيس الأمريكي قد قرر تغيير موقفه، والانفتاح على بوتين، أم أنه يمارس ضغوطا على الغرب، مما يوحي بأنه مستعد للانضمام إلى التحالف الجديد لجنوب الكرة الأرضية الذي تسعى
روسيا والصين إلى إنشائه لإفساد النظام العالمي القائم على القواعد وتقويض القيادة الأمريكية.
ومن جهتها، طلبت صحيفة "ريبوبليكا" من وزارة الخارجية الأمريكية بيان موقفها بخصوص الرحلات الجوية الروسية إلى تونس ومدى اطلاعها عليها، وكان هذا ردها: "ما زلنا نشعر بالقلق بشأن أنشطة مجموعة فاغنر وتلك التي تدعمها روسيا في القارة الأفريقية، والتي تؤجج الصراعات وتشجع الهجرة غير الشرعية، بما في ذلك إلى تونس".
ثم أعربت من جديد عن قلقها من أنشطة فاغنر السابقة، التي استؤنفت بعد وفاة مؤسسها بريغوجين، والتنبيه بشأن الإنزالات التي تؤثر على إيطاليا، عشية انعقاد قمة مجموعة السبع حيث ستثير روما هذه الحالة الطارئة وتروج لخطة ماتي. ومن ثم ناشدت واشنطن سعيّد وحكومة تونس للتعليق على التقارير حول الرحلات الروسية ورحلات فاغنر التي تعبر أو تهبط على أراضيها السيادية".
وفي الختام، نبّهت الصحيفة إلى أنه سيكون لهذا الأمر تداعيات على السياسة الداخلية الإيطالية قبل الانتخابات الأوروبية، حيث كانت ميلوني حازمة جدًا في دفاعها عن أوكرانيا، في حين أن حليفها سالفيني منفتح على بوتين. وقد اتخذ كلاهما موقفًا متشددًا بشأن الهجرة، ولكن إذا أصبح الكرملين محرضًا للتدفقات غير النظامية للإضرار بالمصالح الأمريكية، فإلى أي جانب سينحاز وزير الرابطة؟
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)