اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، 11 يوليو/تموز من كل عام، يوما لذكرى
الإبادة الجماعية في
سربرنيتسا، التي راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني على يد القوات الصربية.
وأقرت الجمعية العامة مشروع القرار المقدم من ألمانيا ورواندا وبمشاركة أكثر من 40 دولة، بأغلبية 84 صوتا من أصل 193 عضوا.
وامتنعت 68 دولة عن التصويت على مشروع القرار، فيما رفضته 19 دولة.
اظهار أخبار متعلقة
ويدين القرار إنكار الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، كما يدين تمجيد الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ومجرمي الحرب.
ويشدد على أهمية مواصلة الجهود للتعرّف على ضحايا الإبادة والعثور على جثثهم، وضرورة تقديم جميع المجرمين إلى العدالة.
ويطالب القرار بإقامة أنشطة في يوم 11 يوليو من كل عام، من شأنها إحياء ذكرى الضحايا وزيادة الوعي.
ويؤكد القرار على عدم استهداف أي مجموعة أو مجتمع عرقي أو ديني أو أي مجتمع آخر، عند معاقبة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية.
ورغم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة، إلا أنها تتمتع بثقل سياسي وتبعث برسالة قوية إلى المجتمع الدولي.
وقبيل التصويت، وصف الرئيس الصربي ألكسندر فوجيج، مشروع القرار بأنه "سياسي".
اظهار أخبار متعلقة
وقال إنه "تمت معاقبة الجناة المتورطين في الإبادة الجماعية، والقرار لن يسهم في الاستقرار والوحدة في
البوسنة والهرسك ولا في المنطقة، بل على العكس، سيزيد الانقسامات".
وقال فوجيج إن القرار قد "يسبب فوضى سياسية".
وأعلن أن هذا القرار "سيعيد فتح جروح قديمة وسيسبب فوضى سياسية، ليس في منطقتنا فقط بل هنا أيضا".
ودخلت القوات الصربية سربرنيتسا في 11 يوليو 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل
الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 و70 عاما.
تجدر الإشارة إلى أن القوات الصربية ارتكبت العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال حرب البوسنة التي بدأت عام 1992 وانتهت في 1995 بعد توقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.
وتعتبر مذبحة سربرنيتسا من أسوأ الفظائع التي شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأصبحت رمزا "للتطهير العرقي".
في ما يأتي التسلسل الزمني للأحداث:
1995-1992: حصار سربرنيتسا
بعد وقت قصير من بدء حصار العاصمة ساراييفو في بداية حرب البوسنة في نيسان/أبريل 1992، طوقت قوات صرب البوسنة مدينة سربرنيتسا ذات الأغلبية المسلمة في شرق البوسنة.
كما سيطرت قوات صرب البوسنة على بلدات أخرى في حوض نهر درينا بمساعدة جماعات شبه عسكرية جاءت من
صربيا المجاورة.
وفي نيسان/أبريل 1993، ومع تعرض المدينة لنيران الدبابات والمدفعية، أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن سربرنيتسا "منطقة آمنة" تحت حماية قوات الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
لكن في تموز/يوليو 1995، اجتاحت قوات صرب البوسنة مواقع قوات حفظ السلام، واحتجزت حوالي 30 جنديا هولنديا رهائن.
وفي 11 تموز/يوليو، استولى جيش صرب البوسنة بقيادة راتكو ملاديتش على سربرنيتسا، ما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من اللاجئين إلى مجمع القوات الهولندية في بوتوكاري على مشارف المدينة.
وانسحبت قوات حفظ السلام وآلاف اللاجئين، معظمهم من النساء والأطفال، إلى قاعدة الأمم المتحدة.
تموز/يوليو 1995: المجزرة
أمر ملاديتش بإجلاء جميع المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال والمسنون، بينما تم احتجاز جميع الرجال في سن القتال.
وفي الأيام التالية، قتلت قوات صرب البوسنة أكثر من 8000 رجل وفتى مسلم بشكل منهجي ودفنت جثثهم في مقابر جماعية.
أخرجت قوات الصرب فيما بعد العديد من الجثث وأعادت دفنها في قبور أخرى لمحاولة إخفاء الأدلة.
ويروي الناجون حكايات مروعة عن القتل والتعذيب والاغتصاب على أيدي قوات صرب البوسنة، وجهت على أساسها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة اتهامات لملاديتش وزعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كاراديتش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وحتى الآن، تم التعرف على حوالي 7000 من ضحايا المذبحة ودفنهم - 6751 في مقبرة بوتوكاري و250 في مقابر أخرى بمنطقة سربرنيتسا. ولا يزال نحو 1200 شخص في عداد المفقودين، بحسب معهد الأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك.
إدانات بارتكاب إبادة جماعية
في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، انتهت الحرب بإبرام اتفاقيات دايتون التي تم التوصل إليها تحت ضغط دولي.
وتقسم الاتفاقات البوسنة إلى كيانين، جمهورية صرب البوسنة واتحاد البوسنة المسلم-الكرواتي، ويتمتع كل منهما بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي وتوحدهما مؤسسات مركزية ضعيفة.
هرب كاراديتش وملاديتش ولم يتم القبض عليهما إلا في عامي 2008 و2011 على التوالي.
وتمت محاكمتهما بشكل منفصل في لاهاي وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم أخرى.
وإجمالا، أصدرت محاكم في لاهاي وساراييفو والعاصمة الصربية بلغراد أحكاما بحق نحو 50 شخصا بتهم جرائم تتعلق بمذبحة سربرنيتسا.