في غمرة
الخلافات الإسرائيلية الداخلية، والتورط في حرب غزة، لم يحظ فوز الجنرال يائير
غولان برئاسة
حزب العمل بكثير من الاهتمام، إلا أن أوساطا حزبية قدمت له ما يمكن
وصفها "خارطة طريق" لاستعادة مكانة الحزب في الحلبة السياسية بعد تدهوره
في السنوات الأخيرة، لعل أهمها خلق تمايز عن حزب الليكود، مع تجنب الأوهام
السياسية، وتبني الاحتجاج.
وأكدت المستشارة الاستراتيجية، والعضو السابق في حزب "أزرق- أبيض"، هيلا شاي فيزان، أن "فوز
غولان في رئاسة حزب العمل جاء على بعد خطوة واحدة من زوال، وعدم تجاوزه نسبة الحسم
في الانتخابات، صحيح أنه في استطلاعات الرأي يبدو أن الجمهور الإسرائيلي بأكمله
مائل في وجهات نظره إلى اليمين منذ بداية حرب السيوف الحديدية، لكن بالنسبة لجزء
آخر من الجمهور فإنه يرى الأحزاب الحاكمة بأنها متطرفة، وأحزاب الوسط غير ثابتة
بما فيه الكفاية في خطواتها".
وأضافت في مقال
نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الإجراءات
الفورية التي سيتخذها غولان في المستقبل القريب قد تضرّ بفرصه في إنقاذ حزبه، بعد
أن أوشك أن يفقد أصله بالكامل، فيما يعيش الجيش فترة أمنية صعبة، مما يستدعي من
غولان مزيدا من الإصرار على مواجهة الوضع القائم، بعد أن عانى أسلافه في كثير من
الأحيان من فشل سياسي خطير؛ وأدى افتقارهم للخبرة السياسية، وخاصة عدم رغبتهم
باتخاذ مواقف والقيام بأعمال مهمة على المستوى السياسي، لا سيما الجنرالات منهم مثل
أمنون ليبكين شاحاك، مروراً بعمرام متسناع، إلى غابي أشكنازي، وآخرين".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن
"غولان لا يغفل الوزن الكبير للبعد الأمني الذي حقق النجاح لحزب العمل في
العقود الأولى من تأسيسه، مما قد يستدعي منه أن يتخذ على الفور عددًا من الإجراءات
التي تهدف لإحياء "سمعته"، وإعادته لمكانته على الساحة السياسية، أولها
تعزيز العناصر الصهيونية في الحزب، لأن حزب العمل هو باني الدولة ومشروع الاستيطان
على مر السنين، وثانيها إعادة إرساء الأركان الأمنية في الحزب، لأن تركيبته
الحالية تمتاز بالنساء واليسار الاجتماعي".
وأوضحت أن
"الخطاب الأمني هو السائد في هذه الفترة لدى الإسرائيليين، وسيبقى كذلك في
السنوات القادمة، ومن الجيد أن يشمل فوراً، ودون خوف، أشخاصاً في خلفيتهم الأمنية
من أجل موازنة الاتجاه الذي اتخذه حزب العمل في السنوات الأخيرة، ويجب على غولان،
الذي ابتعد كثيراً عن التماهي مع المفهوم الأمني المتشدد، بجانب الرغبة في حل
سياسي طويل الأمد، أن يخلق تمايزا في الخطاب السياسي لحزب العمل، من حيث تعزيز
ارتباطه بالاستيطان والاستعدادات العسكرية".
وأشارت إلى أن
"غولان مطالب بأن يخلق خطاباً "واقعياً ورصيناً" في الأفق السياسي
على المدى المتوسط، دون أن يطمح لأن يصبح "حزب وسط"، بل أن يسعى ليكون
"صقرا أمنيا"، وفق تصور أغلبية الجمهور الإسرائيلي، واستخدام الشعارات
الأمنية، لأن اللعبة السياسية صعبة، وقذرة أحياناً، ومن المتوقع أن يواجه غولان
اختبارات صعبة منذ السابع من أكتوبر".
اظهار أخبار متعلقة
تجدر الإشارة إلى أن
غولان وصل إلى قمة حزب العمل، بدون بديل ومن دون منافسة، وستبقى من أسهل المعارك
السياسية في حياته، لكن من الواضح، وفق الرؤية الإسرائيلية، أنه بدون الخطوات
الواردة أعلاه، فمن الممكن أن ينجح في التأثير بالحزب لفترة قصيرة فقط، دون أن
ينجح بتحويله إلى حزب كبير ومهيمن لديه القدرة على التأثير على شخصية دولة
الاحتلال في السنوات المقبلة.