ما زالت أوساط
الاحتلال منشغلة بما تسميه
"الخطاب الدراماتيكي" للرئيس جو
بايدن، الذي قدم فيه عرضا واضحا للخيار
الوحيد للخروج بما يمكن وصفها "إنجازات" من الحرب الدائرة على
غزة، في
مواجهة "قصص التلاعب التي لا أساس لها" التي يدعيها رئيس الحكومة
بنيامين
نتنياهو وفريقه مثل "النصر المطلق" التي يغذيها الجمهور
اليميني.
الجنرال يسرائيل زيف، قائد فرقة غزة ورئيس شعبة
العمليات الأسبق في جيش الاحتلال، أكد أن "بايدن لجأ من خلال خطابه لتقديم
الحقيقة للجمهور الإسرائيلي في إطار عدم ثقته بنتنياهو الذي حجز لنفسه خطابا في
الكونغرس دون دعوة رسمية من بايدن، وكأنه يريد تكرار فشل سابق حين تحدث أمام
الكونغرس عام 2015 ضد الاتفاق النووي مع إيران، وقد أعلن ذلك رغم أنف الرئيس
باراك أوباما آنذاك، الذي ذهب لتوقيع الاتفاق ردا على خطاب نتنياهو، الذي يسعى
اليوم بصورة غريبة للتقليل من شأن بايدن، ويفعل ما لا يصدق بالدولة من خلال
إدارته الفاشلة للحرب الحالية".
وأضاف في مقال نشرته
القناة 12، وترجمته
"عربي21" أنه "قبل شهرين من موعد الانتخابات في الولايات المتحدة،
يواصل نتنياهو جهوده لإفشال بايدن من أجل تمهيد الطريق أمام فوز خصمه دونالد
ترامب
بالانتخابات في المقابل، على أمل أن يسمح له بمواصلة إدامة الحرب، والحفاظ على
كرسيه، بجانب الأثمان الباهظة التي سيتعين على الإسرائيليين دفعها".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "المطلوب اليوم من قبل
نتنياهو وفريقه، أولا وقبل كل شيء، إغلاق الباب أمام نهاية الحرب في غزة، وترك
حرب الاستنزاف في الشمال، ومحو فرصة إعادة المختطفين، وإقامة مراسم عزاء للصفقة
الإقليمية مع السعودية، وهذا الانفلات السياسي لنتنياهو قد تكون تكلفته أكثر من
ذلك بكثير، لا سيما وأن إيران وحزب الله يدركان جيدا الصدع الذي انفتح أمام البيت
الأبيض، ويستعدان للاستفادة من ذلك لتحويل دفة الأمور لصالحهما، والمضي قدما في
الهجوم على الاحتلال، على افتراض أن بايدن لن يتعجل هذه المرة بإرسال بوارج
والوقوف تماما بجانبه".
وأوضح أن "تحركات نتنياهو تعرّض للخطر
بشكل واضح وملموس أمن دولة الاحتلال، التي ليست مبنية على أي حال لمثل هذه الحروب
الطويلة، والثمن الاقتصادي والدولي الذي أوصلنا بالفعل لأدنى نقطة وأكبر انهيار
في تاريخها، وهو على الأرجح لا يهم نتنياهو الذي لم يحقق "النصر المطلق"
كما وعد، بل إنه يعرّض استقرار المنطقة للخطر بشكل كبير، لا سيما الضفة الغربية
والأردن مباشرة، ولذلك سيكون من المستحيل البقاء في رفح، والحل هو انسحاب عسكري
أحادي الجانب، وإلا سنذهب إلى خيار يزيد من تعقيد وضع الاحتلال، وسوف ترتفع حدة
الأزمة".
وعلى ما يبدو فإن نتنياهو يسير فعلا في اتجاه
إعادة ترامب إلى البيت الأبيض، رغم أن هذا خيار منفصل عن الواقع، وإضاعة للوقت
وتعزيز للمخاطر، ووضع مستقبل دولة الاحتلال في أيدي مجموعة من المراهنين على
أحصنة خاطئة دائما، مما يتعين على بيني غانتس وغادي آيزنكوت النزول من السفينة،
ودون خيار آخر أمامهم، كما سيتعين على يوآف غالانت أن يقرر ما إذا كان سيكون جزءا
من هذه المغامرة، رغم أنه وعدد آخر من أعضاء الكنيست يفهمون مدى خطورة الأمر، لأننا
نصل أخطر مكان منذ بداية الحرب، وحينها سيكون للجمهور أن يقول كلمته بإسقاط
نتنياهو.