نشر موقع "
أويل برايس" تقريرًا
قال فيه إن عملية بيع أسهم إضافية بقيمة 11.2 مليار دولار أمريكي من أسهم شركة
أرامكو
السعودية الرائدة في السعودية الأسبوع الماضي قد أثارت العديد من الأسئلة، وقد أشارت
مصادر في أرامكو إلى أن هذه العملية استقطبت الكثير من المستثمرين الدوليين أكثر من
الطرح العام الأولي الذي تم في كانون الأول/ ديسمبر 2019، ولكن في ذلك الوقت لم يشارك
مجتمع الاستثمار الغربي تقريبًا؛ لذا فإن هذه المقارنة تبدو مبالغًا فيها إلى حد كبير.
وأوضح الموقع، في التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، أن عملية بيع الأسهم الأخيرة أثارت ملاحظات حول ما إذا كان ذلك
سيزيد من الضرر الذي سيلحق بالشركة في سوق
النفط والغاز الحالي، وما إذا كان سيعزز
قدرتها على مساعدة السعودية على توفير المزيد من السيولة لنظامها المالي، وما إذا كان
سيشعل من جديد الدعوات إلى سن تشريع بعيد المدى لمكافحة الاحتكار ضد الشركة والسعودية،
نظرًا للصلة الوثيقة بين الاثنين في سوق النفط العالمية.
اظهار أخبار متعلقة
إن أحد الأغراض الرئيسية للاكتتاب العام
الأولي كان سد الفجوة الضخمة في الميزانية السعودية بعد حرب أسعار النفط 2014-2016،
والتي كانت قد حرضت عليها لتدمير أو تأخير التوسع في صناعة النفط الصخري الأمريكي الناشئ
آنذاك، فلقد حولت تلك الحرب السعودية من فائض في ميزانيتها إلى عجز قياسي بلغ 98 مليار
دولار أمريكي في نهاية سنة 2015، كما أنها أنفقت ما لا يقل عن 250 مليار دولار أمريكي
من احتياطاتها الثمينة من النقد الأجنبي خلال تلك الفترة، والتي قال حتى كبار السعوديين
إنها ضاعت سدى، وكان الوضع الاقتصادي والسياسي في السعودية سيئًا للغاية في نهاية حرب
أسعار النفط تلك، لدرجة أن نائب وزير الاقتصاد السعودي آنذاك، محمد التويجري، صرح بشكل
لا لبس فيه (وبشكل غير مسبوق بالنسبة لسعودي رفيع المستوى) في تشرين الأول/ أكتوبر
2016 قائلاً: "إذا لم نتخذ أي إجراءات إصلاحية، وإذا بقي الاقتصاد العالمي على
حاله، فسيكون مصيرنا الإفلاس في غضون ثلاث إلى أربع سنوات".
وأضاف الموقع أنه في تلك المرحلة، جاء ولي
العهد الطموح آنذاك، الأمير محمد بن سلمان، بفكرة بيع جزء من أرامكو. ومن مزايا ذلك
أنه يمكن أن يجمع الكثير من الأموال لسد العجز في الميزانية في المقام الأول. وكان
الغرض الإضافي من الاكتتاب العام الأولي لسنة 2019 هو استخدام أي أموال إضافية من بيع
الحصة التي كانت مقررة آنذاك، والتي بلغت 5 بالمائة من أسهم الشركة، لتعزيز خطة
"رؤية 2030" التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن الاعتماد على
صادرات النفط. والعامل الإيجابي الآخر هو أن نجاح الطرح العام الأولي لأرامكو سيعزز
سمعة السعودية في أسواق رأس المال الدولية، مما يسمح لها بإجراء اكتتابات عامة أولية
مماثلة في المستقبل بسهولة أكبر.
وأشار الموقع إلى أن المستثمرين الغربيين
تجنبوا إلى حد كبير الاكتتاب العام، مما أدى إلى انخفاض كبير في حجم الطرح من 5 بالمائة
إلى 1.5 بالمائة فقط، وفشلوا في العثور على وجهة إدراج دولية رئيسية، ومن النتائج الأخرى
لهذا النقص في الاهتمام أن الحكومة السعودية اضطرت إلى تقديم ضمانة بتوزيعات أرباح
ضخمة إلى جانب الاكتتاب العام الأولي لضمان بيع حتى حصة 1.5 بالمئة. ورغم أن النسبة
المئوية لعوائد توزيعات الأرباح (أقل بقليل من 4 بالمئة) في ذلك الوقت لم تكن ضخمة
بمعايير الشركات الغربية المماثلة (بعضها كان يقدم عوائد توزيعات أرباح بنسبة 6 بالمئة
أو أكثر)؛ إلا أنه من حيث القيمة المطلقة فإن المبلغ الذي كان يجب دفعه سيشكل ضغطًا
كبيرًا على الشركة لسنوات، نظرًا للتدفق النقدي الحر الذي كانت تدره.
وبحسب الموقع؛ كان على الحكومة السعودية
أن تضمن دفع أرباح بقيمة 75 مليار دولار أمريكي في سنة 2020، مقسمة بالتساوي إلى مدفوعات
بقيمة 18.75 مليار دولار أمريكي كل ثلاثة أشهر، ومن المذهل أن هذه الأرباح ارتفعت في
سنة 2023 إلى 97.8 مليار دولار أمريكي، مدعومة بتوزيعات أرباح إضافية مرتبطة بالأداء
تهدف إلى مواكبة مدفوعات الأرباح الأعلى التي تقدمها بعض شركات النفط والغاز الغربية
الكبرى. وتهدف هذه التوزيعات الإضافية إلى استهداف 50-70 بالمائة من التدفق النقدي
الحر السنوي لأرامكو، وصافي توزيعات الأرباح الأساسية، ومبالغ أخرى تشمل الاستثمارات
الخارجية، وفقًا لما ذكره الرئيس التنفيذي لأرامكو، أمين الناصر. وفي الربع الأول من
سنة 2024، بلغت توزيعات الأرباح الأساسية 20.3 مليار دولار أمريكي، والتي ستتم زيادتها
بتوزيع أرباح أخرى مرتبطة بالأداء بقيمة 10.8 مليارات دولار أمريكي، ليصل الإجمالي
إلى 31 مليار دولار أمريكي.
وذكر الموقع أن أرامكو السعودية تتوقع دفع
124.3 مليار دولار أمريكي من الأرباح الموزعة، خلال سنة 2024، وهو ما يعني من الناحية
العملية زيادة احتمال اضطرار أرامكو إلى تقليص الاستثمارات الأخرى في عملياتها الميدانية
لتتمكن من الاستمرار في خدمة هذه الالتزامات الضخمة في المستقبل. وبالفعل، شهد شهر
كانون الثاني/ يناير توجيهًا من وزارة الطاقة إلى الشركة بإلغاء زيادة حيوية مخطط لها
في الطاقة الإنتاجية للنفط.
اظهار أخبار متعلقة
إن استمرار دفع كل هذه الأموال للمستثمرين
لمجرد دعم سعر السهم يقوض أيضًا الأساس الرئيسي لبيع الأسهم في المقام الأول - أي سد
العجز في الميزانية وتمويل خطة التنمية "رؤية 2030". وهذا الأمر أكثر ضرورة
الآن؛ حيث لم تتعاف السعودية ماليًا بشكل كامل من الآثار المروعة لحرب أسعار النفط
2014-2016، أو من حرب أسعار النفط لسنة 2020، وما تلاها من إجراءات سوق النفط. حتى
بدء غزو روسيا لأوكرانيا في سنة 2022، كان سعر التعادل المالي للنفط في السعودية أعلى
مما كانت تدفعه السوق، مما يعني بعبارات بسيطة أنها لم تكن تجني ما يكفي لتغطية نفقاتها
كدولة. وهي ليست أفضل حالًا مرة أخرى الآن؛ حيث يبلغ سعر التعادل المالي لسنة 2024
حوالي 96.17 دولار أمريكي لبرميل نفط برنت القياسي.
وتابع الموقع بأن السعودية توقعت عجزًا
في الميزانية هذه السنة بقيمة 79 مليار ريال سعودي (21.07 مليار دولار أمريكي)، وهو
ما يعتقد العديد من مراقبي سوق النفط أنه متفائل للغاية. إن التداعيات الواقعية لهذا
الأمر سيئة للغاية لدرجة أن العديد من مشاريع "رؤية 2030" إما تم تعليقها
أو تقليص حجمها بشكل جذري، بما في ذلك مشروع مدينة نيوم الرائد. وقد تم تقليص حجم مشروع
المدينة الطولي الذي كان مقدرًا في البداية بتكلفة 1.5 تريليون دولار أمريكي من
106 أميال إلى 1.6 ميل فقط.
وبالنظر إلى الوضع المالي المتردي للسعودية
وأرامكو؛ فإن تمديد "أوبك" ـ في 2 حزيران/ يونيو ـ لخفض الإنتاج بمقدار 3.66 ملايين برميل
يوميًا حتى نهاية سنة 2025 و2.2 مليون برميل أخرى حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2024 على
أقل تقدير، قد يثير مرة أخرى مخاوف بشأن العلاقة بين الكيانين، فلطالما انتقدت الولايات
المتحدة العلاقة بين "أوبك" والسعودية وأرامكو واحتفظت أيضًا بسلاحها الرئيسي
لكسر هذه العلاقة، وهو مشروع قانون "لا لكارتلات إنتاج وتصدير للنفط" أو
"نوبك".
اظهار أخبار متعلقة
واختتم الموقع تقريره موضحًا أن تفعيل قانون
"نوبك" سيعني أن تجارة جميع منتجات أرامكو السعودية - بما في ذلك النفط
- ستخضع لقانون مكافحة الاحتكار، مما يعني حظر المبيعات بالدولار الأمريكي. كما أنه
سيعني أيضًا تفكك أرامكو في نهاية المطاف إلى شركات أصغر غير قادرة على التأثير على
سعر النفط.
وقد شهد شهر أيار/ مايو 2022 تمرير مشروع قانون "نوبك" من قبل
لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي بعد عدم رغبة السعودية في المساعدة في خفض أسعار النفط
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وقد أوحى ذلك للكثيرين بأن واشنطن غير مستعدة لتحمل استمرار
ارتفاع أسعار النفط، وأن تهديد "نوبك" يمكن أن يصبح واقعًا بالنسبة للسعودية،
وبالتالي، يبدو أن الهامش المتاح أمام المملكة لإصلاح عجز ميزانيتها المتفاقم، والاستمرار
بجدية في "رؤية 2030" من خلال هندسة ارتفاع مستمر وكبير في أسعار النفط بعد
نقطة التعادل المالي محدود للغاية.