ناقشت صحيفة ذا نيشن الأمريكية، أصوات الناخبين المسلمين، وتأثيرهم على مسار الانتخابات التي جرت في
بريطانيا، ودورهم في الولايات المتحدة الأمريكية، مع اقتراب السباق الرئاسي الأمريكي.
نشرت صحيفة "
ذا نيشن" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن المسلمين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الذين وجهوا رسالة من خلال الانتخابات، موضحة أن المسلمين البريطانيين، الذين يشكلون حوالي 6 بالمائة من إجمالي عدد السكان، خرجوا بأعداد كبيرة لتحدي التيار السياسي والتصويت ضد الحزب الذي كان من المقرر أن يشكل الحكومة، لتصبح نتيجة الانتخابات غير متوقّعة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه أصبح من الواضح، في الساعات الأولى من صباح يوم الاقتراع، أن حزب المحافظين قد انزلق إلى أسوأ هزيمة له على الإطلاق بواقع 121 مقعدًا من إجمالي 650 مقعدًا. في المقابل، فاز حزب العمال بأغلبية ساحقة، على الرغم من حصوله على عدد أقل من الأصوات مقارنة بالهزيمة الكارثية في سنة 2019.
في تطور مثير للسخرية، كانت النتائج الأكثر إثارة في الانتخابات في الدوائر الانتخابية التي خسرها حزب العمال. ففي الأسبوع الماضي، هزّ خمسة من المستقلين المؤيدين للفلسطينيين، الذين ترشحوا في مناطق ذات كثافة سكانية مسلمة كبيرة، المؤسسة السياسية بفوزهم بمقاعدهم. ومن بين هؤلاء الخمسة، كان زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين الوحيد الذي يتمتع بشعبية على المستوى الوطني.
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت الصحيفة أنه في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة، وللمرة الأولى في التاريخ، بدأت الجالية المسلمة في المملكة المتحدة تنظيم نفسها في كتلة تصويتية يمكنها تحدي الوضع الراهن. وقد تكاتفت المساجد والمراكز المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني لإنشاء حركة سياسية ملتزمة بوضع أزمة غزة في قلب الانتخابات.
وذكرت الصحيفة أن الحزبين الرئيسيين في ويستمنستر توصلا، بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلى إجماع على أن الردّ العسكري الإسرائيلي يشكل شكلًا مشروعًا من أشكال الدفاع عن النفس. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، قال زعيم المعارضة آنذاك، كير ستارمر، إن لإسرائيل الحق في قطع المياه والكهرباء عن السكان المدنيين في غزة. وبعد شهر، دفع أعضاءه في البرلمان للتصويت ضد اقتراح وقف إطلاق النار، مما أثار غضب المسلمين البريطانيين الذين دعموا حزب العمال تاريخيًا.
وقد تم تحفيز هؤلاء الناخبين من قبل منظمة تدعى "صوت المسلمين"، التي حددت حوالي 75 دائرة انتخابية يشكل المسلمون فيها جزءًا كبيرًا بما يكفي من الناخبين للتأثير على النتيجة، وأيدت المرشحين المستقلين الذين خاضوا الانتخابات على أساس برنامج مؤيد لغزة. وإلى جانب المرشحين الخمسة الذين فازوا، كان هناك العديد من المرشحين الذين خسروا بفارق ضئيل وتمكنوا من بناء صورة عامة.
ونظرًا لطبيعة السياسة الأمريكية التي غالبًا ما تكون ضيقة الأفق، من غير المرجح أن يكون صدى موجات الصدمة من هذه النتائج قد تردد في البيت الأبيض. ولكن إذا اتخذ المسلمون الأمريكيون إجراءات مماثلة لنظرائهم البريطانيين في تشرين الثاني/ نوفمبر، فيجب أن يكون الرئيس جو
بايدن قلقًا للغاية بالفعل. فمن بين المليون أو نحو ذلك من المسلمين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2020، اختار ما يقارب 80 بالمائة منهم التصويت للرئيس بايدن. أما اليوم، فقد انخفضت النسبة المؤيدة له إلى حوالي 5 بالمائة، وذلك وفقًا لاستطلاع للرأي أجرته منظمة إمجاج، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية في المجتمعات المسلمة في أمريكا.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت الصحيفة أنه يمكن أن يكون هذا الانخفاض كارثيًا في ولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا حيث تعد أغلبية بايدن أقل من إجمالي عدد السكان المسلمين. لقد أثبت نجاح الحركة غير الملتزمة بالفعل أن الناخبين المسلمين، وكذلك اليسار المناهض للحرب، قادرون على تنظيم أنفسهم في كتلة واحدة.
فقد أدلى أكثر من 13 بالمئة من الذين صوتوا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيغان بأصواتهم على أنهم "غير مهتمين". وبلغت هذه النسبة حوالي 19 بالمائة في مينيسوتا، أي حوالي 46,000 ناخب، وهو ما يفوق هامش فوز هيلاري كلينتون هناك في سنة 2016. وفي ولاية أريزونا، وهي الولاية التي فاز بها بايدن بحوالي 10,000 صوت في سنة 2020، صوّت ما يقارب 16,000 ديمقراطي لصالح ماريان ويليامسون بعد أن دعت إلى وقف إطلاق النار.
وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو غريبًا، إلا أن ما قد ينتهي به الأمر إلى إنقاذ بايدن هو ضراوة دونالد ترامب. ويبدو أنه من المشكوك فيه أن يكون الناخبون المسلمون في الولايات المتحدة على استعداد - سواء من خلال اللامبالاة أو الاحتجاج - لرسم مسارٍ ما لسياسي غاضب من الإسلام لاستعادة البيت الأبيض حيث يمكنه استئناف هذا النوع من السياسات التي دفعتهم إلى التصويت لصالح الرئيس بايدن.
وخلافًا للانتخابات العامة البريطانية، حيث كان من الواضح مسبقًا أن المحافظين لن يفوزوا، من المتوقع أن تكون النتيجة في تشرين الثاني/ نوفمبر متقاربة، وبالتأكيد لا يوجد سبب للاعتقاد بأن ولاية ترامب الثانية ستكون أفضل للمسلمين من الأولى.
وأضافت الصحيفة أن ترامب، الذي أصدر قرار حظر المسلمين سيئ السمعة، أظهر باستمرار ازدراءه للشعب الفلسطيني قولاً وفعلاً. فهو الرئيس الذي اعترف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، والمرشح الذي استخدم مصطلح "فلسطيني" كإهانة لمنافسه خلال مناظرة تلفزيونية في حزيران/ يونيو الماضي. كما وعد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين وهدّد بترحيل الطلاب الأجانب الذين يتظاهرون في حرم الجامعات.
ومع وجود اثنين من المرشحين المؤيدين لوقف إطلاق النار على بطاقة الاقتراع - جيل ستاين وكورنيل ويست - يبدو أن بطاقة بايدن/هاريس وضعت نفسها في موقف يُطلب فيه من آلاف الناخبين المسلمين إعادة انتخابهم بالتصويت ضد ضمائرهم. وسيحدد الوقت كيف سيختارون الرد.