لا أدري
إن كانت الشواهد والمؤشرات هي لما يسمى فترة ما بعد
السيسي، وهل السيسي سيرحل، أم
هي سلسلة متصلة الحلقات نظمها الفاعل الإقليميّ والدوليّ لقطع الطريق على القوى
الوطنية بمختلف تياراتها السياسية غير التابعة للغرب، لمنع إحياء ربيع الثورات
حماية للعروش العربية والمصالح الغربية.
الوقائع
وحجم الانتهاكات التي ما زالت سارية المفعول حتى اللحظة تؤكد عدم إمكانية ومصداقية
هذا النظام القبول بفتح صفحة جديدة مع أي تيار، أقول: أي تيار لأسباب عدة منها:
أولا؛
السيسي نموذج تجريبي على غرار تجريب أسلحة الدمار الشامل المحرمة والمجرّمة دوليا،
والتي تجريها الأنظمة والأجهزة الغربية في الصراعات العسكرية في مناطق العرب
والمسلمين دون غيرها؛ لأنها مناطق مستباحة يحكمها أتباع وأذرع الغرب -أذناب
الاستعمار- وهم في الغالب أنظمة حكم عسكرية أو بخلفيات عسكرية أو بدعم عسكري.
الوقائع وحجم الانتهاكات التي ما زالت سارية المفعول حتى اللحظة تؤكد عدم إمكانية ومصداقية هذا النظام القبول بفتح صفحة جديدة مع أي تيار
ثانيا؛
حسم الغرب والشرق موقفه من حركات وجماعات الإسلام السياسي السني دون غيره خاصة
جماعة الإخوان، وخرجت التقارير تحسم الجدل القديم في التعاطي مع الإسلام السياسي
الذي ينهج النضال السلمي ضد أنظمة الاستبداد والفساد، وكانت النتيجة؛ التحول من
وجهة النظر كونها جدارا عازلا بين الحركات المتشددة المسلحة وأنظمة الحكم إلى
اعتبارها جماعة إرهابية، وأن الجميع في سلة واحدة، وهي عقيدة أسسها الغرب والشرق
بالتعاون مع الأجهزة الأمنية العربية الموجودة في
مصر والخليج والتي غيّرت موقفها
من الإخوان من تسعينيات القرن الماضي بالتزامن مع الغزو العراقي للكويت ثم
بالتزامن مع ثورات الربيع العربي.
ثالثا؛
النموذج التجريبي للسيسي حقق نتائج مبهرة للمشروع الصهيوني الغربي في إزاحة كل
مكونات المشهد الوطني -إسلامي وليبرالي- وفُرض بالمال والبندقية، وتمت إزاحة صندوق
الانتخاب وفُرض صندوق الذخيرة بتكلفة بسيطة للغاية على الأنظمة والأجهزة، وإن كانت
التكلفة باهظة وفادحة على الدول والشعوب في الحاضر والمستقبل.
رابعا؛
النموذج التجريبي للسيسي لم يكلف الخليج إلا عدة مليارات وهو أهون وأرخص الموجود
لديها، ولم يكلف الغرب سوى الصمت والإقرار وأحيانا القلق والاستنكار، لكن النتائج
مبهرة للغرب والشرق في إسكات وإخماد وتكميم كل الأصوات الحرة إلا النادرة.
النموذج التجريبي للسيسي قائم وسيبقى خاصة في غياب القوى الحية للمجتمع والدولة، من أشخاص وكيانات ومؤسسات، ولا رهان على الغرب والشرق، بل لا رهان على بقايا المعارضة إذا استمرت مشغولة بصراعاتها البينية والداخلية، ولم تستجب لطى صفحة الماضي واستئناف روح النضال التشاركية
خامسا؛
النموذج التجريبي للسيسي حقق لصهاينة اليهود ما لم يتحقق بالحروب والنزاعات، وحقق
لأنظمة الخليج تأمين عروشهم من عواصف الربيع العربي، وأتاح الفرصة للمؤسسات
العسكرية من السيطرة الميدانية على الشعوب والدول ومؤسساتها السيادية في الجيش
والشرطة والقضاء والإعلام بصفة خاصة.
سادسا؛
النموذج التجريبي للسيسي قائم وسيبقى خاصة في غياب القوى الحية للمجتمع والدولة،
من أشخاص وكيانات ومؤسسات، ولا رهان على الغرب والشرق، بل لا رهان على بقايا
المعارضة إذا استمرت مشغولة بصراعاتها البينية والداخلية، ولم تستجب لطى صفحة الماضي
واستئناف روح النضال التشاركية، ووضع آليه لإعداد منصات قيادة جديدة، تناسب حجم
التحديات ومستوى الطموحات، منصات جديدة بعيدة عن رواسب الماضي المؤلمة والمعطلة،
منصات قيادة وطنية متنوعة الأفكار والألوان، يحتفظ فيها كل فصيل بمرجعيته العقدية
فهذا حقه، وتبقى المرجعية الأساسية: وطن واحد يسعنا جميعا، نعيش فيه بحرية وكرامة
إنسانية.
لذا
فإن المنتدى المصري "برلمانيون لأجل الحرية" يدعو كل
القوى الوطنية
بمختلف تياراتها السياسية والنخب الفكرية والثقافية وكافة المهتمين بالشأن العام
أن يلتفوا حول إطار عريض ينطلق من المقومات الأساسية لهذا المجتمع، وأن يتعاونوا
في المتفق عليه -وهو كثير- وأن يتحاوروا حول المختلف فيه -وهو قليل- من أجل إنقاذ
مصر من سيطرة حكم العسكر وتداعياته على مستقبل مصر شعبا وهوية وأرضا، فهذا ما
يقتضيه الواجب الوطني، والفترة الحرجة التي تمر بها البلاد.
(رئيس
منتدى البرلمانيين المصريين في الخارج- 77 نائبا حول العالم)