في ضوء الخلافات
الإسرائيلية الداخلية، والخلافات الإسرائيلية المصرية حول مستقبل التواجد العسكري
على الحدود الجنوبية لقطاع
غزة، ضمن ما يسمى "
محور فيلادلفيا"، تجتهد
المؤسسة العسكرية للاحتلال في العثور على طرق عملياتية لفرض السيطرة الميدانية على
المحور، دون أن يسفر ذلك عن توترات مع المصريين، أو استنزاف لقوات
الاحتلال من قبل
المقاومة.
وتعتقد قيادة
المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال أنه يجب ترك القوات في الميدان بتشكيلات مختلفة،
وفي حالة تحرك دائم.
يوسي يهوشاع المحلل
العسكري بصحيفة
يديعوت أحرونوت، ذكر أن "الجدل حول السيطرة على محور
فيلادلفيا ومعبر رفح واختيار الحل المناسب بات مسألة مهنية داخل جيش الاحتلال،
ويجب أن تتم من دون مناورات وضغوط سياسية كما حدث عشية الانسحاب من غزة في 2005،
بين الجيش والشاباك ووزير الحرب، حينها عارضوا مغادرة المحور الذي يربط القطاع
بمصر، كما عارض رئيس الوزراء أريئيل شارون هذه الخطوة".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أنه "قبل وقت قصير من الخطة، قرر شارون الانسحاب، خوفا من
أن تكون دولة الاحتلال مسؤولة عن القطاع إذا بقي الجيش هناك، واضطر لتفجير المواقع
الاستيطانية قبل أيام قليلة من المغادرة، وقد أعدت القيادة الجنوبية مؤخرا عدة خطط
لإمكانية الانسحاب من المحور، كجزء من مطالب حماس في صفقة تبادل الأسرى".
وكشف أن "أولى
الخطط العسكرية للاحتلال لمشكلة محور فيلادلفيا تتمثل في إقامة حاجز تحت الأرض على
الجانب المصري، مماثل للعائق الذي أقيم على حدود غزة، بحيث يغلق الأنفاق، وثانيها
وضع منظومة مشتركة مكونة من أجهزة استشعار ستعطي إشارة لحفر الأنفاق، وعندما يتم
ذلك ستدخل القوات، وتتعامل مع التهديدات، وثالثها ترك القوات في الميدان بتشكيلات
مختلفة، وفي حالة تحرك دائم؛ وفي ضوء ما علمت فإن قيادة المنطقة الجنوبية تفضل
الخيار الثالث ذا التواجد البري، ولهذا الغرض تنخرط قوات الهندسة الآن في كشف
المنطقة المحيطة بالسياج لجعل حفر الأنفاق فيها أكثر صعوبة على حماس".
وأشار إلى أن "رئيس
الأركان هرتسي هاليفي قدم مؤخرا موقفا رسميا بموجبه نعرف كيفية السيطرة على
المحور بكل أنواع الطرق العملياتية فيها، فيما يدّعي المعارضون أن هذا وعد لا يمكن
تحقيقه في المستقبل، لأن حماس ستعود للاستقرار في رفح، ولن يتمتع الجيش بحرية
العمل كما هو الحال الآن، وهم يعارضون وضع أجهزة الاستشعار فقط، لأنه لا يكفي
للتواجد على المحور فقط، بل مطلوب أيضًا في مدينة رفح ذاتها، من أجل تحديد المنازل
التي تأتي منها الأنفاق، وتحتاج للسيطرة على المدينة، وليس الطريق السريع الحدودي
فقط".
ونقل عن ضابط كبير
زعمه أنه "قبل كل شيء، هناك اتفاق عام على أن
معبر رفح هو الأهم من حيث
السيطرة عليه، لأن حماس نقلت عبره صواريخ مضادة للدبابات، وبالتالي فإن التحدي
الكبير التالي هو من سيدير المعبر، لأنه في إطار مفاوضات عودة المختطفين، التي
تجري بنسب متفاوتة في الآونة الأخيرة، تطرح هذه القضية المعقدة مراراً وتكراراً،
مما يشكل قلقاً كبيراً للمؤسسة الأمنية والمستوى السياسي، فيما ترى مصر أهمية
استراتيجية واقتصادية كبيرة للمعبر الذي يربطها بغزة، أما الاحتلال فينظر للمعبر
بأنه فرصة استراتيجية بجانب مخاطره الأمنية، دون مراقبة دقيقة للبضائع والأشخاص
الذين يمرون عبره".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "المشكلة
الأساسية التي تواجه صناع القرار حالياً، في القاهرة وتل أبيب، هي هوية من سيدير
المرحلة الانتقالية داخل غزة، بعد أن أدارته حماس طيلة السنوات الماضية، ومنذ
اقتحام الجيش لرفح، توقف نشاط المعبر بسبب الخلاف على وجود فلسطيني دائم غير حماس
فيه، وتريد واشنطن والقاهرة والدوحة أن تتواجد السلطة الفلسطينية فيه، أما
الاحتلال فيعترض على مشاركتها في إدارة غزة في اليوم التالي، رغم أن مصادر مطلعة
على المفاوضات ظلت تطرح على المستوى السياسي منذ أشهر عديدة الادعاء بأن وجود
السلطة في المعبر سيشكل ضغوطًا كبيرة على حماس، لأنه سيقوض قدرتها على الحكم في غزة".
وختم بالقول إنه
"في غياب موافقة إسرائيلية على وجود حماس أو السلطة الفلسطينية في معبر رفح،
فإن الاحتلال والوسطاء يفكرون خارج الصندوق، رغم أن الأمريكيين لن يرسلوا قوات
مسلحة إلى غزة، وكذلك الدول العربية، لكن مشاركة قوة أو أخرى متعددة الجنسيات قد
توجد مع حكومة مركزية ما، حتى لو كانت تكنوقراط بدعم متعدد الجنسيات، وهناك بالفعل
اتفاقيات بشأن ذلك، حيث تم تحقيق الإشراف والتفتيش على البضائع والأشخاص بين
الاحتلال ومصر في نهاية عملية طويلة أدارتها المؤسسة الأمنية، وأسفرت عن إنجازات
كبيرة وسابقة ستؤثر في اليوم التالي للحرب".
تكشف هذه التفاصيل أنه
لم يكن من الممكن التوصل لاتفاقات بشأن تفتيش الاحتلال على البضائع التي تدخل عبر
مصر، وموافقة أمنه على من يغادرون غزة، لولا الثقة القائمة بين مسؤولي الأمن
الإسرائيليين والمصريين والدعم الأمريكي الكبير، ومع ذلك فإن تل أبيب، بشقيها
السياسي والعسكري، ستعود مرارا وتكرارا لنقطة البداية نفسها، ويتعين عليها أن تجد
كياناً فلسطينياً قانونياً لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة بالتنسيق مع الاحتلال
أو مع قوة متعددة الجنسيات، وإذا كان الاحتلال يريد التوصل لصفقة تبادل في أقرب
وقت ممكن، فيبدو أنه سيضطر للتنازل عن هذه المطالب.