طب وصحة

ما هي الاعتبارات الأخلاقية الواجب مناقشتها قبل تجربة "المشيمة الصناعية"؟

هناك ثلاث فِرق تعكف على تطوير تقنية المشيمة الصناعية أو الرحم الصناعي- جيتي
هناك ثلاث فِرق تعكف على تطوير تقنية المشيمة الصناعية أو الرحم الصناعي- جيتي
يعكف عدد من العلماء في مستشفى بولاية بنسلفانيا الأمريكية، على تطوير ما يشيرون إليه باسم "الرحم الصناعي" أو "المشيمة الصناعية"؛ بغرض إنقاذ حياة الأطفال المبتسرين؛ وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو كأنها مقتبسة من أفلام الخيال العلمي، حيث تُنتزع أجنّة من أرحام الأمهات لتوضع عوضا عن ذلك في أكياس مملوءة بسوائل، فإن هذا ما يفعله علماء بأجنّة تواجه خطر الابتسار الحادّ.

وبحسب العلماء، فإن "الرحم الصناعي"  يساعد في تعزيز حظوظ الأطفال المبتسرين في البقاء على قيد الحياة، إذ لا يحتضن نمو الجنين من بداية الحمل حتى الولادة، في إشارة إلى أن مدة الحمل الطبيعي تستمر نحو 40 أسبوعا، ويستغرق الجنين لكي ينمو بشكل كامل مدة 37 أسبوعا.

غير أنه أحيانا تشهد فترة الحمل مشكلات ومضاعفات، قد تتمخض عنها ولادة الجنين قبل أوانه، أي مبتسرا. لذلك عملت الطفرات التي شهدها طب حديثي الولادة على مدى العقود القليلة الماضية، على عيش معظم الأطفال المبتسرين، وباتوا يغادرون المستشفى بلا مشكلات صحية خطيرة.

وبالتزامن مع اعتكاف العلماء في المستشفى على أبحاثهم، طفت على السطح جُملة اعتبارات أخلاقية بخصوص التقنية، التي يحتاج خلالها الرحم الصناعي إلى توصيل أنبوب بالحبل السُري، ويحتاج الطفل إلى الخروج الفوري من رحم الأم إلى الرحم الصناعي؛ لأن الشريان السُري سرعان ما ينسدّ بعد الولادة، وحينئذ يكون هناك اضطرار لإجراء ولادة قيصرية بدلا من الولادة الطبيعية.

وتقول أخصائية الأطفال حديثي الولادة، ستيفاني كوكورا، في مقالة حديثة؛ إن "إجراء العملية القيصرية في هذا الوقت المبكر (22 أسبوعا من الحمل) لا يتم بالطريقة نفسها كما في العمليات القيصرية عند تمام نمو المولود (40 أسبوعا)"، موضحة: "تشتمل العملية على عمل شق في الطبقة العضلية للرحم، مما قد يترك أثرا على الحمل مستقبلا".

وتشير إلى أن هناك "مخاطر أخرى ترتبط بهذه العملية مقارنة بالولادة الطبيعية، مما يتطلب موافقة مسبقة من الأُم والأب؛ وأن النقطة الأصعب في هذا الأمر تتمثل في الطريقة التي نشرح بها العملية للوالدين المقبلين عليها".

تقول كوكورا: "لنتخيل زوجين يواجهان هذا الموقف الصعب، وقد علما للتوّ أيّ مصير بائس ينتظر طفلا يولد بعد 22 أسبوعا فقط من الحمل، ولربما يتوق هذان الزوجان إلى الاستعانة باكتشاف جديد، حتى لو كان هذا الاكتشاف لم يُختبر بعد. إن الوالدين يُقدمان على أي شيء من أجل طفلهما".

إظهار أخبار متعلقة


إلى ذلك، أشارت بيانات حديثة إلى أن نسبة 30 في المئة من الأطفال الذين يولدون بعد 22 أسبوعا من الحمل يمكن أن يعيشوا إذا ما خضعوا لعناية مكثفة. وتقول ستيفاني كوكورا، وهي أخصائية حديثي الولادة بمستشفى الرحمة للأطفال في مدينة كانساس سيتي بولاية ميزوري: "الأطفال الذين يولدون بعد 28 وحتى 27 أسبوعا من الحمل يمرون بسلام تام".

وأضافت: "أما الأطفال الذين يولدون بعد 22 إلى 23 أسبوعا، فإنهم يواجهون مخاطر شديدة، ولا نكون واثقين من قدرتهم على البقاء على قيد الحياة". مبرزة أن هؤلاء الأطفال المبتسرون تكون حياتهم على المحكّ، ويواجهون تحديات صحية خطيرة، وعادة ما تقلّ أوزانهم عن 900 غرام عند الميلاد.

وأردفت بأن الأجهزة الحيوية لديهم كالقلب والرئتين والجهاز الهضمي والمخ، لا تكون قد نمَت بما يكفي لبقاء المولود على قيد الحياة دون حاجة لرعاية طبية مكثفة. وأنه من بين المشكلات قصيرة المدى التي عادة ما تطرأ على هؤلاء الأطفال المبتسرين، ما يعرف باسم "الالتهاب المعوي القولوني الناخر"، وهو مرض خطير تلتهب فيه أنسجة في الأمعاء قبل أن تبدأ في الموت.

ويكون المولود في هذه السن فريسة سهلة للعدوى، ولانخفاض ضغط الدم بشكل مهدِّد للحياة قد ينجم عنه تلف الرئتين والكلى والكبد وأجهزة أخرى. وفي خضم ذلك تولد مشكلات طويلة المدى يمكن أن تؤثر بشكل خطير على الأطفال المبتسرين، ومنها الشلل الدماغي، وأمراض تتعلق بصعوبات التعلم، والإبصار والسمع، فضلا عن مشكلات تتعلق بالتنفس. وحتى الأجهزة المعدّة طِبقا لأحدث التقنيات من أجل إنقاذ حياة هؤلاء الأطفال المبتسرين -كأجهزة التنفس والدعم بالأكسجين-، يمكن أن تضرّ رئاتهم الضعيفة.

وأوضح جورج ميخاليسكا، وهو أستاذ الجراحة وطب التوليد بجامعة ميشيغان: "في هذه السن المبكرة (22 أسبوعا من الحمل)، لا يكون نموّ الرئتين قد اكتمل بعد، ومن ثم ينبغي ملؤهما بسائل. ولكن في حالات الابتسار الحادة، نضطر إلى وضع أنبوب في القصبة الهوائية للمولود، ونضخّ عبر هذا الأنبوب هواء وأكسجينا إلى الرئتين، ويتسبب ذلك في إحداث جُرح".

وتابع ميخاليسكا: "مع مرور الوقت، تتقرّح الرئتان، ويصاب الطفل بمرض رئوي مزمن. وعادة ما يحتاج هؤلاء الأطفال بعد أن يغادروا المستشفى إلى العلاج بالأكسجين بقية حياتهم". مردفا: "ويزيد خضوع الطفل المبتسر للتنفس الصناعي من فُرص الإصابة بالعمى، والسبب في ذلك، هو أن الأوعية الدموية التي تغذي شبكية العين، لا يكتمل نموها إلا قُرب موعد الميلاد".

إلى ذلك، إن فكرة الرحم الصناعي والمشيمة الصناعية تقوم على أخْذ الرئتين خارج المعادلة تماما، وإعطاء الوقت الكافي للجنين لكي يواصل النمو في بيئة آمنة، ريثما يتمكن من التقاط أول أنفاسه.

وهناك ثلاث فِرق تعكف على تطوير تقنية المشيمة الصناعية أو الرحم الصناعي. وتستلهم الفِرق الثلاث تقنية علاجية قائمة بالفعل تعرف باسم "الأكسجة الغشائية خارج الجسم"، أو دعم الحياة خارج الجسم، وهو نوع من الدعم الصناعي للحياة، يمكن أن يساعد شخصا لا تعمل وظائف رئتيه وقلبه بالشكل اللازم.

إظهار أخبار متعلقة


وفي تقنية الأكسجة الغشائية خارج الجسم، يتم ضخ الدم خارج جسم المريض إلى آلة تقوم بإزالة ثاني أكسيد الكربون، بينما تضيف الأكسجين، ثم بعد ذلك يُعاد إرسال الدم المؤكسد إلى أنسجة الجسم.

وبهذه الطريقة يُسمح للدم أن يتجاوز القلب والرئتين؛ فلا يمر من خلالهما، بما يسمح لهما بالراحة والشفاء. وعلى الرغم من أن تقنية الأكسجة الغشائية خارج الجسم يمكن أن تُستخدم مع أطفال كبار، إلا أنها مناسبة كذلك مع حالات الابتسار الحادة.
التعليقات (0)