حذر خبراء ونشطاء عرب من أن منطقة الشرق
الأوسط تتجه بسرعة فائقة إلى مزيد من التصعيد والتوتر، وأن نذر
الحرب تزداد مع
استمرار الحرب التي ينفذها
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة منذ أكثر من عشرة
أشهر.
ورأى كتاب وخبراء عرب بالشؤون الاستراتيجية
أن مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط يكون بوقف الحرب على قطاع غزة، والاعتراف
بالحقوق
الفلسطينية.
وقال أحمد رمضان مدير عام مركز لندن للاستراتيجية الإعلامية في تغريدة له
اليوم نشرها في صفحته على منصة "إكس": "راقبوا التطورات.. تركيا
تنضم إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، إسرائيل غاضبة وتهدد بالانتقام،
واشنطن تتهم موسكو بتقديم أسلحة لخصوم تل أبيب في المنطقة، وخلال وقت وجيز قد نشهد
إعلان إيران دولة نووية مما يغيِّر مشهد التحالفات والتسلُّح، وحركة الطيران ترتبك
في سماء المنطقة، وإسرائيل تعلن الاستنفار وتفتح الملاجئ، والولايات المتحدة تحث
مواطنيها على مغادرة لبنان، ومثلها فعلت أغلب العواصم، و٢٠ دولة مددت تعليق
رحلاتها إلى تل أبيب، والصراعات في الغرب تتأجج، والانقسامات تزداد"..
وأكد رمضان أن "الحروب لم تعد ثنائية،
ولا تداعياتها محدودة، بل هي صراعات محاور، ومجالاتها واسعة، وهي نمط متقدم من
الحروب الهجينة، وتضم المجال السياسي، الدبلوماسي، العسكري، الأمني، القانوني،
الاقتصادي، السيبراني والإعلامي، وفي معظمها تشارك دول رئيسة، والخسارة ستكون
قاسية واستراتيجية لأطراف لا تتقن مهارات تلك الحروب المركَّبة".
وأضاف: "الحشود ليست للردع فقط،
والاستعدادات ليست خدعة، والدول تتموضع بأشكال مختلفة، ونذر الحرب تزداد وضوحاً،
والقرار لا يتعلق بموقف دولة هنا أو دولة هناك، بل بمجمل التراكمات، والأخطاء التي
قد تحدث، وتشكل ذرائع لطرف آخر".
وأنهى تغريدته قائلا: "إذا لم يتم وقف
العدوان على غزة خلال وقت قريب، فالأمور مفتوحة على كل الاحتمالات".
من جهته أكد وزير الخارجية التونسي الأسبق رفيق
عبد السلام أن المنطقة مقدمة على تحولات كبرى لن تبقي شيئا في مكانه المعهود.
وقال عبد السلام في تغريدة له نشرها في صفحته على منصة "إكس": "الحروب بطبعها مدمرة للعمران وأسس الحياة
وتأنفها النفوس البشرية السليمة، ولكنها قد تكون أحيانا الشر الذي لابد منه، فهي
تهز أسس الجمود المفروض وعوامل الاستقرار المغشوش، وهي أداة التاريخ غير الواعية
كما يقول ماركس".
ورأى عبد السلام أن "المعادلات التي
استقرت في المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وانسحاب العثمانيين الأتراك في
طريقها نحو التغير بقوة النار، ولكن هذه المرة في الاتجاه المقابل لما تريده القوى
الكبرى وحليفها الإسرائيلي
وقال: "حينما يمتنع صانعو الحروب
والدمار عن وقف مسلسل القتل وسفك الدماء على نحو ما نراه اليوم في غزة، فإنهم
يجلبون هم أنفسهم قبل غيرهم حروبا إلى حروبهم الأصلية، ويصنعون ديناميكيات جديدة
لا يقدرون السيطرة عليها ويولدون توازنات أكبر منهم ومن حساباتهم، ويبدو أن سلاح
الردع الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي قد وصل إلى منتهاه، ولكن ربما يحتاج الأمر هزة عسكرية جديدة حتى يدرك الجميع أن
الأمور قد تغيرت ولا يمكن الاستمرار على ذات التفكير والمنهج".
وأنهى عبد السلام تغريدته قائلا: "الخلاصة
هنا أن المنطقة مقدمة على معادلات جديدة قد لا تبقي حجرا على حجر، ولا دكتاتورا
بجوار دكتاتور، وهي معادلة ستكون بكل تأكيد أكبر من آمريكا وإسرائيل وأعظم من
معسكر الاستبداد والتطبيع العربيين، والعاقل من فهم اتجاه التاريخ ومعطيات
الجغرافيا"، على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: 20 شركة طيران أجنبية تعلق رحلاتها للأراضي المحتلة.. والإمارات تواصل إجلاء العالقين
وفي الكويت رأى أستاذ العلوم السياسية
بالجامعات الأمريكية عبد الله الشايجي، أن التطرف لا ينتج إلا التطرف.
وقال الشايجي في تغريدة له على صفحته على
منصة "إكس" تعليقا على اختيار حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي خلفا لاسمماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في
طهران الأسبوع الماضي: "حماس تختار المواجهة رداً على حرب إبادة الصهاينة
وتعنت ومراوغات وافشال نتن ياهو للمفاوضات!! وحماس
تقلب الطاولة وتفاجئ وتصفع نتن ياهو وعصابته الفاشية المتطرفة وتختار
أخطر صقر من صقورها يحيى السنوار أبو إبراهيم رئيسا
لها صاحب الرأي الفصل والأخير داخل غزة والمفاوضات".
وأضاف: "ما يوقف أي فرصة للمفاوضات ويكشف تلاعب
نتنياهو.. على قائمة اغتيال الصهاينة منذ سنوات وفشلوا مرات باغتياله ويشكل
عقدة لنتنياهو وعصابته".
وفي جينيف دعا أنور الغربي مدير معهد جنيف
للديمقراطية وحقوق الإنسان إلى ضرورة "تثمين أي خطوة باتجاه تنسيق المواقف
والاستفادة من الوضع الراهن في ظل الدعم الكبير للحقوق الفلسطينية شعبيا وعلى
مستوى الجامعات ولدى الفئات الشبابية خاصة والذي يترجم عمليا بفوز الداعمين للحقوق
الفلسطينية في عديد المحطات الانتخابية وباعتراف ثلاث أرباع بلدان العالم بفلسطين
كدولة وأيضا قبول عضوية فلسطين في عديد الهيئات والمنظمات الدولية".
وأكد الغربي في تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، أن
إسرائيل تقود العالم عامة ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الدقة والتحديد إلى حرب
شاملة ستكون تكاليفها باهظة، وقال: "يجب التصدي بأكثر قوة ووضوح للعربدة
الإسرائيلية وتواصل إهانة حكومة إسرائيل للمنظومة الدولية برمتها واعتدائها على
القانون الدولي وعلى منظمات وهيئات العمل الإنساني وعلى المقررين الخواص للأمم
المتحدة وعلى قضاة محكمة الجنايات الدولية وعلى كل من يقول لا للإبادة والقتل
والتمير".
وأضاف: "يجب الاستماع لنبض الشعوب
العربية والإسلامية التي تعبر بوضوح عن ضمائر ومشاعر الشعوب تجاه الحقوق
الفلسطينية خاصة والعربية عامة، ويجب الاستفادة من الوضع القائم والدعم الدولي
والشعبي الكبير لقضية فلسطين والعدالة للمطالبة بإصلاحات لمنظومة الأمم المتحدة
التي أصبحت عائقا نحو تحقيق السلام".
وأشار الغربي إلى أن بديل ذلك هو استمرار
الحرب التي لن تبقى بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم وإنما ستشمل المنطقة
برمتها.
وقال: "لا بد من الإشارة هنا إلى موقف
منظمة التعاون الإسلامي الصادر أمس الأربعاء عقب اجتماع استثنائي لها بمدينة جدة
السعودية، والذي أدان اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، كما أدان
انتهاك سيادة دولة عضو بالمنظمة، وهو موقف وإن جاء متأخرا لكنه يعبر فعلا عن قناعة
الجميع بمخاطر الحرب التي تدق أبواب المنطقة غير عابئة بالشعوب التي تدفع
الثمن"، وفق تعبيره.
وتترقب إسرائيل ردود فعل انتقامية من إيران
و"حزب الله" وحماس على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية
في 31 يوليو/ تموز الماضي، والقيادي العسكري البارز بالحزب فؤاد شكر ببيروت في
اليوم السابق.
وبينما تبنت تل أبيب اغتيال شكر، تلتزم
الصمت حيال اتهام إيران وحماس لها باغتيال هنية، وإن ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو إلى مسؤولية بلاده عن قصف مقر إقامته خلال زيارة لطهران.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"
الإسرائيلية، الخميس: "السيناريو الأسوأ بالنسبة للجيش الإسرائيلي هو هجوم
منسق وسريع من كل إيران ولبنان، لكن قادة الدفاع والسياسة يعتبرون أن احتمالية
حدوث ذلك منخفضة".
وأضافت: "وتشير التقييمات الأخيرة إلى
أن حزب الله سيضرب أولا، بينما تدرس إيران الرد على اغتيال هنية".
وفي ظل مخاوف من اندلاع حرب شاملة، ألغت
شركات طيران دولية عديدة رحلاتها من وإلى تل أبيب، سواء لفترة محددة أو إلى أجل
غير مسمى؛ ما ترك نحو 150 ألف إسرائيلي عالقين خارج إسرائيل.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ لبنانية في
الجنوب، وتتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية بلبنان، أبرزها "حزب الله"، مع
الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 قصفا يوميا؛ خلّف المئات بين
قتيل وجريج معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء حرب تشنها
إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي؛ ما أسفر عن أكثر من 131
ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط
دمار هائل ومجاعة قاتلة.
إقرأ أيضا: حروب "مُفرغة".. "إسرائيل" على خطى الولايات المتحدة في الهزائم الاستراتيجية