دعت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" الحقوقية السلطات
التونسية لوقف الملاحقات القضائية المسيّسة والسماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بشكل فوري، وذلك بعدما حاكمت أو أدانت أو سجنت على الأقل ثمانية مرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ووافقت هيئة الانتخابات في تونس على ثلاثة مرشحين فقط لخوض الانتخابات، منهم الرئيس الحالي قيس سعيّد.
وأضافت المنظمة في بيان لها: "تستعد تونس لإجراء انتخابات رئاسية وسط قمع متزايد للمعارضة وحرية التعبير، دون ضوابط مؤثرة على سلطة الرئيس سعيد، الذي قوّض استقلالية القضاء، وأجرى بعد الاستحواذ على السلطة عام 2021 تغييرات في عدد من المؤسسات الرئيسية، منها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أعاد هيكلتها لوضعها تحت سيطرته عام 2022".
وأكد نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بسام خواجا: "بعد سجن عشرات المعارضين والنشطاء البارزين، أبعدت السلطات التونسية جميع المنافسين الجديين تقريبا من السباق الرئاسي، ما جعل هذا التصويت مجرد إجراء شكلي".
وأضاف خواجا أنه "ينبغي للحكومة أن تنهي فورا تدخلها السياسي في العملية الانتخابية، وتتراجع عن الإجراءات القمعية، وتسمح لمرشحي المعارضة بالمشاركة في الانتخابات".
اظهار أخبار متعلقة
في 10 آب/ أغسطس الجاري، أعلنت هيئة
الانتخابات التونسية أنها وافقت مبدئيا على المرشحين الرئاسيين الثلاثة، بمن فيهم عضوان سابقان في البرلمان هما زهير المغزاوي والعياشي زمال.
قال رئيس الهيئة، التي يرشح الرئيس بموجب التعديل جميع الأعضاء فيها: إن الهيئة رفضت 14 مرشحا لعدم توفر التوقيعات أو الضمانات المالية المطلوبة، أو لعدم استيفاء معايير الجنسية، بينما قدم العديد من المرشحين طعونا أمام المحكمة الإدارية.
ويذكر أنه في الانتخابات التي عقدت في عام 2019، وافقت الهيئة على 26 مرشحا من مختلف الانتماءات السياسية، وحاليا أدين ثمانية مرشحين محتملين على الأقل، وحُكم عليهم بالسجن أو المنع مدى الحياة من الترشح للانتخابات منذ بداية الفترة الانتخابية في 14 تموز/ يوليو بينما تعرّض آخرون للمضايقة والترهيب، بحسب ما ذكرت "رايتس ووتش".
في 14 آب/ أغسطس، حكمت المحكمة الابتدائية بجندوبة على مغني الراب ورجل الأعمال كريم الغربي بالسَّجن أربع سنوات ومنعته مدى الحياة من الترشح، وأدانته بتهمة "شراء تزكيات".
وأعلن الغربي عن نيته الترشح للرئاسة في 26 تموز/ يوليو، ومن ثم في 2 آب/ أغسطس، حُكم على أربعة متطوعين في حملته بالسَّجن بين عامين وأربعة أعوام.
في 5 آب/ أغسطس، حكمت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة على خمسة مرشحين محتملين للرئاسة بالسَّجن ثمانية أشهر والمنع مدى الحياة من الترشح، بتهمة "تقديم عطايا نقديّة أو عينيّة قصد التّأثير على النّاخب" بموجب الفصل 161 من قانون الانتخابات، حسبما قال مختار الجماعي، أحد المحامين، لـ هيومن رايتس ووتش. المرشحون هم السياسي عبد اللطيف مكي، والمقدم التلفزيوني نزار الشعري، والقاضي السابق مراد المسعودي، والعقيد المتقاعد في الجيش محمد عادل ضو، والأكاديمية ليلى الهمامي.
واستأنف المرشحون القرار، لكن الشعري والمسعودي أعلنا سحب ترشيحهما للرئاسة في اليوم التالي لإدانتهما. حكم على ثلاثة آخرين بالسَّجن ثمانية أشهر بنفس التهمة، من بينهم عضو في حملة مكي ومدير حملة الشعري، وحكم على شخص رابع بالسَّجن أربع سنوات.
اظهار أخبار متعلقة
في اليوم نفسه، حكمت المحكمة الابتدائية في تونس أيضا على رئيسة "الحزب الدستوري الحر" والمعارِضة البارزة لسعيّد عبير موسي بالسَّجن عامين، حسبما قال نافع العريبي، أحد محاميها، لـ هيومن رايتس ووتش. أُدينت بتهمة "نشر أخبار وإشاعات كاذبة" بشأن هيئة الانتخابات، بموجب الفصل 24 من "المرسوم 54" القمعي المتعلق بالجرائم الإلكترونية، وذلك بعد شكوى من هيئة الانتخابات.
قدمت موسي، المعتقلة تعسفيا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ترشحها إلى هيئة الانتخابات قبل يومين فقط من إدانتها من قبل المحكمة. تواجه موسي عددا من الملاحقات القضائية الأخرى، بما فيها ثلاث محاكمات بناء على شكاوى من الهيئة فيما يتعلق بتصريحات أو أنشطة سياسية.
في 18 تموز/ يوليو، حكمت محكمة بتونس العاصمة على زعيم حزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" والمرشح المحتمل للرئاسة لطفي المرايحي بالسَّجن ثمانية أشهر، وفرضت عليه غرامة قدرها 2,000 دينار تونسي (حوالي 650 دولارا أمريكيا)، ومنعته من الترشح مدى الحياة، بزعم "تقديم عطايا نقديّة أو عينيّة قصد التّأثير على النّاخب". كما أُدين المدير التنفيذي لحزبه وثلاثة أعضاء آخرين وصدرت بحقهم أحكام.
كان المرايحي قد اعتُقل سابقا في 3 تموز/ يوليو بشبهة تبييض الأموال، بحسب متحدث باسم المحكمة بتونس. في يناير/كانون الثاني، حكمت عليه محكمة في تونس العاصمة بالسَّجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ بموجب المرسوم 54 بسبب تعليق على الراديو اعتُبر أنه ينتقد الرئيس.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن مرشحين محتملين آخرين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، مثل الأمين العام السابق لحزب "التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، الذي أعلن نيته الترشح للانتخابات في 15 تموز/ يوليو؛ وزعيم "الحزب الجمهوري" عصام الشابي، الذي انسحب حزبه في نهاية المطاف. كلاهما محتجز منذ شباط/ فبراير 2023 وينتظران المحاكمة بتهم مسيّسة بالتآمر على أمن الدولة والإرهاب.
كما اعتُقل تعسفيا أكثر من 10 من أعضاء "حركة النهضة"، الحزب الحاكم السابق، بمن فيهم رئيس الحركة ونائباه.
أدان 10 مرشحين محتملين في 31 تموز/ يوليو "المضايقات الأمنية" والقيود التي تستهدف أعضاء حملاتهم، بما فيها الاعتقالات وقيام قوات الأمن بمصادرة التزكيات. قال ثمانية مرشحين محتملين على الأقل إن وزارة الداخلية لم تقدم سجلاتهم الجنائية المطلوبة للترشح للانتخابات، في حين قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه لم يُرفض أي مرشح لغياب هذه الوثيقة.
في 5 آب/ أغسطس قال الرئيس سعيّد إنه لم تمارَس أي ضغوط على أحد، وإنّ من يتحدثون عن العقبات والصعوبات يسعون إلى نشر الفوضى والفتنة والشائعات والأكاذيب.
اظهار أخبار متعلقة
بموجب التعليمات الجديدة، على المتنافسين الرئاسيين تقديم قائمة بتزكيات موقَّعة من 10 أعضاء في البرلمان، أو 40 رئيسا منتخبا للحكومات المحلية، أو 10 آلاف ناخب مسجل من 10 دوائر انتخابية على الأقل، مع ما لا يقل عن 500 توقيع ناخب لكل دائرة انتخابية. كما شدد دستور 2022 معايير الجنسية، حيث يُسمح بالترشح فقط للمواطن التونسي، من أبوين تونسيين وأجداد تونسيين للأب والأم، ولا يحمل جنسية أخرى.
وتونس طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وبالتالي ملزمة بضمان حصول كل مواطن، دون تمييز على أساس الرأي السياسي، على فرصة المشاركة والتصويت في انتخابات حرة حقيقية.