مدونات

حرب الكيان على لبنان هروب إلى الأمام ليس أكثر

موسى زايد
- الأناضول
- الأناضول
بقيت بضعة أيام حتى يكتمل العام، منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. في ذلك اليوم ظلت قيادة العدو شبه مشلولة لبضع ساعات تمكن خلالها رجال المقاومة من اقتحام عشرات القواعد العسكرية والقضاء على نخبة النخبة في جيش الاحتلال وهي فرقة غزة، واقتياد المئات من الأسرى إلى داخل القطاع واحتجاز مثلهم في القواعد ومستوطنات الغلاف ومهاجمة مقر الفرقة 8200 والاستيلاء على سجل المخابرات.

وعندما أفاق نتنياهو من هول الصدمة كانت أولى الأوامر قتل المحتجزين ومن يحتجزونهم داخل معسكرات ومستوطنات الغلاف، فكان أن قتل المئات من المستوطنين والجنود الصهاينة.

بعد ذلك خرج نتنياهو ليعلن الحرب ويضع لها أهدافا يجعلها من المستحيل أن تتوقفـ مثل القضاء على المقاومة وتفكيك حكومة غزة والسيطرة الأمنية على القطاع، ثم بعد ذلك بشهور وبعد أن بدأ جيشه يتسبب في قتل الأسرى أضاف للأهداف هدفا يخدر به معارضيه وهو إعادة الأسرى من القطاع، وأخذ يكرر هو ووزير حربه أن ذلك لن يكون إلا بالضغط العسكري على حماس.

ومنذ ذلك الحين دارت الحرب بوتيرة واحدة؛ العدو يستعمل ذراع الطيران الطويلة في قصف المدنيين من النساء والأطفال وهدم المستشفيات والمدارس والجامعات والأبراج، وتخريب البنى التحتية من مياه وكهرباء وصرف صحي، ويمارس الحصار والتجويع على أهلنا في القطاع.

وفي المقابل، تأتي الصور والفيديوهات من الميدان فيها يندحر العدو في كل مواجهة فلا يكون منه إلا أن يعلن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، وهو الذي لم يحقق شيئا سوى الإيغال في دماء المدنيين حتى تجاوز القتلى والإصابات 160 ألفا على أقل تقدير، فكان انتقالا من فشل إلى فشل.

اليوم يعيد نتنياهو القصة، ينتقل من غزة إلى لبنان ويبقى السؤال المشروع: ما الذي عجز عنه الاحتلال في غزة ويستطيع تحقيقه في لبنان؟

صحيح أنه هذه المرة حدد هدفا واحدا ووضع سقفا منخفضا لما يريد وهو إعادة سكان الشمال بأمان، ولكن هل يستطيع تحقيق ذلك؟ وكم يستغرق ذلك من الوقت؟ وهل يستطيع استعادة الردع في جبهته الشمالية وقدراتها أضعاف قدرة غزة المحاصرة وطبيعتها الجغرافية وامتداد عمقها الاستراتيجي الذي يصل إلى العراق وطهران لا يمكن أن تخدمه في هذا؟

وعلى غرار ما فعل في القطاع، فإنه بعد العمليات الثلاث الأولى التي استهدفت أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي ثم عملية اغتيال قادة وحدة الرضوان في ضاحية بيروت، عاد إلى بنك أهدافه المفضل وملعبه الذي لا يجيد اللعب في غيره، عاد إلى الإجرام في حق المدنيين والبيوت والبنى التحتية بنفس الطريقة التي فعلها في غزة، وبدرجة انتقام لا يقوم بها إلا العاجز والفاشل في الميدان، رغم أنها في الميزان العسكري لا تحقق النصر.

والواضح أن حزب الله استجمع قوته بعد العمليات الثلاث الموجعة الأولى ويدير المعركة بخطة واضحة وبنفس مطمئن ويعمل على إفشال العدو، ومن ثم استدراجه إلى معركة استنزاف طويلة تجعله مضطرا إلى الهجوم البري وجيشه في حالة إنهاك وضعف، وعندها سيتكرر ما حدث له من إخفاقات في غزة، خاصة أنه سيضطر إلى القتال في جبهة واسعة ولا يستطيع السيطرة على مكان والبقاء فيه، وأخطر المعارك عندما يدخلها الجيش وليس أمامه خطة للخروج.

ورب سائل يقول هل يستحق الأمر كل هذه التضحيات؟ والتاريخ البشري يقول وصراعات الدول تشهد أن خسائر الاستسلام أضعاف خسائر الثبات والمقاومة، وأن الصراع بين الشعوب وبين المحتل ليس له إلا نتيجة واحدة وهي انتصار الشعوب واندحار المحتلين.
التعليقات (0)