رغم الانحياز الكبير للعديد من كبرى وسائل الإعلام الدولية إلى جانب
الاحتلال الإسرائيلي، وتغطيتها على جرائمه الدموية، لكنه يهاجمها في حال قدمت تغطية "موضوعية" ما للعدوان الجاري على قطاع
غزة ولبنان، بزعم أنه يقدم المقاومين على أنهم مواطنون فلسطينيون ولبنانيون.
وقال أستاذ الاتصال الجماهيري بجامعة "آريئيل"، البروفيسور رامي كيمحي: إن "الموجة المعادية لدولة الاحتلال تجتاح
الإعلام الغربي، فيما وسائل الإعلام الدولية تخون قيمها، رغم أن الحقيقة المحزنة أننا لسنا أمام موجة عابرة، بل هي معاداة قديمة وعميقة الجذور لإسرائيل".
وأضاف كيمحي في مقال نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21"، أن "التقارير الإعلامية منحازة ضد إسرائيل إلى درجة غير مسبوقة، فقد نشرت شبكة الأخبار الأمريكية الأكبر في العالم سي إن إن، الهجوم الإسرائيلي على هواتف البيجر في لبنان ضد عناصر حزب الله دون أن تذكر أنه منظمة إرهابية؛ بل وصفت أعضاءه المتضررين من الانفجار بأنهم مواطنون لبنانيون، وليسوا إرهابيي حزب الله"، على حد وصفه.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن "سي إن إن، لم تكتف بذلك، بل أطلقت على الهجوم الذي نفذته حماس يوم السابع من أكتوبر اسما رمزياً بعنوان الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس؛ وهكذا سُميت هذه المذبحة بأنها هجوم من حماس في أحسن الأحوال، وهزيمة لإسرائيل في أسوئها، وهي عبارة تتبنى وجهة نظر حماس؛ مما يعيدنا إلى المصطلحات السائدة في أوروبا إبان حقبة العصور الوسطى، المعادية للسامية، وتغذية العداء الشعبي تجاه اليهود".
وزعم أن "التغطية الجارية من الإعلام الغربي للحرب الدائرة في المنطقة توفر قوة دافعة لمعاداة السامية منذ خطواتها الأولى لزيادة مبيعاتها، وهي بذلك تنضم لجهود المنظمات المعادية للسامية لتشويه وجوه اليهود، مما يجعل أي توقع إسرائيلي للتعاطف من وسائل الإعلام العالمية أمرا لا يصدق، وغير واقعي، وعلى المسؤولين عن الدعاية الإسرائيلية أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار".
بدوره، قال داني زاكين، الرئيس السابق لاتحاد الصحفيين، ومقدم برامج تلفزيونية وإذاعية، إن "وسائل الإعلام الغربية تخلت عن قيمها الصحفية والديمقراطية لصالح مهاجمة دولة اليهود"، مشيرا بذلك إلى شبكة "سي بي إس" الإعلامية الأمريكية، وهي واحدة من أقدم الشبكات وأكثرها شعبية وتأثيرًا في الولايات المتحدة، وتتمتع برامجها الإخبارية بمعدلات مشاهدة عالية، وتعتبر "التيار السائد" لأنها تتحدث للجميع، وعلى ما يبدو دون تحيّز".
وأضاف زاكين، الذي يلقي محاضرات بالجامعة العبرية ومعهد هرتسيليا، في مقال سابق نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أن "سلسلة من التحقيقات نشرتها صحيفة فري برس (TFP)، الهيئة الإعلامية الأمريكية الناقدة، أظهرت تحيزًا خطيرًا ضد إسرائيل بين موظفي الأخبار في تلك الشبكة الإخبارية، خاصة حين استضاف المذيع توني دوكوفيل المخضرم، الكاتب الأسود "تا-نهيسي كوتس"، المعروف بآرائه القوية حول التمييز ضد السود، ومقارنته بين التمييز والهولوكوست، وادعى أن حكومة الولايات المتحدة يجب أن تقدم تعويضات للمواطنين السود، كما أعطت ألمانيا لليهود بعد المحرقة".
وأشار إلى أن "كوتس بعد زيارة قام بها إلى رام الله العام الماضي، نشر كتابا معاديا للاحتلال الإسرائيلي يقترب من معاداة السامية الفعلية، ووصف الصهيونية في تلك المقابلة بأنها حركة سرقة، ولم يقل كلمة واحدة عن هجوم السابع من أكتوبر، وعرّف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأنه بسيط للغاية، لأن أحد الطرفين "سرق" ممتلكات الطرف الآخر، وقد تجنّب أسئلة دوكوفيل، واتهمه بالعدوانية، واحتج لاحقًا عليه أمام المديرين التنفيذيين لشبكة سي بي إس، حيث تم استدعاء الأخير في لقاء تحريري مع كبار صحفيي الشبكة".
وأوضح أن "تلك المناقشة الصحفية الداخلية في الشبكة الإخبارية شهدت طرح مسألة حق دولة الاحتلال في الوجود، وقال عدد من صحافييها إن طرح هذا الموضوع للنقاش صحيح ومنطقي، مقدمة للتشكيك فيها، مع العلم أن الشبكة الإخبارية ذاتها لا تعترف بحق اليهود في القدس المحتلة، وجاء في التوجيه الذي وزعته عبر البريد الإلكتروني على صحفييها أنه لا ينبغي التعامل معها كمدينة إسرائيلية، أو تقع في دولة الاحتلال، دون الحديث عن قسميها الشرقي أو الغربي، بل القدس كلها، واحدة".
اظهار أخبار متعلقة
وزعم الكاتب أن "هذا سلوك غير مهني وغير أخلاقي للعديد من وسائل الإعلام في الغرب، بما يسبب انحيازًا في برامجها وتقاريرها ضد دولة الاحتلال، ولهذا التحيز عواقب بعيدة المدى على الرأي العام الدولي وسياسات الحكومات الغربية تجاه الصراع في المنطقة، من الاعتماد على تقارير حركة حماس حول أعداد الشهداء، وإغفال عملياتها المسلحة، من خلال المقابلات الخالية من الأسئلة الصعبة والمواجهة تجاه العناصر المؤيدة للفلسطينيين".
وأوضح أن "الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، فقد أجرت كريستيان أمانبور الإذاعية اللامعة في شبكة "سي إن إن" مقابلة مع صحفي قناة الجزيرة في غزة طارق أبو عزوم، وأظهرت تعاطفاً لا حدود له، دون أن تطرح عليه أسئلة صعبة، واصفاً صباح السابع من أكتوبر بقوله إننا "كنا نعيش بهدوء وسلام، حتى جاء القصف الإسرائيلي فجأة، وأجبرنا على مغادرة منازلنا"، ولا كلمة واحدة عن حماس، أو إطلاق الصواريخ من غزة، والهجوم على مستوطنات غلاف غزة، حتى أن أمانبور تجاهلتها، بل وصفته بأنه "عيون وآذان العالم في غزة"".