لم يعد خافيا أن الصهاينة لا يعتمدون فقط
على أسلحتهم الشخصية، بل أصبح واضحا ومكشوفا أن لديهم طابورا من المدافعين عنهم،
ليسوا على مستوى الحكام والأنظمة فقط، بل على مستوى الكتاب والإعلاميين، ولا تتوقف
سفاهة وبذاءة ما يخرج من ألسنة وأقلام المتصهينين العرب عند حد، فالهدف واحد، وهو:
الطعن في المقاومة بأي شكل كان، فما لا يؤتي ثماره مباشرة، يتحول إلى مسار آخر، ولو
كان بالدخول في مساحات تأباها المروءة العربية، والفطرة الإنسانية.
من آخر ما تم استخدامه وألقت به ألسنة
هؤلاء، ما صدر من كاتب كويتي، ادعى فجورا وكذبا، أن هناك من حدثه بأن
الحرب في
غزة، اضطرت بعض النساء للعمل بالدعارة، لأجل لقمة العيش! وقد لفظ هذا الكاتب كل
الشرفاء في الكويت، فمنهم من رد عليه بإهانته بما يستحق، ومنهم من رفع دعوى ضده
لدى النائب العام الكويتي.
وإذا كنا نرى مدخلية متصهينة، تتمسح بلباس
مشايخ الدين، فهناك مداخلة مدنيين بلا لحى وجلاليب مشايخ، فالهدف واحد، ومصدر تلقي
الأوامر واحد، والقلب الخبيث أيضا واحد، ومن يتأمل تاريخ النفاق والعمالة في عالم
الدين والسياسة، سيجد أن الخوض في أعراض الشرفاء من المناضلين، وأهل المبادئ
والقيم، ينشط دوما في وقت الحرب، أو وقت مقاومة الظلمة والظلم.
فمن رجع لعهد النبوة، سيجد أن حديث الإفك،
والذي تم فيه الخوض في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها، كان في غزوة بني المصطلق،
أي: في وقت الحرب، لا السلم، فقد بدأت شرارة الخوض في عرض النبي صلى الله عليه
وسلم في أتون الحرب، على يد رأس النفاق ابن سلول، راميا بكلامه الخبيث في المجتمع
البريء، ليجعل الفرية تنطلق بين المؤمنين المخدوعين بكلامه، والذين سلبهم الشيطان
بوسوسته.
لا تزال غزة وأحداثها تكشف كل خبيث ومريض في أوطاننا، وإن تسموا بأسمائنا، وتزيوا بأزيائنا، وتكلموا بلغتنا، لكن القلب والعقل والهوى صهيوني، ينضح بذلك لسانهم، وفلتات ألسنهم، بل انتقل الوضع من فلتات الألسن، إلى التبجح بما كان يخفونه من قبل، يظهرونه اليوم، لأن هناك أنظمة صارت تدعم هذه الأقلام والألسن، بل صارت تعقد ميزان الولاء منها، بمدى عدائك للمقاومة، واقترابك من الصهاينة ومشاريعهم.
ولو انتقلنا لواقعنا المعيش، لا يفرق كثيرا،
فبينما كان المعتصمون في ميدان رابعة العدوية، والخيام كلها ممتلئة بمن يقيمون
الليل، ويصومون بالنهار، وقد كان الاعتصام في شهر رمضان، تخرج فرية من الإعلام
المصري، من إعلاميين لم يتحلوا بذرة من شرف الخصومة، ليتكلموا عما سمي بجهاد
النكاح، علما بأن معظم المعتصمين، كان يروح ويجئ من بيته إلى الاعتصام!!
وقد كان منشأ الفرية والكذبة عندما أطلقت
على ثوار سوريا، حتى يشوهوا نضالهم، فخرج إعلام بشار بهذه الكذبة، والتي مقصود بها
تشويه أعراض المعارضين والثوار على الأنظمة. بل إن أحد الكتاب المصريين، راح يكتب
قصة في منتهى الكذب والافتراء، عن سيدة ذهبت لأهلها تشكو أن زوجها اصطحبها مجبرة
للاعتصام، لجهاد النكاح!!
من نفس معين الكذب والفجور، خرج الكاتب
الكويتي المغمور، ليطلق فريته على نساء غزة الطاهرات، والكذب يفوح من كل حرف
يقوله، ففي الوقت الذي لا يجد فيه المواطن الغزاوي ـ رجلا كان أم امرأة ـ مكانا
لقضاء حاجته، ولا للاغتسال، وقد كانت في بداية الحرب يشكو عدد من النساء، من
انعدام الفوط الصحية، لمن تأتيها الدورة الشهرية.
فإذا وصل الحال بالناس إلى غياب أدوات
النظافة الضرورية، بفعل الحرب، وفعل المضيقين عليهم من الجيران، ممن لا تنقطع
جسورهم لإمداد الكيان الصهيوني، بينما تمنع عن أهل غزة ضرورات الحياة، فمجتمع لا
يجد خيمة تؤويه، ولو وجدها فالخيمة الواحدة تقبع فيها عائلة بأكلمها بكل درجات
القرابة، وهي لا تحمي من حر الصيف، ولا برودة الشتاء، وقد خرجت للناس صور الأطفال
ينامون في مياه الأمطار التي تسربت للخيام، يفترشونها، فخيمة مبتلة خير من صواريخ
الاحتلال، إذا أمنوها لفترة.
في هذا الواقع البائس الذي يشاهده العالم،
أنى لزوج أن يمارس حقه الطبيعي في الحلال؟! فلا مكان، ولا أمان، ولا حياة، ولا
خلوة، فإذا جنبنا عنصر الإيمان والفضيلة والعفة، فهل مجتمع بهذا الشكل، يمكنه
الإتيان بهذا الفعل حلالا كان أم حراما؟!
لكنه الكذب الممجوج، والذي أراد قائله أن
يغلفه بأن ناقل الكفر ليس بكافر، فهو مجرد ناقل لكلام بالخوض في أعراض الطاهرات،
لا بل هنا ناقل القذف قاذف في الشرع، وعقوبته في الشرع هي حد القذف شرعا، عن طريق
السلطة القضائية والتنفيذية، ولا تقبل له شهادة أبدا، كما نص القرآن الكريم، فهو
ساقط الشخصية والاعتبار بهذا الفعل، فضلا عن أنه يدخل تحت قوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ
أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ)
النور: 20.
إنه الكذب، وانعدام الشرف، والمستهدف من ذلك
كله، ما ختم به الجمل الأخيرة في الكلام، أن حماس هي السبب وراء ذلك، فالمطلوب
تشويه شرف المقاومة، بالخوض في شرف نساء غزة، فلا تزال غزة وأحداثها تكشف كل خبيث
ومريض في أوطاننا، وإن تسموا بأسمائنا، وتزيوا بأزيائنا، وتكلموا بلغتنا، لكن
القلب والعقل والهوى صهيوني، ينضح بذلك لسانهم، وفلتات ألسنهم، بل انتقل الوضع من
فلتات الألسن، إلى التبجح بما كان يخفونه من قبل، يظهرونه اليوم، لأن هناك أنظمة
صارت تدعم هذه الأقلام والألسن، بل صارت تعقد ميزان الولاء منها، بمدى عدائك
للمقاومة، واقترابك من الصهاينة ومشاريعهم.
[email protected]