بورتريه

العالم لن يتحرر ما لم يتحرر الفلسطينيون.. من هو سيريل رامافوزا؟ (بورتريه)

كثيرا ما شوهد سيريل رامافوزا متوشحا الكوفية الفلسطينية ويتقدم الصفوف الأولى في المظاهرات دعما للشعب الفلسطيني- عربي21
كثيرا ما شوهد سيريل رامافوزا متوشحا الكوفية الفلسطينية ويتقدم الصفوف الأولى في المظاهرات دعما للشعب الفلسطيني- عربي21
ناشط سياسي سابق، ومفاوض عنيد، ومناهض للفصل العنصري وزعيم نقابي ورجل أعمال ثري.

أسس أكبر وأقوى نقابة عمالية في البلاد، "الاتحاد الوطني لعمال المناجم"، وتولى قيادتها لنحو عشر سنوات.

كثيرا ما شوهد متوشحا الكوفية الفلسطينية ويتقدم الصفوف الأولى في المظاهرات دعما للشعب الفلسطيني.

ولد  سيريل رامافوزا في عام 1952 في منطقة سويتو في مدينة جوهانسبرغ، لوالدين من شعب الفاندا. التحق بجامعة تورفلوب الشمالية عام 1972 لدراسة القانون.

انخرط رامافوزا أثناء وجوده في الجامعة في السياسة الطلابية وانضم إلى منظمة طلاب جنوب أفريقيا واتفاقية الشعوب السوداء، ما تسبب في احتجازه في الحبس الانفرادي نحو عام وكان ذلك في عام 1974.

وأعيد اعتقاله من جديد في عام 1976، بعد الاضطرابات في سويتو، واحتجز لمدة 6 أشهر في ساحة جون فورستر بموجب "قانون الإرهاب". وبعد إطلاق سراحه، التحق في مكتب محاماة في جوهانسبرغ، واستمر في دراساته القانونية عن طريق مراسلة جامعة جنوب أفريقيا، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في عام 1981.

بعد إنهاء دراسته للقانون انضم رامافوزا إلى مجلس نقابات جنوب إفريقيا كمستشار في القسم القانوني. وفي عام 1982، وبناء على طلب من المجلس الوطني للنقابات العمالية قام رامافوزا بإنشاء نقابة لعمال المناجم وسمي بالاتحاد الوطني لعمال المناجم، وألقي القبض عليه بتهمة التنظيم أو التخطيط للمشاركة في اجتماعات محظورة. بعد إطلاق سراحه تولى منصب الأمين العام للاتحاد الوطني لعمال المناجم حتى عام 1991.

ونظرا لمهارته وخبراته فقد اختير مفاوضا واستراتيجيا ماهرا، وعمل كرئيس مفاوضي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أثناء انتقال جنوب إفريقيا إلى الديمقراطية، ولعب دورا حاسما، برفقة رولف مير من الحزب الوطني، خلال المفاوضات لتحقيق نهاية سلمية للفصل العنصري (الأبارتايد) وتوجيه البلاد نحو أول انتخابات ديمقراطية كاملة في عام 1994.

اظهار أخبار متعلقة


وكان يرى فيه الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، رئيس البلاد المستقبلي، لكن رامافوزا خسر السباق الرئاسي عام 1997 أمام مبيكي منافسه الأبرز من جيل الشباب، وهو ما دفعه لترك مناصبه الرسمية، وغاب عن الساحة السياسية والتحق بعالم المال والأعمال، وصار من أغنى رجال الأعمال في جنوب أفريقيا.

لكنه عاد ثانية إلى عالم السياسية من بوابة البرلمان حين انتخب في عام 2014 عضوا في الجمعية الوطنية لجنوب أفريقيا حتى عام 2018.

وفي تلك الفترة أيضا شغل منصب نائب الرئيس جاكوب زوما.

أصبح رئيسا لجنوب أفريقيا بدون انتخابات عامة، بعد استقالة زوما بعد أن انتخبته الجمعية الوطنية رئيسا لولايته الأولى الكاملة بعد فوز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الانتخابات العامة عام 2019، وبعدها بعام أصبح رئيسا للاتحاد الأفريقي.

وبعد وصوله إلى السلطة كرر رامافوزا أنه سيطوي صفحة حكم جاكوب زوما (2009-2018) السيئة التي شهدت سلسلة فضائح سياسية ومالية هزت الدولة والحزب.

في عام 2022، أعلن المؤتمر الوطني الأفريقي عن انتخاب رامافوزا رئيسا لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي لولاية ثانية. وفي 2024، انتخبت الجمعية الوطنية رامافوزا لولاية ثانية كرئيس للبلاد بعد فوزه بفارق شاسع على مرشح حزب "مقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية" اليساري الراديكالي جوليوس ماليما.

وعلى ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة اتفق حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وأكبر منافسيه حزب التحالف الديمقراطي، المؤيد لقطاع الأعمال بقيادة البيض، على العمل معا في حكومة وحدة وطنية جديدة، في تغيير جاء بعد 30 عاما من حكم حزب المؤتمر المنفرد، منذ أن قاد نيلسون مانديلا حزب المؤتمر إلى النصر بانتخابات عام 1994 التي أنهت نظام الفصل العنصري.

وخسر حزب المؤتمر أغلبيته للمرة الأولى بالانتخابات التي أجريت في أيار/ مايو الماضي، والواقع أن هذه النتائج الصادمة شكلت عامل ضغط كبير على رامافوزا بوصفه رئيسا للحزب حيث اضطر المؤتمر الوطني الأفريقي إلى تقاسم السلطة من منافسه التحالف الديمقراطي.

ونظرا لموقعه كرئيس للبلاد ورئيسا للحزب الحاكم فقد وقف رامافوزا خلف القضية التي رفعتها بلاده أمام مـحكمة العدل الدولية سعيا للحصول على أمر بمنع دولة الاحتلال من ارتكاب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة.

وفي جميع خطاباته كان يدعو إلى ضرورة إنهاء المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون "من خلال الأمم المتحدة والأدوات التي بحوزتها"، مؤكدا أن القانون الدولي "لا يمكن تطبيقه بشكل انتقائي، ولا توجد دولة أكثر مساواة من أي دولة أخرى".

اظهار أخبار متعلقة


وكانت محكمة العدل الدولية قد أمرت باتخاذ تدابير مؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الإسرائيلي بانتهاك الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية.

وعلى أثر رفع هذه القضية فقد وقعت جنوب أفريقيا تحت ضغوطات غربية وأمريكية، بحسب ما تسرب وقتها، وردا على ذلك قال رامافوزا: "أبلغنا البعض أنه ينبغي علينا الاهتمام بشؤوننا الخاصة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى (...) وآخرون قالوا إن هذا ليس مكاننا. ومع ذلك فهذا مكاننا إلى حد كبير، كشعب يعرف جيدا آلام الحرمان والتمييز والعنف الذي ترعاه الدولة"، مؤكدا أن "الخطوة التي اتخذناها محفوفة بالمخاطر، نحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير قد يهاجموننا، لكننا سنظل متمسكين بمبادئنا".

وإثر متابعته من جوهانسبورغ  لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، أظهر سعادة غامرة حتى إنه احتضن أعضاء الوفد الذي ترافع في المحكمة، وقال: "بينما كان محامونا يدافعون عن قضيتنا في لاهاي، لم أشعر قط بالفخر الذي أشعر به اليوم وأنا أرى رونالد لامولا، ابن هذه الأرض، يدافع عن قضيتنا في المحكمة".

وقبل يومين أعلن رامافوزا، أن بلاده قدمت إلى محكمة العدل الدولية ملفا يحتوي على أدلة تثبت ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم الإبادة في قطاع غزة.

وقال رامافوزا، في بيان، إن هذا الملف يحتوي على أدلة تثبت أن الاحتلال الإسرائيلي قد انتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، موضحا أن الأدلة تظهر أن أفعال الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال تستند إلى نية خاصة لارتكاب إبادة جماعية.

وأضاف أن الملف المقدم للمحكمة يحتوي على أكثر من 750 صفحة من الملاحظات وأكثر من 4 آلاف صفحة من الملحقات.

لا يبدى رامافوزا أي تردد في دعم بلاده ودعمه شخصيا للشعب الفلسطيني، ويواصل الحديث عن معاناة غزة وشعبها في جميع المحافل التي يشارك فيها وكان آخرها في قمة بريكس بمدينة قازان.

رامافوزا يكرر دائما عبارته الدافئة المفعمة بالعواطف الجياشة: "لن نكون أحرارا حقا ما لم يتحرر الشعب الفلسطيني أيضا".
التعليقات (0)