شهد ملف محاكمات
المعتقلين والمعارضين
المصريين مؤخرا
نشاطا وتصعيدا، بين عودة أحكام المؤبد بحق أشهر إعلاميي معارضة الخارج، وحتى حبس
وتجديد حبس معارضين بارزين بالداخل، بجانب إحالات متتابعة لعشرات من المعتقلين إلى
المحاكم الجنائية، مع حجب موقع إخباري محلي، وقرب إقرار قانون "الإجراءات
الجنائية" المرفوض حقوقيا.
والثلاثاء الماضي،
أصدرت محكمة "جنايات القاهرة"، قرارا بتجديد حبس لمدة 45 يوما على ذمة
قضيتين وقرارين منفصلين، للمحامي إبراهيم عبد المنعم متولي، أحد مؤسسي "رابطة
أهالي المختفين قسريا"، والمعتقل منذ 10 أيلول/ سبتمبر 2017، وكذلك المحامية
الحقوقية هدى عبد المنعم، المعتقلة منذ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
ودانت حملة
"الحرية لهدى عبد المنعم"، و22 منظمة حقوقية مصرية وعربية ودولية،
الخميس الماضي، استمرار الاحتجاز التعسفي للمحامية المدافعة عن حقوق الإنسان
المستمر منذ 6 سنوات.
وقررت نيابة أمن
الدولة العليا، الثلاثاء، تجديد حبس الصحفي خالد ممدوح المعتقل منذ 16 تموز/ يوليو
الماضي، والطبيب الأكاديمي شريف السقا الموقوف منذ مطلع تموز/ يوليو الماضي، اللذين
يحاكمان على ذمة قضيتين مختلفتين.
اظهار أخبار متعلقة
والأحد الماضي،
أحالت نيابة أمن الدولة العليا، 207 مصريين، من بينهم 23 سيدة وفتاة، إلى
المحاكمة، على رأسهم الداعية الإسلامي حسن أمين المندوة الزهيري، المعروف
بـ"حسن أبو الأشبال" (67 عاما) والمعتقل منذ آذار/ مارس 2019.
والسبت الماضي،
قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد على 10 إعلاميين معارضين بالخارج، وهم:
معتز مطر، وحمزة زوبع، ومحمد ناصر، وعبد الله الشريف، والسيد توكل، وعبد الرحمن
زغلول، وجلال جبريل، ومصعب عبد الحميد، ومحمد الخطيب، وياسر الهواري، فيما أصدرت
ذات المحكمة أحكاما بالسجن المشدد لمدة 15 عاما على 7 آخرين.
وأحالت نيابة
أمن الدولة العليا، السبت الماضي، 54 مصريا إلى المحاكمة الجنائية، وذلك على خلفية
اتهامهم "بالانضمام إلى جماعة إرهابية"، وذلك في قضية حبسوا على ذمتها 7
سنوات كاملة بالمخالفة لمدة العامين التي يقرها قانون الحبس الاحتياطي.
وحجبت السلطات
المصرية موقع "القاهرة 24" المحلي، السبت الماضي، وهو الأمر القائم حتى
اليوم، لينضم الموقع التابع لشخصيات محسوبين على النظام إلى قائمة تشمل نحو 700
موقع إخباري وحقوقي حجبتها السلطات المصرية منذ صيف العام 2017.
وفي السياق،
أصدرت السبت الماضي، اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصري تقريرها النهائي بشأن
مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"، دون الأخذ في الاعتبار مطالب
المحامين والصحفيين والانتقادات الموجهة لبنود القانون.
اظهار أخبار متعلقة
والاثنين
الماضي، أكد "المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة"، رفضه لمشروع
القانون لما "يتضمنه من نصوص تخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتنتهك
ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، كما هو مذكور في العهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية".
ووثّقت حملة
"أوقفوا الإخفاء القسري" 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استمرار اخفاء
أجهزة الأمن الوطني المصري، للشهر السادس على التوالي، 5 مواطنين من عائلة واحدة
من محافظة الإسكندرية، قسرا.
وقررت نيابة أمن
الدولة العليا، قبل أسبوع، حبس 20 شابا وفتاتين، كانوا مختفين قسريا لفترات
متفاوتة، بعدما ظهروا 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في مقر النيابة حيث خضعوا
للتحقيق، وقررت النيابة حبسهم لمدة 15 يوما.
وقررت ذات
النيابة قبل أسبوعين وفي 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حبس الخبير الاقتصادي عبد
الخالق فاروق (67 عاما) لمدة 15 يوما، بعد توجيه اتهامات له بالانضمام إلى جماعة
إرهابية، ونشر أخبار ومعلومات كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
اظهار أخبار متعلقة
"حراك نادر وخجول"
ومنذ
الانقلاب
العسكري في مصر منتصف 2013، تشن السلطات الأمنية حملة اعتقالات واسعة بحق
أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبحق أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، والمعارضين، وفي حين قدرت تقارير حقوقية عدد المعتقلين السياسيين بأكثر من 60 ألفا،
قدرت تقارير أخرى العدد بأكثر من 100 ألف معتقل.
ومطلع تشرين
الثاني/ نوفمبر الجاري، أكد "مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"
رصده 251 انتهاكا حقوقيا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بينها 4 حالات وفاة و5
حالات تعذيب في السجون ومقار الاحتجاز، و15 حالة تكدير، و4 حالات تعذيب وتكدير
جماعي، و4 حالات تدوير متهمين على ذمة قضايا جديدة، و17 حالة إهمال طبي متعمد، و40
حالة إخفاء قسري، وظهور 119 مختفيا قسرا، و43 حالة عنف من الدولة.
ويؤكد حقوقيون
أن البطش الأمني جعل الحراك الشعبي نادرا وخجولا رغم معاناة الشعب المصري من الفقر
والغلاء، لكنه من آن إلى آخر تستقبل سلالم نقابة الصحفيين حراكا لمدة دقائق.
ودعما لأزمة
آلاف المعتقلين المصريين خرجت السبت الماضي، مظاهرة حاشدة، بالعاصمة البريطانية
لندن، للمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين في
السجون المصرية، منددين باستمرار سياسات الاعتقال التعسفي بحق الأبرياء، واستمرار
الحبس الاحتيالي والتعذيب والتنكيل.
وتدخل ليلى سويف
والدة الناشط المصري المعتقل علاء عبد الفتاح، (68 عاما)، في إضرابها عن الطعام
للشهر الثاني، منذ 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، عقب رفض النيابة العامة الإفراج عن عبد
الفتاح رغم انتهاء مدة حبسه.
ووجه عضو لجنتي
"الحوار الوطني"، و"العفو الرئاسي" المحامي طارق العوضي، ما أسماه
بـ"رسالة مفتوحة إلى الرئيس"، قائلا: "يؤلمني أن أكتب لسيادتكم بعد
ما يقرب من ثلاث سنوات على إطلاق مبادرتكم للحوار والعفو، والسجون ما زالت تضم آلافا من سجناء الرأي".
والجمعة
الماضية، تساءل عبر صفحته على "فيسبوك": "كيف نبني مستقبلا مشرقا
وآلاف الأسر المصرية تئن تحت وطأة الفراق؟"، خاتما رسالته بالقول إن
"مصر الحضارة والإنسانية لا يليق بها أن تكون سجونها عامرة بأبنائها"،
ومؤكدا أن "المصالحة المجتمعية والإفراج عن المحبوسين سيكون خطوة عظيمة نحو
بناء الجمهورية الجديدة".
اظهار أخبار متعلقة
"لإثبات التحكم والقبضة الأمنية"
وفي قراءتها
لأسباب عودة أحكام المؤبد بحق المعارضين، وأسباب إحالة العشرات من المعتقلين
والمختفين قسريا للمحاكمات بتتابع مثير، أعربت الحقوقية المصرية هبة حسن، عن أسفها
من أن "
النظام المصري لم يتوقف يوما عن تلك القرارات".
المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وفي حديثها لـ"عربي21"، أوضحت أنه
"يواصل عمليات التدوير للمعتقلين وتجديد الحبس الاحتياطي لآلاف المحبوسين على
ذمة قضايا سياسية".
وأضافت:
"ولنكن أكثر دقة فإنها اتهامات ذات نفس الطابع السياسي غير القائم على وقائع
أو حقائق سوى تحريات أجهزة الأمن بالشبهة".
وأكدت أن
"كل ما يحدث كل يوم وكل شهر، هو استمرار لانتهاكات العدالة، والظلم الحاصل
للمصريين بكل تنوعاتهم واتجاهاتهم، بل وأعمارهم وفئاتهم".
وتعتقد حسن، أنه
"ظلم حاصل فقط لإثبات التحكم والقبضة الأمنية للنظام، وحتى ينشر الخوف في
المجتمع ككل، فلا يجرؤ أحد على إبداء رأيه أو التفكير في المطالبة بحقه، وربما
أحيانا دون سبب سوى أن الشخص يعيش حياته الطبيعية لكنه اصطدم بأحد الفاسدين أو
أصحاب النفوذ، فلم يقبل تواجده في مساحته".
وأشارت الحقوقية
المصرية إلى تضارب تلك الإجراءات مع ما يعلنه نظام
السيسي، من توجه نحو حقوق
الإنسان، مع ما أثير عن توقيع بعض المعتقلين استمارة "الإفراج الشرطي".
وقالت: "كل
ما يتحدث به النظام ويعلنه حول حقوق الإنسان والعدالة وإجراءات العفو منذ سنوات،
هي من سبيل الدعاية والتغطية على الحقيقة، وأكثرها يخاطب به المجتمع الدولي ليسكت
أية أصوات أو مطالبات للنظام بالكشف عن الحقيقة أو وقف الانتهاكات".
اظهار أخبار متعلقة
"طبيعة نظام سادي"
وفي رؤيته، قال
الكاتب والمحلل السياسي والباحث المصري، عزت النمر: "بعد كل هذه السنوات ومنذ
2013 وإلى الآن؛ أعتقد أنه من الصعب أن يأخذ عاقل أية تصريحات من نظام السيسي -بشأن حقوق الإنسان أو الحريات- مأخذ الجد".
وفي حديثه
لـ"عربي21"، يرى النمر، أن "مثل هذه التصريحات أو غيرها مجرد سراب
و(هراء فارغ) أقل حتى من أن تكون للاستهلاك المحلي".
وأضاف:
"إذا كان البرلمان ومنصات القضاء وغيرها في عهد السيسي؛ مؤسسات زائفة فُرِغت
من مضمونها وأصبحت خادمة للاستبداد والديكتاتورية ويتم من خلالهما شرعنة قوانين
وأحكام الظلم والقتل في أبشع صورها، فهل بعد ذلك يمكن أن نتعامل بجدية مع تصريحات
لهكذا نظام؟".
وبشكل عام يعتقد
الكاتب المهتم بالشأن الحقوقي أن "حالة السُعار الإجرامي في الأحكام وإحالة
المعتقلين إلى محاكمات مجحفة بمثابة جزء من طبيعة نظام السيسي السادي".
وأوضح أنه
"لو أردنا تقديم تفسيرات للمبالغة والتسارع الذي نشهده، فربما من تلك
التفسيرات، عوامل داخلية وأخرى خارجية".
اظهار أخبار متعلقة
"عوامل داخلية"
وقال: "غير
خاف على النظام حالة الغضب والاحتقان الذي يعيشها الشعب المصري من جراء الواقع
الاقتصادي، فضلا عن موقف الخيانة بدعم السيسي لإسرائيل في حرب غزة، لذا يأتي هذا
التسارع في أحد سياقين أو كليهما".
"الأول: محاولة لترهيب الشعب بإظهار
العين الحمراء له مع أصحاب القضايا باعتبارهم الرموز والقادة حتى يوصل رسالة أنه
-أي النظام- لا يتسامح مع من يخرج عن النص".
"والثاني: ربما سلوك النظام بمزيد من
القسوة -في هذا التوقيت- يُعد استباقيا قبل تعويم جديد متوقع للجنيه في الأسابيع
القادمة، ما يعني مزيدا من الفقر وصعوبة العيش للناس، فتأتي هذه الإجراءات لترهيب
الناس، وتطالبهم بالصبر والصمت مهما اسودت حياتهم أو تدهورت معيشتهم".
اظهار أخبار متعلقة
"عوامل خارجية"
ويعتقد أنه
"ربما أراد النظام من ذلك خارجيا: استغلال الدعم والغطاء الغربي لنظام السيسي
والناتج من موقفه الداعم لإسرائيل في إبادة غزة وأهلنا هنا".
و"تقديم
نفسه للغرب بأنه الحاكم القوي الذي يحمي مصالحهم في تدجين الشعب بقتل وسجن رموزه
وقادته وكل الأحرار فيه، خاصة أن هؤلاء المعتقلين والمحالين للمحاكمات؛ يجمعهم
رفض نظام السيسي ورفض ما يحدث لغزة ورفض الموقف المخزي لمصر السيسي"، بحسب
النمر.
ولفت كذلك إلى
احتمال أن يكون هذا التصعيد هو "لاستغلال حالة الانشغال الخارجي بالانتخابات
الأمريكية".
في نهاية حديثه،
ألمح أيضا إلى "تحقيق رغبات الكفيل الخليجي والداعم في تل أبيب من مزيد من
القبضة الحديدية للواقع في مصر الكبيرة، لحرمان أكبر شعوب المنطقة من التفاعل مع
الأحداث أو استنكارها، وطالما كان الشعب المصري الرائد في التظاهر ودعم القضية
الفلسطينية طوال تاريخه".