ملفات وتقارير

من يقف خلف تقنين منصة مراهنات عالمية بمصر؟.. ترخيص رسمي وشراكة لاعب دولي

تقدم الشركة مراهنات على 20 رياضة مختلفة إضافة إلى أنواع أخرى من القمار- منصة "إكس"
تقدم الشركة مراهنات على 20 رياضة مختلفة إضافة إلى أنواع أخرى من القمار- منصة "إكس"
أثار إعلان منصة المراهنات الدولية في كرة القدم واليانصيب والألعاب الإلكترونية "ملبت" (Melbet) عن عقد شراكة مع لاعب المنتخب المصري الأسبق والدوري الألماني المعتزل محمد زيدان، ليكون سفيرها بمصر، الجدل حول تدشين "ملبت مصر" (Melbet Egypt) عبر موقعها الرسمي مراهنات على فرق الدوري المصري لكرة القدم، والتساؤلات حول حصولها على تصريح رسمي بذلك من عدمه.



بالدخول إلى موقع منصة "Melbet"، المملوكة لشركة "Alenesro Ltd"، ومقرها المسجل يقع في جزيرة قبرص، فقد وضعت جدول مباريات الدوري المصري للأسبوع الثالث وتوقيتاته التي تبدأ الجمعة والسبت والأحد المقبلين على صفحتها، وبدأت عمليات الرهان على من يكسب تلك المباريات، في ظاهرة يحرمها رجال الدين ويجرمها القانون ويرفضها المجتمع وتمنعها الاتحادات المحلية والاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا".


Image1_1120242082228221185857.jpg

وإلى جانب المراهنات على 20 رياضة مختلفة تقدم "ملبت مصر" القمار لأنواع أخرى من اليانصيب، والألعاب التلفزيونية، والرياضات الإليكترونية، وكازينوهات الإنترنت، والرهان المباشر، وذلك إلى جانب الألعاب الكلاسيكية مثل "الروليت"، و"البلاك جاك"، و"البوكر"، وألعاب "السلوتس"، مستهدفة اللاعبين في مصر وخارجها.

ووفق تأكيد الموقع الرسمي لـ"Melbet EG"، تقوم دعاية "ملبت مصر" على جذب المبتدئين في المراهنات والمحترفين من المراهنين المصريين، بتقديم مكافأة ترحيبية بنسبة 100 بالمئة من الإيداع الأول الذي لا يزيد على الـ100 دولار، في حين قد تصل المكافأة إلى 300 دولار، وذلك بجانب التسجيل المجاني لدخول المنصة وإتاحة تنزيلها بطريقة سهلة عبر الهواتف المحمولة.

اظهار أخبار متعلقة


وتستخدم المنصة مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة بين فئات الشباب بمصر، من "فيسبوك" و"إنستغرام"، و"إكس" (تويتر سابقا)، ولا تقتصر دعايتها على محافظات القاهرة الكبرى الثلاثة بل إنها تواصل حث الشباب في جميع المحافظات المصرية على المراهنات بجميع الألعاب الرياضية وبينها المصارعة، وجميع الدوريات العربية والأفريقية والأوروبية.

وذلك وفقا لما تعرضه من تدوينات عبر صفحاتها التي تحمل عبارة تحفيزية تقول: "استخدم الرمز الترويجي (MELBETFBEG) للحصول على مكافأة 230 بالمئة تصل إلى 18200 جنيه، لأول إيداع".



ووفقا لما تؤكده "ملبت مصر" عبر موقعها الرسمي فإنها "تمتلك تراخيص رسمية في جميع الدول التي تعمل بها، بما في ذلك مصر"، وذلك رغم عدم قانونية الرهانات العلنية بشكل عام والرياضية منها في مصر.

وهو ما يثير علامات الاستفهام حول كيفية حصول "ملبت مصر" على التصريح الرسمي، ويطرح التساؤلات بشأن الجهة المانحة لهذا التصريح، والعوائد التي ستحصل عليها الدولة المصرية أو تلك الجهة لقاء هذا الترخيص.

وعبر فضائية "إم بي سي مصر"، وجه الإعلامي الرياضي مدحت شلبي، مساء الاثنين، انتقادات حادة لدخول تلك المنصة رسميا إلى مصر، متسائلا عن الجهة التي منحتها التصريح، ومحذرا من نتائج كارثية على الشباب من تلك المنصة.

وتجري رهانات بمليارات الدولارات في العالم على مباريات كرة القدم، وباقي الرياضات العالمية، وسط أحاديث عن عمليات فساد كبيرة وتوجيه للمباريات لصالح شركات رهانات كبرى، فيما تنتشر بمصر مجموعة منصات أشهرها "bet365" و"1xBet" و"20Bet".

وكان لاعب نادي الإسماعيلي والزمالك السابق باسم مرسي، قد اعترف في 10 تموز/ يوليو الماضي، بأن المراهنات موجودة في الدوري المصري، وأن هناك لاعبين في أندية كبيرة تشارك في تغيير النتائج وفقا لتوجيهات شركات المراهنات، لقاء مكافأة مالية.



"رغم الحجب والتحريم"
ويأتي إعلان منصة "ملبت مصر"، عن سفيرها في مصر اللاعب السابق محمد زيدان، والمراهنة على الدوري المصري، رغم ما أعلنته جهات حكومية ودينية عن رفضها تلك المنصات وحجب بعضها.

ويجرم قانون العقوبات المصري (رقم 73 لسنة 1957) ألعاب القمار والنصيب، حيث عرفها بالألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور، فيما يطالب قانونيون بتجريم عمليات المراهنات الإلكترونية.

وتنظر محكمة القضاء الإداري 12 كانون الثاني/ يناير المقبل، دعوى قضائية من المحامي محمود الروبي، تطالب بحجب تطبيقات المراهنات الإلكترونية، مختصما اتحاد الكرة المصري.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، حظرت وزارة الشباب والرياضة المصرية الترويج للمراهنات الإلكترونية عبر توجيه رسمي لـ6300 هيئة رياضية بمصر.

اظهار أخبار متعلقة


وفي الشهر ذاته أعلن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن تحريم المراهنات على المواقع الإلكترونية.

وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قررت نيابة الشئون الاقتصادية بمصر، حبس تشكيل عصابي تخصص في استقطاب الشباب للمشاركة بالمراهنات الالكترونية والرياضية التي يتم إدارتها من خارج مصر.

وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حجبت لجنة الاتصالات بمجلس النواب المصري تطبيق المراهنات "1XBET".

ووفقا لما ذكره موقع "صدى البلد" المحلي فإن مصر تأتي بالترتيب الخامس من حيث استخدام تطبيق المراهنات، حيث تقدر الزيارات الشهرية بـ10 ملايين زيارة.

وبحسب موقع "مايتي تيبس"، فإن حجم سوق المراهنات المصري بلغ حوالي 1.2 مليار دولار عام 2020، مع متوسط مراهنة قدره 100 دولار شهريا للمراهن، الذين تغلب عليهم صفة الشباب.

"خلفه جهات كبيرة"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الناقد الرياضي أحمد سعد، إن "قصة مراهنات الكرة في الدوري المصري طُرحت سابقا، والجديد طرحها بشكل جديد عبر تطبيق في مصر يتم تداوله بشكل شرعي".

وأوضح، أن "فكرة الرهان على مباريات الدوري المصري الممتاز والدرجة الثانية تعود إلى 20 عاما، حيث كان أول من أدخلها لمصر هو الإيرلندي كون أودونيل، عندما بدأ نشاطه في النشر بمجال الرياضة والفن والسيارات في مصر، وتأسيس أول موقع إخباري رياضي مصري عام 2001".

وقال سعد: "تكلمت سابقا مع أعضاء باتحاد الكرة المصري في عهد الكابتن سمير زاهر، عن قضية المراهنات في الدوري المصري لكرة القدم، وقيل لي إن الموضوع خلفه جهات كبيرة، ولا يمكننا التدخل فيه، وليس لنا سلطة عليه".

واستدرك بالقول: "لكن كون الإعلان عن المراهنات بهذا الشكل الفج، واختيار محمد زيدان سفيرا لها، أعتبره فجورا، يؤكد أن المراهنات أصبح لها شيء من الشرعية، لكن من يديره في مصر والمسؤول عنه؟ لا أحد يعلم، ولكن كل لبيب بالإشارة يفهم".

وأشار إلى أن "كل شيء في مصر الآن يدار من خلال الأجهزة الأمنية، وكمثال سيطرة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على قطاع الإعلام والصحافة والفن والدعاية والإعلان والكرة ونقل المباريات، وكل ما يخص القوى الناعمة المصرية".

وخلص للقول: "وبالتالي أغلب الظن أن جهة قوية تقف خلف مسألة شرعنة المراهنات حاليا في مصر".
وتحدث الكاتب الصحفي عن تأثير تلك المراهنات على المجتمع المصري، واصفا إياها بـ"الخطيرة"، مبينا أنها "تتحول لنوع من الإدمان كالمخدرات، وتؤدي لمشاكل مجتمعية مع الخسائر التي تنتج عنها، وقد يتحول الأمر لبيع أساس البيت أو القيام بعمليات إجرامية كالسرقة لتوفير أموال المراهنات".

ولفت إلى أنه "في ظل وضع اقتصادي صعب يتعلق الشباب بأي شيء يجلب أموالا، وحالة الفلس تجعل لديهم أملا في أن تعوضهم تلك المراهنات، لكن نتائجها الكارثية قد تؤدي بصاحبها للجنون وارتكاب جرائم وبالتالي السجن".

ونفى سعد، أن يكون هناك أي دور للمراهانات في إنعاش الدوري المصري، مؤكدا أن "انتعاش الدوري مرهون بنظام إدارة المسابقة في اتحاد الكرة، وبالحضور الجماهيري، وأمور أخرى كرفع مستوى المدربين، وتعاقدات الأندية مع اللاعبين".

ومضى يقول: "للأسف الكرة المصرية في أزمة شديدة نتيجة أوضاع متردية يعيشها اتحاد الكرة؛ نتيجة أن القرار ليس قراره واضطراره لمراجعة الأجهزة الأمنية بكل شيء".

وأشار إلى أن "تدخل الأجهزة الأمنية في الشؤون الفنية، وتنظيم المسابقات، ومواعيد المباريات، وحضور الجماهير يؤثر على المسابقات، ويجعل مستوى المنتخبات سيئا جدا"، ملمحا إلى أن "منتخب مصر الأولمبي خسر مؤخرا من المغرب بـ6 أهداف".

وختم بالقول إن "المراهنات ليس لها تأثير إيجابي في الحالة الفنية لكرة القدم المصرية، لأنها تصب في النهاية لصالح من يعملون بها ومن يسمحون بها، وهم شخصيا غير معروفين لأحد، لكن كل شيء لدينا تحت سيطرة أجهزة معلومة للجميع".

"توطئة لتفكيك مصر"
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي المصري مجدي الحداد، أنه "يجب أولا تفكيك هذا الخبر بالبحث عن إجابة عمن سمح، أو وقف وراء إدخال منصة المراهنات تلك إلى مصر؟، ثم نتساءل: من المتحكم، والمسيطر، وبشكل حصري بكل شاردة وواردة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمال، أو الفلوس".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى تصريح رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، "في أحد مؤتمراته، التي يجلس فيها ممسكا بالميكرفون أو الحديدة وظهره للجمهور، وقوله لمعاونيه من العسكر: الفلوس، الفلوس، أهم حاجة في الدنيا الفلوس".

وأكد الحداد، أن "قول السيسي ذلك يعني أن أهم حاجة عنده الفلوس، أيا كان مصدرها، لأنه لم يقف كثيرا عند تلك النقطة، من حيث الهدف والوسيلة، فأي وسيلة متاحة لجمع الفلوس، وأهمها بالطبع من جيب المواطن عبر الضرائب والرسوم المتصاعدة، أو اختلاق أنواع جديدة منها بشكل يومي أو موسمي تقريبا".

اظهار أخبار متعلقة


ويرى أن الحديث هنا عن حرمة المراهنات يعد "من السذاجة"، موضحا أن "السؤال عن الحرام والحلال بأي شأن بعدئذ يتعلق بالغاية أو حتى وسائل جمع تلك الفلوس فهو من السذاجة"، ملمحا إلى ذلة لسان السيسي، "بأحد مؤتمراته التي تكون ديكوراتها غالبا باللونين الأساسيين؛ الأزرق والأبيض، في آب/ أغسطس 2013: (اللي ميرضيش ربنا احنا معاه ندعمه ونؤيده)".

ويعتقد الحداد، أن "هذا ربما يجيب عن سؤال آخر وهو: (من يقف وراء إدخال منصة القمار، أو المراهنات Melbet إلى مصر)، وذلك رغم أننا دولة إسلامية، وبها الأزهر الشريف الممثل تقريبا لمسلمي العالم، والذي يعادل الفاتيكان بالنسبة للكاثوليك بالعالم".

ولفت إلى أن "النص القرآني الصريح يحرم لعب القمار أو الميسر ليحافظ على المجتمع من أثره"، مذكرا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ"، (المائدة: 90، 91).

ولفت إلى قوله تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ"، مبينا أنه "يمكن أن نفهم منها وباختصار، خطورة تفكيك المجتمع بعد نشر كل رزيلة فيه"، معتقدا أن "نشر تلك المراهنات توطئة لتفكيك مصر".

ومضى يقول إن "تفكيك هذا الخبر يضعنا أمام حقيقة الأمر، أيضا في مواجهة البحث عن الوجه الآخر لعملية المراهنات، أو القمار المراد إدخالها إلى مصر، ولأول مرة في تاريخها، وهو هنا وإن تم بلع هذا الموضوع وهضمه فالترخيص بعدئذ سيكون بفتح بيوت أو مواخير للدعارة، التي تدر هي الأخرى دخلا لا بأس به، لا يقل عن دخل القمار بالنسبة لأصحاب منطق: الفلوس، الفلوس".
التعليقات (0)

خبر عاجل