ملفات وتقارير

هل باتت غزة قريبة من اتفاق لوقف إطلاق النار على غرار لبنان؟

لليوم الـ418 على التوالي يواصل جيش الاحتلال ارتكاب المجازر المروعة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة- الأناضول
لليوم الـ418 على التوالي يواصل جيش الاحتلال ارتكاب المجازر المروعة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة- الأناضول
ينظر الفلسطينيون بتفاؤل كبير بشأن الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة قريبا، على غرار ما جرى في لبنان، لتنتهي بذلك معاناة متواصلة منذ أكثر من عام، بفعل العدوان الوحشي وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال في غزة.

وقال فلسطينيون في غزة لمراسل "عربي21" إنه آن الأوان لوقف العدوان، معبرين عن فرحتهم بوقف نزيف الدماء في لبنان، ومتمنين أن يتوقف القتل الوحشي في غزة أيضا في وقت قريب.

وأضافوا أن الأولوية والجهود يجب أن تنصب حاليا على إنهاء معاناة أهالي القطاع الذين شردوا ودمرت بيوتهم، ومازالوا يعانون القتل والجوع والحرمان منذ عام ويزيد، مؤكدين أن وقف إطلاق النار هو اختبار حقيقي للإنسانية وللإرادة الدولية التي ظلت عاجزة، وما زالت، عن وقف بطش الاحتلال بحق شعب أعزل، في ظل دعم أمريكي مطلق للعدوان.

وعبروا عن أملهم في أن يؤدي اتفاق لبنان إلى تحريك المياه الراكدة نحو التوصل إلى اتفاق مماثل في قطاع غزة، معبرين في الوقت نفسه عن خشيتهم من أن لا ينعكس ذلك سلباً على القطاع؛ من خلال تكثيف جيش الاحتلال للمجازر وحرب الإبادة.

وبدأ الأربعاء، سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال، يمتد إلى 60 يوما متواصلة، بعد جهود ووساطة فرنسية أمريكية، وسط ترحيب دولي واسع.

اظهار أخبار متعلقة


مؤشرات تدعو للتفاؤل
ورغم حالة الجمود في ملف المفاوضات بين دولة الاحتلال والمقاومة في غزة، والتعنت الذي تبديه حكومة الاحتلال بشأن مطالب المقاومة، إلا أن مؤشرات جديدة قد تدعو للتفاؤل، بينها توجه وفد أمني مصري رفيع إلى تل أبيب الخميس، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن مناقشة وقف إطلاق النار في غزة.

يأتي هذا التحرك، عقب ساعات قليلة من تصريح للرئيس الأمريكي، جو بايدن قال فيه، إن الولايات المتحدة سوف تعمل مع الشركاء خلال الأيام المقبلة على وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف بايدن في منشور عبر حسابه في "إكس": أنه "خلال الأيام المقبلة، ستبذل أمريكا جهدا آخر مع مصر وقطر وتركيا وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإنهاء الحرب".

"أكثر واقعية"
رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، قال الأربعاء، إنّ: "التسوية في لبنان تفتح نافذة فرص أمام إعادة الأسرى المتواجدين في غزة"، داعيا إلى "عدم إهدار فرصة أخرى".

وأضاف هرتسوغ، خلال مؤتمر، من القدس المحتلّة: "يجب أن نعمل بجهد وبكل قوتنا للوفاء بواجبنا الأسمى، وهو إعادة إخواننا وأخواتنا المختطفين في غزة".

بدوره، يعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبوزيد، أن الذهاب إلى وقف إطلاق النار في غزة أصبح أكثر واقعية حاليا، خاصة مع ارتفاع فاتورة تكاليف الاحتلال سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا.

ورأى أبوزيد في حديث خاص لـ"عربي21" أنه "حتى وإن تنازلت المقاومة عن بعض شروطها ضمن معيار التمسك بشرط تبادل الأسرى، فإن ذلك يعتبر بيئة يمكن أن تدفع إلى صياغة مبادرة قد تكون مقبولة الآن أكثر من أي وقت مضى".

اظهار أخبار متعلقة


انعكاس اتفاق لبنان على غزة
وفي تعليقه على موافقة الاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وانعكاس ذلك على الموقف الاستراتيجي للحرب في غزة قال أبو زيد، إن حركة حماس والمقاومة في غزة التي رحبت بالاتفاق، تدرك طبيعة ما يجري والمعادلة بشأن وحدة الساحات، والتي تحكم العلاقة الاستراتيجية لمحور المقاومة".

مضيفا: "وحدة الساحات واستقلالية الجبهات والتصرف بما تقتضيه مصلحة فصائل المقاومة، هي معادلة تفهمها المقاومة في غزة وتدرك منذ البداية أن إسناد حزب الله ساعد بإشغال الاحتلال، ولكن لم يكن جزءا من معركة المقاومة في غزة، ولذلك جاءت تصريحات المقاومة في غزة عشية الموافقة على الاتفاق في لبنان بالاستمرار بالقتال واستنزاف قوات الاحتلال في غزة".

وأكد أبو زيد أن قوات الاحتلال المستنزفة إلى حد بعيد في جنوب لبنان وألوية النخبة (غولاني، وحدة ايغوز، فرقة المظليين 98) التي اشتركت في جنوب لبنان تعرضت لخسائر كبيرة لن تمكنها من العودة إلى القتال في غزة لمدة 3-4 أشهر على الأقل، لأنها تحتاج إلى إعادة ترميم نتيجة الخسائر التي تعرضت لها، ما يعني أن المقاومة قادرة على استنزاف الـ 6 ألوية الموجودة في غزة وعلى رأسها لواء كفير ولواء غفعاتي الذين استنزفوا شمال غزة، وتكبدوا خسائر عالية، ما جعل قوات الاحتلال في غزة أمام واقع صعب، وضيق في الخيارات العسكرية أمام فاتورة التكاليف الباهظة، وهذا قد يدفعها لاتفاق في غزة أيضا.

ولفت إلى أن الرابح من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان ماديا ومعنويا هو حزب الله ومحور المقاومة، وذلك لارتباط ما يجري بعدة أسباب، أبرزها أن حكومة نتنياهو تنازلت عن شروطها فيما يتعلق بوجود فرنسا ضمن لجنة مراقبة الاتفاق، وتنازلت أيضا عن شرط حرية الحركة الجوية والبرية داخل لبنان، بل وقبلت بالتحفظات اللبنانية على الشروط التي تنتهك السيادة اللبنانية.

وأضاف أبوزيد أن مبادرة وقف إطلاق النار التي وافق عليها نتنياهو لم تكن الأولى حيث سبقها مبادرة في أيلول/ سبتمبر الماضي، ولكن رفضها الاحتلال، رغم أنها كانت تتضمن نفس البنود الحالية، متسائلا: "لماذا رفض  نتنياهو تلك المبادرة وعاد ووافق عليها الآن؟"، مضيفا: "الإجابة بكل وضوح الفشل الذي تعرض له جيش الاحتلال في تحقيق أي إنجاز ميداني يمكن من خلاله أن يقوي وضع الاحتلال التفاوضي".

اظهار أخبار متعلقة


وبوساطة مصر وقطر، ودعم الولايات المتحدة، تجري دولة الاحتلال وحركة "حماس" منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى، لكنها تعثرت بسبب تعنت نتنياهو وإصراره على مواصلة الإبادة في غزة.

وأعلنت حماس مرارا استعدادها لتنفيذ الاتفاق المستند إلى مقترح أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية آيار/ مايو الماضي، وتتهم نتنياهو بالتراجع عنه ومحاولة فرض شروط ومقترحات جديدة لإطالة الحرب والبقاء في منصبه.

ولليوم الـ418 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال ارتكاب المجازر المروعة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ44 ألف شهيد، وأكثر من 104 آلاف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
التعليقات (0)