يَدلّ قَبول الكيان الصهيوني وقف إطلاق النار مع
لبنان اليوم، وقريبا مع المقاومة في فلسطين المحتلة، أنَّ كل ما قام به من تخريب وتدمير لم يحقق أهدافه لا القضاء على حماس ولا على
حزب الله تم، ولا استسلام يلوح في الأفق… إلى حد الساعة ما زالت المقاومة تدك مواقع العدو آخرها كان أمس في محيط نادي خدمات جباليا شمال القطاع حيث اعترف العدو بقتل عسكري من كتيبة “تسبار” بلواء غفعاتي، (دون الحديث عما يخفيه).
أما في الجبهة اللبنانية فالخسائر أكبر إذ أُعلن الاثنين فقط عن إصابة رئيس أركان لواء غولاني العقيد “يوآف ياروم” في كمين بجنوب لبنان ومقتل الرائد “زئيف إيرلتش” مع جندي واحد على الأقل، مما اضطر رئيس الأركان إلى طلب تسريحه بعد 32 سنة من الخدمة في الجيش الصهيوني، ناهيك عن ضرب عمق الكيان نهار الأحد بأكثر من 340 صاروخ في يوم واحد، ولم يستطع إعلامه إخفاء الأضرار البشرية والمادية الجسيمة التي لحقت به هذه المرة، بما يعني أن الحرب مازالت كما بدأت، لا حلم الانتصار الساحق تَحقَّق، ولا حلم استسلام المقاومة تَحقَّق، ولا حلم إطلاق سراح الأسرى في غزة تَحقَّق.
ولا نَفعت الاغتيالات الفردية ولا الإجرام بكافة الوسائل الدنيئة في كسر إرادة المقاومين ولا جَعلتهم يتقهقرون إلى الوراء، بل العكس هو الصحيح كلما مرَّت الأشهر إلا وتأكد أن الغرق في وحل غزة أو لبنان لا نهاية له، وأن العدوّ وجد نفسه، من دون أن يتصور حدوث ذلك، في عمق حرب استنزاف يمكنها الاستمرار سنوات على كافة الجبهات المشتعلة بما في ذلك جبهة اليمن التي ما كان الخبراء العسكريون الغربيون كافة، بما في ذلك الأمريكيون والصهاينة، يعتقدون أنها ستكون بهذه القوة والاستمرارية.
بالمقابل في جبهة المقاومة، ارتقى من ارتقى شهيدا من الأبطال وعلى رأسهم الشهداء هنية ونصر الله وهاشم صفيّ الدين والسِّنوار… وضَحَّى من ضَحَّى بكل ما لديه في سبيل فلسطين والأقصى واستقلال لبنان.. عشرات الآلاف قدّموا أرواحهم فداء لأجل القضية المركزية للأمة، ضحوا بكل ما يمكن التضحية به إلى درجة البقاء في العراء وتحمّل الجوع والعطش والقر والحر… ما بقيت تضحية إلا وقدِّمت، وما تُرِك أسلوب مقاومة إلا وجرى استخدامه، وما بقيت شجاعة أو بطولة إلا ورآها العالم حقيقة وواقعا في غزة.
هل يوجد أكثر من مواجهة أضخم الدبابات في العالم بصدر مكشوف؟ هل يوجد أكبر من التمكن من تفجيرها بمن فيها بقنبلة محلية الصنع من نتاج عبقرية أبناء الشعب الفلسطيني؟
وفي المقابل، أيضا تحرّكت شعوب العالم كافة لأجل نصرة الحق، وأحْيَت بمظاهراتها الضخمة قضيةً، ظن العدو الصهيوني أنه قبرها إلى الأبد، وباتت البشرية جمعاء تعرف بأن هناك شعبا ثائرا من أجل حقوقه المشروعة مُستعِدًّا لِلتَّعرض للإبادة من أجل وطنه فلسطين وعاصمته القدس، والأكثر من ذلك اكتشف العالم أجمع همجية الصهاينة وعنصريتهم وظلمهم، وعرفوا كم هي مجرمة القوى الدولية الغربية الدّاعمة لهم.
وكان ختامها أن جرى تصنيف عصابة الصهاينة “مجرمي حرب” من قبل الجنائية الدولية، وأُدرج قادتها الإرهابيين “نتن ياهو” و”غالانت” ضمن لوائح المطلوبين في 124 دولة عبر العالم، مما جعل النهاية تكون قاسية وفي مستوى الجرم المرتكب لهذا الكيان الغاصب للأرض المعتدي على أصحابها.
لذلك، فإن أي اتفاق للكيان مع المقاومة لوقف إطلاق النار إِنْ كان في لبنان أو في غزة، إنما هو في الواقع هزيمة بكل المقاييس للعدو، وبداية نهاية فعلية لِكيانه الغاصب.
الشروق الجزائرية