كشف الخبير والمحلل الاستراتيجي العقيد عبد الجبار العكيدي، أهمية المناطق التي سيطرت عليها فصائل
المعارضة السورية على محاور القتال في مدينة
حلب وأريافها، خلال المعارك المتواصلة ضد قوات
النظام والمليشيات الإيرانية الداعمة لها.
وأوضح العكيدي في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن مقاتلي المعارضة استفادوا بشدة من فترة جمود جبهات القتال خلال السنوات الخمس الماضية؛ بهدف تطوير قدراتهم العسكرية، معتبرا أن قوات النظام لن تتمكن من الصمود أمامها دون تدخل جوي روسي.
وامتدت رقعة العملية العسكرية التي أطلقها المعارضة تحت مسعى "ردع العدوان" إلى مدينة حلب، بعد يومين من القتال في ريفيها الغربي والجنوبي، فضلا عن القتال المتواصل على محور ريف إدلب الشرقي.
وقالت المعارضة، في بيان حول تطورات اليوم الثالث من المعارك؛ إن مقاتليها بدؤوا في الدخول إلى مدينة حلب، وذلك بعد بسط سيطرتهم على منطقة البحوث العلمية في ضواحي مدينة حلب الغربية.
وتاليا نص المقابلة الكاملة مع العقيد عبد الجبار العكيدي حول المشهد العسكري الراهن:
◼
استطاعت فصائل المعارضة تحقيق تقدم كبير خلال اليومين الماضيين، هل تعتقد أن هذا التقدم كان في حسبان الفصائل عند التخطيط للمعركة؟
لا أتوقع أنهم كانوا يتوقعون أن يكون الهجوم بهذا الزخم الكبير وبهذا الانهيار السريع لقوات النظام. بالتأكيد "إدارة العمليات العسكرية" كانت قد وضعت خطة محكمة. ومن الواضح أن هناك تكتيكا عسكريا مهنيا وخبرات واستفادة من التجارب السابقة.
ولكن، لا أتوقع أنهم كانوا يتوقعون أن يكون التحرير بهذه السرعة، أو أن يكون انهيار قوات النظام والمليشيات الإيرانية كبيرا بهذا الشكل.
◼
كيف تصف المشهد العسكري الحالي بعد يومين من المعارك الضارية؟
المشهد العسكري حقيقة جيد بالنسبة لفصائل الثورة؛ هناك تقدم سريع وسرية بالعمل، وهناك أيضا استفادة من التكنولوجيا العسكرية والطائرات المسيرة.
كما هناك تصنيع محلي كذلك يشمل تصنيع ناقلات جند وعربات مصفحة وذخائر وبعض الصواريخ. فمن ثم المشهد العسكري جيد، ومن الواضح أن المعنويات عالية لدى الفصائل.
◼
كيف تقيّم عسكريا كل من أداء المعارضة وقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية الموالية له؟
بالنسبة لتقييم أداء فصائل الثورة عسكريا، فإن أداءهم احترافي وجيد، ويشير إلى وجود تخطيط وتنظيم مسبق للعملية. كما يوجد قيادة عسكرية جيدة.
في المقابل، هناك انهيار للمليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري، رغم علمها المسبق بوجود عمل عسكري مسبق، حيث يتم الحديث عن عمل عسكري في المنطقة منذ شهرين على الأقل.
إظهار أخبار متعلقة
ومن الواضح أن قوات النظام والمليشيات الإيرانية غير قادرة على الصمود على الإطلاق دون غطاء جوي من روسيا.
◼
ما الجديد في هذه المعارك على صعيد القدرات والمهارات العسكرية، بما أن هذه الحملة تأتي بعد سنوات من خمول الجبهات؟
فصائل الثورة استفادت من فترة هذا الخمول كما وصفته. كان هناك فترة جمود في الجبهات خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية، وقد استغلتها فصائل الثورة في التدريب وتأهيل الكوادر الاختصاصية، وكان هذا واضحا في مجريات المعركة الحالية.
◼
ما أهمية القرى والبلدات التي بسطت فصائل المعارضة سيطرتها عليها ضمن هذه الحملة العسكرية؟
القرى والبلدات التي بسطت فصائل الثورة سيطرتها عليها مهمة جدا، حيث تحرر ريف حلب الغربي بالكامل، ومساحات شاسعة من ريف حلب الجنوبي. وفي الريف الشمالي تحررت بلدة عندان.
من ثم، فإن فصائل الثورة بدأت تفرض طوقا على مدينة حلب وقوات النظام. واليوم، جرى قطع طريق حلب دمشق الدولي "M5" على النظام.
وتحرير عندان يعني فصل مدينة تبل والزهراء ومحاصرتها عن مدينة حلب، وعدم وصول الإمدادات البشرية واللوجستية إلى قوات النظام في المدينة والجبهات الأخرى.
بالإضافة إلى محاصرة النظام من جهة الجنوب عبر السيطرة على قرى خان طومان والزربة، فضلا عن السيطرة على كفر حلب الاستراتيجية والمرتفعة. والآن، هناك توجه إلى تحرير تلة العيش الاستراتيجية، وهذا يعني الذهاب نحو الشرق في اتجاه جبل عرسان وخناصر، من أجل قطع الطريق الثانوي أو الفرعي الذي تسلكه قوات النظام من حلب إلى دمشق.
أيضا هناك أهمية بالغة للقرى والبلدات التي تحررت، وصولا إلى خان العسل في الريف الغربي. وقد بدأت المعارك الآن على أطراف مدينة حلب من الجهة الغربية.
◼
هل تستطيع المعارضة الحفاظ على تقدمها في حال وضعت روسيا ثقل قوتها الجوية لصالح الأسد، كما حدث في المعارك السابقة؟
هذا الأمر يتعلق بمجريات المعركة وحجم التدخل الروسي، ومشهود للروس بالإجرام واستخدام سياسة الأرض المحروقة، كما يتعلق هذا الملف بالتفاهمات الدولية؛ مثل التفاهمات التركية الروسية والتفاهمات الروسية الأمريكية.
إظهار أخبار متعلقة
من ثم، لا نستطيع تقدير إمكانية ثبات فصائل المعارضة في المناطق المحررة، في حال تدخلت روسيا بكامل سلاحها الجوي.
◼
في النهاية، ما توقعاتك لمسار المعركة العسكري على المدى المنظور؟
أتوقع أن مسار المعركة مستمر لتحرير أكبر مساحة ممكنة تستطيع الفصائل التحرك خلالها، قبل حدوث أي تدخل إقليمي أو دولي أو تفاهمات دولية معينة. من المؤكد أن لدى الفصائل هامشا لاستغلاله، وفرض أمر واقع على مناطق سيطرتها.
ولكن كما أخبرتك، لا نعرف مدى العملية وحجمها وما أبعاده إلى الآن، ولا نعرف ما إذا كانت تهدف إلى تحرير حلب واستكمالها باتجاه أرياف حماة وجبل الزاوية، أو باتجاه تل رفعت من الشمال من مليشيات "قسد".
الأمور إلى الآن غير واضحة. مع مرور الوقت تتكشف لنا خطة الهجوم؛ لأن لا أحد مطلع على هذه الخطة سوى غرفة العمليات.