على صغر سنّهم، بات الأطفال بقلب قطاع
غزة المحاصر الذي يعيش على إيقاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي المُتواصل، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يواجهون الموت بكافة أشكاله؛ من قصف إلى رعب مع نقص في الغذاء والملبس، وغياب المأوى الآمن، والآن بات البرد يجعلهم يتجمّدون حتّى الموت.
وأمام مرأى العالم، وفي ضرب صارخ، عرض الحائط، لكافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان، يعيش الأطفال بقلب القطاع المحاصر، أسوأ الكوارث الإنسانية، في خضمّ انهيار المنظومة الصحية.
ووصل عدد الأطفال الذين توفوا جرّاء البرد القارس في غزة، إلى 6 أطفال حديثي الولادة؛ كان أحدثهم الرضيع علي البطران، وهو توأم الطفل الذي فارق الحياة، الأحد الماضي، ويبلغ من العمر شهرا واحدا فقط.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، فإن علي قد استشهد، الاثنين الماضي، إثر انخفاض درجات الحرارة والبرد الشديد؛ فيما وصف مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، منير البرش، الخيام التي تووي الغزّيين في ظل سوء الأحوال الجوية، بكونها: "ثلاجات موت".
ورصدت "عربي21" جُملة مقاطع فيديو، وصورا، توثّق المأساة التي يعايشها الغزّيون، قسرا، حيث تتحول خيامهم المُهترئة في فصل الشتاء إلى ما يشبه الثلاجة، بشكلها الحرفي، إذ يتسلل الهواء البارد للداخل، وحين يهطل المطر، تتبلّل بكل ما فيها، من أمتعة وأغطية، في وقت يفتقرون فيه لأبسط مستلزمات الحياة.
إثر ذلك، تداول عدد من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عبر العالم، عدّة منشورات وتغريدات، تجدّد التضامن مع كافة الأهالي المتواجدين بقلب
قطاع غزة المحاصر، ومعربين عن غضبهم من صمت المجتمع الدولي، رغم تفاقم المأساة وارتفاع عدد الشهداء، خاصة من الأطفال والنساء. مستخدمين وسم "البرد القارس" الذي تصدّر موقع "إكس".
ويقول رواد التواصل الاجتماعي، عبر منشوراتهم وتغريداتهم التي رصدتها "عربي21" أن: "وفيات الأطفال المتزايدة مؤخرا، في غزة، لا تتعلّق فقط بانخفاض درجات الحرارة، بل بضعف مناعة الأطفال، إذ لا يحصلون على التغذية الكافية منذ شهور طويلة، شأنهم في ذلك شأن البالغين من سكان القطاع".
كذلك، أشار المتفاعلون مع توالي عدد الشهداء من الأطفال في غزة، جرّاء البرد، إلى كونهم يعيشون في خيام مهترئة، وفوق أرض مبللة من الأمطار الغزيرة، مع تفشي الأمراض المعدية بين النازحين، خاصة بين فئة الأطفال دون الخامسة.
وفي السياق نفسه، قال مدير وحدة الأطفال حديثي الولادة في مستشفى ناصر، ناصر عايد الفرا، عبر عدّة تصريحات صحفية، إنّ: "المجمع الطبي يستقبل يوميا، من خمس إلى ست حالات، من انخفاض درجة حرارة الجسم، لدى الأطفال حديثي الولادة".
وأضاف الفرا أن: "السبب الرئيسي في ذلك، هو عدم ملاءمة الخيام للبرد القارس، حيث تكون باردة جدا في الليل في فصل الشتاء". فيما قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، فيليب لازاريني، إنّ: "الأطفال في قطاع غزة، يتجمدون حتى الموت بسبب الطقس البارد ونقص المأوى".
وأبرز لازاريني عبر تغريدة، نشرها على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، أن: "هناك نقصاً في البطانيات والفرشات، وغيرها من الإمدادات الشتوية، بسبب انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة، مطالبا بوقف إطلاق النار بشكل فوري، والسماح بتدفق الإمدادات الأساسية الضرورية، بما في ذلك الإمدادات اللازمة لفصل الشتاء".
إلى ذلك، كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد قال في وقت سابق من هذا الشهر، إنّ: "حوالي 70 في المئة من الضحايا، الذين تم التحقق من وفاتهم في غزة، هم من النساء والأطفال"، مُدينا في الوقت نفسه ما وصفه بـ"الانتهاك الممنهج للمبادئ الأساسية التي أقرّها القانون الإنساني الدولي".
اظهار أخبار متعلقة
من جهتها، قالت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إنّ: "مستشفيات غزة تحولت إلى مصائد موت"، محذّرة من أنّ: "النظام الصحي في القطاع ، على شفير الانهيار التام بسبب الهجمات الإسرائيلية".
وفي ظل تفاقم الوضع الكارثي، أبرزت الأمم المتحدة، أنه منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تمّ عرقلة كل محاولة للوصول إلى شمال غزة المحاصر، وإرسال البعثات الغذائية والصحية؛ فيما حذّرت من إمكانية تجاوز عتبة المجاعة بشمال القطاع، مع ارتفاع معدل الوفيات، بسبب سوء التغذية، وتدهور الأوضاع الصحية في شتى أرجاء غزة.
تجدر الإشارة إلى أن عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، دخل يومه الـ455، وسط إبادة جماعية خلفت نحو 154 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على الـ11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.