نشرت مجلة "
لوبوان" الفرنسية، تقريرا، سلّطت من خلاله الضوء على اعتقال ثلاثة مؤثرين جزائريين بتهمة تهديد المعارضة الجزائرية، وهي الحادثة التي عمّقت التوترات القائمة بالفعل بين الجزائر وباريس.
وقالت
المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "اعتقال كل من زازو يوسف، الذي سيُحاكم في نهاية شباط/ فبراير، في بريست، بتهمة التحريض على الإرهاب، وعماد ولد إبراهيم، المعروف باسم تان تان، الذي مثل في السادس من كانون الثاني/ يناير أمام القضاء بتهم من بينها، التحريض المباشر على عمل إرهابي، وتوقيف مؤثر آخر في مونبلييه بتهم من بينها التحريض على الكراهية، حادثة كانت محط اهتمام إعلامي كبير".
وأضافت المجلة أنّ: "بعض الأوساط الجزائرية تعتبر هذه الاعتقالات ذات صبغة -سياسية بامتياز-، خاصة وأن من أعلن عنها هو وزير الداخلية المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، برونو ريتايو".
وفي إحدى تغريداته على موقع
التواصل الاجتماعي "إكس"، أعاد وزير الداخلية الفرنسي، نشر تغريدة لشوقي بن زهرة، الذي يعرّف نفسه كلاجئ سياسي في
فرنسا وهو ملاحق قضائيًا في الجزائر على خلفية الحراك الشعبي لسنة 2019، إذ أبلغ عن رسائل عماد تان تان ومؤثرين آخرين دعوا إلى استخدام العنف ضد أي شخص يتظاهر في فرنسا أو الجزائر، ضد السلطات الجزائرية.
وأعلن شوقي بن زهرة، تلقّيه عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي آلاف التهديدات بالقتل من جزائريين مقيمين في فرنسا أو الجزائر، مؤكدا خوض النظام الجزائري حربًا هجينة على الأراضي الفرنسية.
اظهار أخبار متعلقة
"زعزعة استقرار الجزائر"
في منتصف كانون الأول/ ديسمبر أطلق معارضون وسم: "مانيش راضي" استخدمه أشخاص ينتقدون السلطات الجزائرية، ويطالبون بتغيير سياسي ويشجبون الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد في معظم تصريحاتهم.
جرّاء ذلك، تمّت الدعوة إلى تنظيم احتجاجات في الأول من كانون الثاني/ يناير داخل الجزائر وخارجها، مباشرة بعد صلاة الفجر، رغم حظر المظاهرات في البلاد.
واستهدفت الرسائل التي تدعو إلى العنف من قبل المؤثرين الذين تم اعتقالهم في فرنسا، تحديدًا الأشخاص الذين دعوا إلى التظاهر في الجزائر أو فرنسا، في اليوم الأول من السنة الجديدة، واصفين إياهم بـ"الخونة" و"العملاء الذين يريدون زعزعة استقرار الجزائر".
وقال زازو يوسف، على سبيل المثال: "يجب إطلاق النار عليهم، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي"؛ فيما اتهمت وسائل إعلامية موالية للسلطات الجزائرية وبعض المؤثرين ما أسموه "ذبابًا إلكترونيًا مغربيًا" بالوقوف وراء هذه الحملة التي تضمنت، في بعض رسائلها، مقارنات بين النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، الذي أطيح به نهاية السنة الماضية والوضع الحالي في الجزائر.
اظهار أخبار متعلقة
وسم مضاد
يتّهم موقع "تي إس إي" الجزائري، المغرب، بالوقوف وراء إطلاق العديد من المغاربة وسم "مانيش راضي" من خلال استغلال حسابات وصفحات وصفت بـ"الوهمية" منسوبة للجزائريين.
ورافق اكتساح وسم "مانيش راضي" مواقع التواصل الاجتماعي إطلاق حملة أخرى داعمة للجزائر، نفّذها صحفيون ومؤثرون وجمعيات رياضية عن طريق إطلاق وسم مضاد "أنا مع بلادي". تم نشر هذا الشعار من قبل الإذاعة العامة وعُرض بشكل مستمر على شاشات قنوات التلفزيون.
وأخذ الصدى الذي أحدثه كل من وسم "مانيش راضي" و"أنا مع بلادي" بعدًا كبيرًا لدرجة أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تناول الموضوع في 24 كانون الأول/ ديسمبر، قائلًا: "سنحمي هذا البلد الذي يحمل شعبه دماء الشهداء في عروقه. من يعتقد أن الجزائر فريسة يمكن الاستيلاء عليها من خلال هاشتاغ واهم".
حملة اعتقالات
أشار الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اعتقال العديد من الأشخاص معظمهم من فئة الشباب بسبب نشرهم مقاطع فيديو احتجاجية تضمنت وسم "مانيش راضي".
تعليقا على ذلك، قال الوزير السابق والدبلوماسي الأسبق، عبد العزيز رحابي، على حسابه بـ"إكس": "الجزائريون، سواء كانوا راضين أم لا، يشكلون نفس الشعب. يتعين على الدولة تهدئة الوضع وتوحيد الآراء المختلفة نحو مصير مشترك. تاريخياً وعلى المدى الطويل، لم تحل سياسة الأمن الشامل أي مشكلة، لا عندنا ولا في بلدان أخرى".
وأوردت المجلة أن: "المستجدات الأخيرة تأتي في إطار التوتر القائم بين الجزائر وباريس منذ تبني فرنسا الموقف المغربي بشأن الصحراء في صيف 2024. كما من المرجح تصاعد الخلافات، بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت مؤثرين جزائريين في فرنسا".
"التي لم تعد فقط تطرح مسألة تنفيذ تدابير "الوجوب بمغادرة الأراضي الفرنسية" بل تبدو بالنسبة لبعض المسؤولين السياسيين دليلا على وجود عملية لتقويض الاستقرار وحرب هجينة تُشن من قبل الجزائر ضد فرنسا" تابعت المجلة.
اظهار أخبار متعلقة
"تصعيد جديد"
على إذاعة "أوروبا 1"، قال نائب رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، سيباستيان شينو، الإثنين، إن: "هؤلاء المؤثرين لديهم نفس النبرة ويحملون نفس الخطاب. من الواضح أن هناك حملة لتقويض استقرار فرنسا".
وبالنسبة للصحيفة الجزائرية "الشروق"، تمثل هذه الاعتقالات "تصعيدًا جديدًا" في التوترات بين البلدين بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأحد، جاء فيها: "نلاحظ مواقف وقرارات السلطات الجزائرية التي تجعلنا نشكّك في نية الجزائر الالتزام بخطة الطريق الموقعة في 2022 بين تبون وماكرون لأن تنفيذ الخطة يتطلب تعاون الطرفين".
وفي ختام التقرير نقلت المجلة عن صحيفة "هوريزون" الجزائرية، قولها: "على الرغم من الأدلة والحقائق التي لا يمكن دحضها حول نية فرنسا الإضرار بالجزائر، فإنها استمرت في محاولة فحص نوايا الجزائر تجاهها، وهو اختبار اكتشفنا خلاله أنها رصدت شكوكًا".