استؤنفت المفاوضات بين القوى الست الكبرى وايران حول البرنامج النووي لطهران السبت لليوم الثالث على التوالي في
جنيف حيث حذرت فرنسا من اي اتفاق بالارخص الاثمان.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه ليس لديه "اي يقين" حتى الآن بان اتفاقا سيبرم، موضحا ان "هناك نصا مبدئيا قبلنا به (...) ليس لدي اي يقين باننا سنتمكن في الوقت الذي اتحدث فيه معكم من ابرام" اتفاق.
واضاف "هناك بعض النقاط التي لا ترضينا"، واكد في القوت نفسه انه "يجب ان يؤخذ بالكامل القلق الامني لاسرائيل والمنطقة".
من جهته، رأى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه على
القوى الكبرى "انتهاز الفرصة" المتاحة في المفاوضات التي تجري مع ايران في جنيف بشأن ملفها النووي.وفي اشارة الى ارادة للتوصل الى اتفاق، اختار وزراء خارجية خمس دول الانتقال الى جنيف لمساندة مفاوضيهم في الاجتماع الذي كان يفترض الا يستمر اكثر من يومين.
وحذت روسيا حذو الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا، اذ وصل وزير خارجيتها سيرغي لافروف صباح السبت الى جنيف.ونقلت وكالة الانباء الروسية ريا نوفوستي عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله "ننوي التوصل الى نتيجة طويلة الامد ينتظرها العالم كله"، مؤكدا ان لا احد من المشاركين يرغب في مغادرة جنيف "بدون نتيجة ايجابية".
واكد انه في حال حدث العكس "سيكون ذلك خطأ استراتيجيا".وبعد سنوات من التوتر، يفترض ان يسمح اتفاق باعادة اجواء الثقة بين طهران التي تخضع لعقوبات دولية، والدول الست المكلفة البرنامج
النووي الايراني، بما فيها الصين.
وتشتبه هذه الدول بان ايران تسعى الى امتلاك سلاح ذري تحت غطاء برنامج نووي مدني، وهذا ما تنفيه طهران.
وسيقدم اتفاق في جنيف وصف "بالموقت" قبل "اتفاق نهائي"، فرصة للجانبين لاثبات حسن النية.
وتتمحور المحادثات "البالغة التعقيد" بين ايران ومجموعة الدول الكبرى 5+1 حول اقتراح ايراني يدل على تغيير في النهج بشأن هذا الملف منذ انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في اب/اغسطس الماضي.
وبحسب هذا الاقتراح الذي لم يعلن مضمونه توافق ايران على تعليق كلي او جزئي لتخصيب اليورانيوم الذي يجري حاليا بنسبتي 3,5 بالمئة و20 بالمئة ويمكن ان يسمح بانتاج سلاح ذري اذا بلغت نسبة التخصيب 90 بالمئة.
وتحدث الوفد الفرنسي عن ثلاث نقاط اخرى ما زال التفاوض حولها جار تتعلق بمخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة ومصير موقع اراك حيث تبني ايران مفاعلا يعمل بالمياه الثقيلة وآفاق تخصيب اليورانيوم على امد اطول بالنسبة لايران.
ويرى الغربيون ان الحديث عن هذه القضية التي قالت طهران من قبل انها "خط احمر"، بحد ذاته يعد تقدما مهما بالمقارنة مع الوضع قبل سنوات.
وتطالب كل قرارات الامم المتحدة بتعليق كل عمليات تخصيب اليورانيوم لكن خبراء يرون ات ايران يمكن ان يسمح لها في المستقبل بالتخصيب بنسبة 3,5 بالمئة تحت رقابة صارمة.وقال الخبير في القضايا الاستراتيجية فرنسوا هيسبورغ لوكالة فرانس برس "كما في كل القضايا، الشيطان يكمن في التفاصيل".
واضاف "لا اعتقد ان الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي ستنجح في التوصل الى اتفاق يوافق فيه الايرانيون على وقف كامل للتخصيب. قد يقبلون بوقف التخصيب بنسبة عشرين بالمئة وكل المسألة تتركز في معرفة ما سيفعلونه باليورانيوم المخصب بنسبة 3,5 بالمئة".
وقال مسؤول غربي كبير طالبا عدم كشف هويته ان اللقاءات بين الايرانيين والقوى الكبرى التي سهل وصول الرئيس الاصلاحي حسن روحاني الى السلطة انعقادها، لا علاقة لها بتلك التي جرت في السنوات الماضية.
واضاف "من قبل كان الامر اشبه بمونولوجات، الآن نتفاوض". وتحدث عن "حراك حقيقي جديد".وفي جنيف شكل الجمعة فرصة للغربيين وشريكيهم الروسي والصيني لتوحيد مواقفهم في مواجهة ايران.
وكان وزير الخارجية الايراني جواد ظريف صرح ان موقف فرنسا اكثر تشددا من موقف الولايات المتحدة.
لكن دبلوماسيا فرنسيا صرح مساء الجمعة "اصبح الجميع على خط واحد".وتعهدت الدول المشاركة في مفاوضات جنيف بعدم كشف مواقفها علنا خلال المحادثات.
وقال الاميركيون والايرانيون مساء الجمعة انه "بقيت بعض المسائل البالغة الاهمية (...) وعمل كبير يجب انجازه".
وبعد خمس ساعات من المناقشات، تم تأجيل مفاوضات ثلاثية بين وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري وايران والاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون، الى السبت.وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية "خلال المساء، واصلنا تحقيق تقدم في عملنا الرامي الى تقليص الخلافات".
واضاف "لا يزال هناك عمل يجب اتمامه".وستستأنف المفاوضات صباح اليوم السبت، على حد قوله.اما اسرائيل فتعتبر اي اتفاق دولي مع ايران حول برنامجها النووي "صفقة القرن".
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الجمعة اثناء لقاء بينه وبين كيري في مطار بن غوريون في تل ابيب ان "اسرائيل ليست ملزمة بهذا الاتفاق وستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن امن شعبها".
واجرى الرئيس الاميركي باراك اوباما اجرى الجمعة اتصالا هاتفيا بنتانياهو. واوضحت الرئاسة الاميركية ان الهدف من الاتصال الهاتفي هو "بحث مسألة ايران والجهود التي نبذلها من اجل التوصل الى حل سلمي" لهذا الملف.واشارت الرئاسة الاميركية الى ان اوباما "شدد على تعهده منع ايران من حيازة سلاح نووي".
وفي مؤشر آخر على انفراج بين ايران والاسرة الدولية، يمكن ان يوقع قريبا اتفاق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي سيصل مديرها العام يوكيا امانو الاثنين الى العاصمة الايرانية.وصرح سفير ايران لدى الوكالة ان ايران تتوقع توقيع اتفاق مع المدير العام للوكالة التابعة للامم المتحدة يوكيا امانو اثناء زيارته الاثنين الى طهران.
وقال رضا نجفي للتلفزيون الرسمي ان "جمهورية ايران الاسلامية قدمت اقتراحا جديدا يتضمن خطوات ملموسة ونتوقع ان توضع اللمسات الاخيرة على النص الاثنين وان يتوصل الطرفان الى اتفاق".
وتحقق الوكالة منذ سنوات في نشاطات نووية حساسة قامت بها ايران في الماضي.
ورحبت الصحف المعتدلة السبت بمفاوضات جنيف ورأت في طياتها "اتفاقا تاريخيا" بشأن الملف النووي فيما اعتبرتها الصحف المحافظة مجرد "سراب".