قال ماهر الطباع، الخبير الاقتصادي الفلسطيني، اليوم الاثنين، إن كافة القطاعات الاقتصادية تعطلّت عقب توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل منذ أكثر من أسبوع، وأن المشهد يزداد بؤسا ساعة بعد أخرى.
واستبعد الطباع، وهو مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، خلال مقابلة مع وكالة الأناضول، أية حلول جذرية لمعالجة أزمة الكهرباء في قادم الأيام، واستطرد بالقول: "الحل الجذري يكون عن طريق شراء الكهرباء إما من
مصر أو "
إسرائيل"، وأية حلول أخرى ستبقى جزئية لن تعالج المشكلة".
وعزا الطباع، وهو أحد أهم الخبراء الاقتصاديين بغزة، أزمة الكهرباء وما يترتب عليها من آثار سلبية إلى خلل في خارطة الاقتصاد الفلسطيني بأكملها، وتبعية الاقتصاد الفلسطيني للكيان الإسرائيلي واتفاقية باريس الاقتصادية التي أرهقت وكبلّت الحركة التجارية الفلسطينية.
وأضاف أن انقطاع التيار الكهربائي أدى إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع، وتأثر القطاع التجاري بقلة الحركة التجارية وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين.
وقال إن محطة توليد الكهرباء تحولت من مشروع استثماري إلى نقمة يعاني منها قرابة مليوني مواطن منذ سبعة أعوام، مشيراً إلى أن المحطة تستنزف الموارد الفلسطينية إذ تحتاج يوميا إلى 750 ألف دولار يوميا لتشغيلها.
ولفت إلى أن المحطة يجب أن تعمل على الغاز الطبيعي فهي مصممة على العمل على الغاز الذي أجبر نقص توريد كمياته على تشغيلها بالوقود المهرّب من مصر إلى القطاع عبر أنفاق التهريب.
ومنذ أكثر من أسبوع توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع
غزة عن العمل بشكل كلي عن العمل.
ولم تستجب الحكومة في
رام الله، لطلب الطاقة بغزة بإلغاء كافة الضرائب المضافة على الوقود الصناعي، وهو الأمر الذي عطّل شراء السولار الإسرائيلي ما أدى لتوقف عمل المحطة بشكل كامل.
ويلزم لتشغيل محطة الكهرباء بغزة نحو 650 ألف لتر يومياً من السولار الصناعي لتعمل بكامل طاقتها، وهو الأمر الذي تعجز المحطة عن توفيره في الوقت الراهن.
وتعتمد محطة الكهرباء بشكل رئيسي على الوقود المهرب من مصر عبر
الأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية الفلسطينية، والتي توقف العمل فيها بنسبة كبيرة تجاوزت، وفق تأكيدات أممية وفلسطينية، الـ 95% جرّاء حملة الجيش المصري، التي أعقبت عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو الماضي.
وقال الطباع إن ما يثير الدهشة والاستغراب ما تحققه الشركة الفلسطينية للكهرباء من أرباح، إذ شهدت ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب بيانات الربع الثالث لعام 2013 فإن أرباح الشركة تجاوزت الثمانية ملايين دولار، إلى جانب ارتفاع سعر سهم الشركة الفلسطينية للكهرباء في بورصة فلسطين للأوراق المالية إلى أكثر من 35% خلال السنوات الأخيرة، حيث تبلغ قيمته الآن 1.38 دولار.
وطالب الطباع بفتح هذا الملف وهذه التساؤلات الاقتصادية وما تصاحبها من أرقام صادمة على سلطة الطاقة التابعة لحكومة غزة والجهات المعنية أن تبحث عن إجابتها.
وشدد على أن الخلل السياسي الفلسطيني يصاحبه خلل اقتصادي، مشيراً إلى أن المستقبل قاتم فيما يتعلق بالاقتصاد الغزّي، فالأرقام والدراسات تؤكد أن البطالة ترتفع لمستوى لم تشهده غزة حتى في سنوات الحصار الأولى إذ ستصل لأكثر من 43%، وستزيد معدلات الفقر في ظل غياب دور المؤسسات الإغاثية الدولية التي انشغلت عن غزة بمناطق ساخنة أخرى.
ورأى الطباع أن اقتصاد غزة لن ينتعش من جديد إلا بفتح كافة المعابر التجارية والسماح بتصدير المنتجات الزراعية والصناعية من غزة إلى الخارج.
وكان مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "راجيف شاه" قد أكد في وقت سابق أن تصدير المنتجات الفلسطينية إلى جميع أنحاء العالم سيساعد الشركات الفلسطينية في الانفتاح على الأسواق العالمية، وتبني المواصفات العالمية واعتماد التكنولوجيا الجديدة اللازمة لتطوير منتجاتهم، وسيدعم بشكل ايجابي النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة للفلسطينيين.
وتساءل الطباع عما إذا كانت الوكالة الأمريكية للتنمية تعتبر منتجات غزة فلسطينية أم لا، مشيراً إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنع منذ سبع سنوات تسويق منتجات القطاع الصناعية والزراعية إلى أسواق الضفة الغربية والعالم الخارجي.
وقال إنّ إغلاق الأنفاق دون فتح المعابر التجارية ودخول كافة أنواع البضائع إلى غزة يعيد القطاع إلى المربع الأول للحصار ويتسبب بخسائر اقتصادية فادحة.