توجّه السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية، للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة، للتحقيق في وفاة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، يراه محللان سياسيان فلسطينييان "خطوة ضرورية" في هذه القضية.
واعتبر المحللان، في حديثهما للأناضول، أن ما تم التوصل إليه حتى هذه اللحظة من قبل التقارير الطبية الدولية إنجاز هام"، يجب البناء عليه بالتوجه نحو تشكيل لجنة تحقيق دولية.
وتوصلت تقارير لخبراء بالطب الشرعي في سويسرا مطلع الشهر الجاري، وسبقتها فيلم وثائقي لقناة الجزيرة القطرية، إلى أن الرئيس
الفلسطيني الراحل
أبو عمار مات مسموماً بمادة (البولونيوم المشع).
وقال المحلل السياسي هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية في
غزة، إن: "السلطة الفلسطينية مطالبة بالسعي لتشكيل لجنة تحقيق دولية تساهم في الكشف عن الطرف الذي قتل ياسر عرفات، ومن ساهم في قتله".
وأوضح أن لجنة التحقيق الدولية ستكون محايدة كما أنها تملك جميع الصلاحيات للتحقيق مع شخصيات سياسية
إسرائيلية وعربية وفلسطينية أيضاً.
ورأى البسوس أن "المتهم الأول" في قتل عرفات هي إسرائيل لأنها دولة تمتلك نفس المادة المشعة التي وجدت في رفاته، حسب قوله.
وانتقد تشكيل السلطة الفلسطينية للجنة تحقيق "محلية"، معتبرا إياها لجنة "وهمية"، لن تتوصل إلى نتائج مفيدة.
وفي سياق آخر، رأي البسوس أن ملف مقتل أبو عمار لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على ملف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.
وفي السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي طلال عوكل، الكاتب في صحيفة "الأيام" الفلسطينية، الصادرة من مدينة رام الله، أن الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية بعد فتح ملف مقتل أبو عمار تتمركز حول محورين، ينص أولهما على استكمال التحقيقات الداخلية للإجابة عن السؤال: "من دسّ السم لأبو عمار".
وتابع:" يجب على السلطة معرفة إذا كان هناك طرف فلسطيني ساهم في قتل أبو عمار، أم أن الأمر يتعلق بأطراف خارجية أجنبية، أو عربية أو دبلوماسية".
وفيما يتعلق بالمحور الثاني، شدد عوكل على ضرورة توجه السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق محايدة لاستكمال التحقيق في مقتل أبو عمار.
وذكر عوكل أن المرحلة التي وصل إليها التحقيق في مقتل أبو عمار "هامة جدا"، حيث تم الإجابة عن سؤال "هل قُتل عرفات؟"، ويتبقى البحث عن إجابة "من قتله، وبواسطة من؟".
وأضاف: "من المعروف للجميع أن من قتل أبو عمار هو إسرائيل خاصة وأنها تملك نفس المادة التي وجدت في رفاته، كما أنها المستفيد الأول من قلته، لكن يتبقى علينا معرفة من ساعدها في دس السم لأبو عمار".
واستبعد عوكل أن تكون للفصائل الفلسطينية أو لشخصيات فلسطينية دور في قتل أبو عمار، متابعاً: "مادة البولونيوم المشع" تملكها (خمسة) دول كحد أقصى ومنها إسرائيل".
وأشار إلى أن النتائج التي توصل إليها التقرير السويسري الطبي تعتبر ورقة قوية في يد السلطة الفلسطينية، تمكنها من مطالبة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية.
واعتبر عوكل أن "إسرائيل تعاني من عزلة دولية سيما بعد الموقف الأمريكي الأوروبي من الملف النووي الإيراني، وبعد أن فقدت حق التصويت في (اليونسكو)، كما أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي اعتبر فيها أن الاستيطان غير شرعي ساهمت في عزلة إسرائيل.
وقرر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، السبت، حرمان الولايات المتحدة الأمريكية من حق التصويت في المنظمة، نتيجة لعدم دفعها مستحقاتها المالية لمدة عامين.
وكانت واشنطن وتل أبيب توقفتا عن دفع مستحقاتهما للمنظمة، احتجاجا على منحها العضوية الكاملة لفلسطين في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2011، وأعطت اليونسكو مهلة للبلدين لتقديم تبرير رسمي لعدم السداد وخطة لدفع المستحقات المتأخرة، انتهت الجمعة.
وتابع المحلل والكاتب بصحيفة "الأيام" مضيفا :"ملف مقتل أبو عمار، بالاضافة لملفات الاستيطان والقدس والانتهاكات الإسرائيلية كلها تشكل ورقة ضاغطة على إسرائيل بشكل يبشر بإمكانية محاسبتها دولياً".
وأعلنت السلطة الفلسطينية يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 عن وفاة عرفات عن 75 عاماً في مستشفى "بيرسي" العسكري قرب العاصمة الفرنسية باريس، بعد أن تم نقله إليه من مدينة رام الله بالضفة الغربية نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
وتتهم العديد من القوى الفلسطينية إسرائيل باغتيال عرفات الذي ترأس السلطة الفلسطينية منذ عام 1996، وحتى وفاته، وهو ما تنفي الحكومة الإسرائيلية صحته.