عشية افتتاح قمة مجلس التعاون الخليجي اليوم في
الكويت، انتهى "منتدى الامن الاقليمي" في المنامة بإطلاق رياح متناقضة منها ما يريح هذه القمة ومنها ما يكدّرها. ولهذا كان واضحاً امس في كواليس القمة، اتساع الرهان على حنكة أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد ودرايته، لقيادة السفينة الخليجية وسط ارخبيل من الصخور المستجدة.
في المنامة، بدا واضحاً ان اميركا وبريطانيا تحاولان تطويق المخاوف والمحاذير الخليجية الناجمة عن الاتفاق النووي مع ايران، فقد كرر وليم هيغ ما كان قد اكده في الكويت من ان الدول الغربية تقف الى جانب حلفائها الخليجيين وان الالتزامات السياسية والامنية حيالهم ستتعزز. كما اكد تشاك هيغل ان واشنطن تدرك قلق زعماء الخليج بازاء توجه سياستها في المنطقة بعد الاتفاق مع ايران، لكنه حذّر من التفسير الخاطئ مؤكداً ان الديبلوماسية الاميركية لم تستبعد القوة العسكرية ولن تتردد في استخدامها لحماية حلفائها وان التزامها هذا ثابت ومستمر... لكن هذه الالتزامات سرعان ما انهارت امام كلام باراك اوباما في "منتدى بروكيغز"، حيث قال ان نسبة التوصل الى اتفاق نهائي مع ايران لا تتجاوز الـ50? وان تعرية ايران نووياً ليست ممكنة!
هذه الاجواء تأتي بعد تطورات اقليمية دقيقة وبروز معالم تغيير في الاستراتيجيات، بما يفرض ان تكون قمة الكويت منطلقاً لرسم خريطة طريق لمواجهة كل هذه الرياح المقلقة، من خلال المزيد من تعميق التعاون ودفعه بخطى ثابتة ومدروسة نحو الوحدة المنشودة، التي تستجيب مصلحة العائلة الخليجية من دون ان تتجاوز خصوصيات كل منها، بمعنى ان التقدم ولو خطوة نحو روح الكونفيديرالية يمكن ان يشكل نقلة نوعية مرحلية نحو ما هو أعمق وأشمل في المستقبل اي الاتحاد.
يبدو هذا ضرورياً بعد اعلان سلطنة عمان انها ضد الاتحاد وانها وإن كانت لن تمنع قيامه لكنها اذا حصل لن تكون جزءاً منه، في ما بدا انه رد على دعوة
السعودية الى الاتحاد "الذي يشكل بالفعل ضرورة امنية سياسية اقتصادية استراتيجية ملحّة وهو ما يفرض تغليب المصلحة العامة على النظرة الاحادية".
طبعاً لقد احتفظت عمان دائماً بهامش من العلاقات مع ايران، الى درجة الوقوع اخيراً في خطأ فادح وهو استضافة الحوار الاميركي - الايراني من دون ان تكلف نفسها ابلاغ اشقائها الخليجيين ولو لياقة وهذا خطأ الاميركيين أيضاً، لكن كل هذا لا يلغي اهمية ما تفرضه المرحلة وتحولاتها من رسم واضح وضروري لتقدم التعاون الخليجي على طريق الاتحاد، وفق روزنامة لن يتمكن من هندستها غير عميد الديبلوماسية والمبادرات الشيخ صباح الأحمد، فاذا كان مجلس التعاون نشأ بمبادرة من الكويت عام 1981 فسيتقدم بمواكبة كويتية.
(النهار 10 ديسمبر2013)