كان الموظف الحكومي أحمد رجب وعد أطفاله باستبدال المدفأة الكهربائية القديمة التي لم تعد تمدهم بالدفء المطلوب، وشراء أخرى حديثة تحول برد كانون إلى حرارة آب كما تروج إحدى الإعلانات عبر أثير الإذاعات المحلية بغـزة. غير أن أسلاك هذه المدفأة ستكون بلا فائدة تذكر، وستبدو كلوحة صامتة، كما يؤكد رجب، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تتجاوز 12 ساعة يوميا.
وأضاف الأب لسبعة أبناء أن شراء أجهزة كهربائية في الوقت الراهن يبدو مغامرة، واستطرد بالقول: "وعدت صغاري أن أشتري لهم مدفأة حديثة ونوعية، لكن ماذا سأفعل بها الآن، ونحن لا نرى
الكهرباء إلا نادرا!".
وللأسبوع السادس على التوالي تشهد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع
غزة توقفا كاملا عن العمل، عقب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها.
وتمد سلطة
الطاقة المنازل بتيار كهربائي وفق جدول يعمل على 6 ساعات وصل، ثم يتم قطعه لمدة 12 ساعة أخرى، معتمدة في ذلك على الخطوط المصرية والإسرائيلية.
وما أن تشغل ربة البيت "أم أنس - 42 عاماً" المدفأة الصغيرة بحثا عن الدفء المفقود حتى ينفصل التيار الكهربائي الذي قالت إنه لم يعد يتحمل سوى الإنارة البسيطة. وقالت إن حال الكهرباء يزداد سوءا يوما بعد آخر، ما يدفعهم للعزوف عن شراء أية أجهزة إضافية.
وكانت سلطة الطاقة التابعة للحكومة المقالة في قطاع غزة قد حذرت مؤخرا من ازدياد عدد ساعات قطع التيار الكهربائي مع دخول فصل الشتاء. وقالت إن ساعات وصل الكهرباء الست تكفي للإنارة المنزلية فقط، وأن تشغيل أي أجهزة تدفئة أو مكيفات ساخنة سيزيد من أحمال الكهرباء، مما سيتسبب بفصل التيار عن المنازل لساعات إضافية.
وتجمدت آمال التاجر الغزي سمير خلف (45 عاما)، وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية، بعد أن أصاب الركود غير المسبوق محله.
وأضاف خلف أن الوضع يشبه تماما جو كانون، فالحركة الشرائية باردة ومشلولة تماما، على الرغم من لجوئه إلى خيارات التقسيط في البيع. واستطرد بالقول: "هناك أجهزة كهربائية حديثة جدا ومتطورة دخلت القطاع، خاصة تلك المستخدمة في فصل الشتاء لكن للأسف اليوم تصل نسبة الركود في البيع لأكثر من 98%".
وكانت صحيفة الاقتصادية الفلسطينية، الصادرة في غزة، قد أشارت في إحصائية نشرتها مؤخرا إلى أن نحو 117 ألف جهاز كهربائي دخل إلى القطاع خلال عام 2013 عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والأنفاق قبل أن يتم إغلاقها من قبل الجيش المصري عقب عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو الماضي.
وقالت الصحيفة إن الطلب على الأجهزة يزداد في دخول موسم الشتاء، خاصة أجهزة التدفئة ما يزيد من حجم الاستيراد.
غير أن كميات الاستيراد هذه اصطدمت، كما يؤكد إياد شمالي وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية، بالواقع الذي باتت تعيشه غزة والأزمات الاقتصادية والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.