تبدأ
الرواية المصورة (فرودس الزهراء) بقول مولانا جلال الدين الرومي "لا تبحث في الأرض عن مرقدنا بعد الوفاة-إنما مقامنا في صدور العارفين من الأنام" ثم يهديها كاتبها
الإيراني أمير ورسامها الجزائري خليل "إلى المفقودين والغائبين والذين سقطوا" في الاحتجاجات الإيرانية عام 2009.
أما ريم وأحمد مترجما الرواية -التي تتناول الاحتجاجات على اعادة انتخاب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي
نجاد والتي سميت بالثورة الخضراء- فأهديا الرواية إلى المحامي الإيراني عبد الفتاح سلطاني الذي صدر ضده حكم في مارس اذار 2012 بالسجن 18 عاما ومنعه من ممارسة المحاماة 20 عاما.
ولا يعطي الناشر معلومات عن مؤلفي الرواية أو مترجميها إلى العربية أكثر من الاسم الأول لكل منهم.
والرواية التي تقع ترجمتها العربية في 296 صفحة متوسطة القطع صدرت في القاهرة عن (دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات) التي سجلت في الغلاف الأخير أن الرواية نشرت مسلسلة في موقع إلكتروني عام 2010 بثماني لغات قبل أن تطبع في سبتمبر أيلول 2011 بالإنجليزية ثم ترجمت إلى عدة لغات.
ولكن المترجمين المصريين ريم وأحمد كتبا في نهاية الرواية عن "تقاطع المصائر" بين احتجاجات إيران 2009 والاحتجاجات التي أنهت حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك قبل نحو ثلاث سنوات.
وأضافا أن مؤلف الرواية أمير ورسامها خليل يقيمان في الولايات المتحدة وأن قصة مهدي علوي بطل الرواية هي قصة "أكثر من ألف مفقود منذ قامت الثورة في مصر" في 25 يناير كانون الثاني 2011.
ورواية (فرودس الزهراء) التي تحمل اسم "أكبر مقبرة في إيران" تستعرض اختفاء مهدي علوي (19 عاما) ضمن المختفين من معارضي نتائج الانتخابات فتبحث عنه أمه وأخوه "في دهاليز دولة أمنية بيروقراطية قاهرة يختفي المعارضون فيها بلا أثر كأنما لم يوجدوا" كما يسجل الغلاف الأخير.
ولكن ما يبقي أمل الأسرة في العثور على ابنهم أو حفظ ذكراه ليست الضمانات القانونية ولا أعراف حقوق الإنسان بل إصرارهم على اقتفاء أثره بأي طريقة ممكنة.
وتبدأ الرواية باتصال الأم بابنها "مهدي" لتسأله عما إذا كان سيرجع ليكون مع الأسرة على العشاء ولكنه لا يرد فتتجه إلى ميدان آزادي في العاصمة الإيرانية ولا تجد من أثر المظاهرات إلا طفلا يخبرها أنه سمع صوت طلقات رصاص وصافرات سيارات إسعاف وكان الرصيف ملطخا بالدماء وكانت "طهران ترتعد بصيحة التحدي.. نداء الحرية" وتتنقل الأم بين المستشفيات بحثا عن ابنها.
وفي جولة الأم ترى فتيانا وفتيات في عمر مهدي "كمن ضربهم الطاعون" وتزدحم بهم أسرة وطرقات المستشفى الذي اقتحمه أفراد من الحرس الثوري "ينتزعون المتظاهرين المصابين ويجرونهم خارج المستشفى" وبعضهم ينزف وآخرون عاجزون عن المشي فيحملهم أفراد الحرس غير مبالين بتوسل الأطباء.
ويعلق البعض مندهشا "حتى الزبالون يحملون الزبالة ويقلبونها باحترام أكبر".
وتذهب الأم إلى المشرحة لتتأكد أن مهدي ليس بين الموتى ولكنها لا تعرف مصيره فتذهب إلى مقر محكمة الثورة حيث "وكلاء الله ينفذون العدالة الثورية" ولا يبالي بها موظف يخبرها أنها ليست الأم الوحيدة في إيران التي يختفي ابنها. ويسخر منها قائلا "سلمي لنا على السيد موسوي" في إشارة إلى مير حسين موسوي منافس نجاد في انتخابات الرئاسة 2009.
ثم يتأكد للأم وفاة ابنها من زيارة مندوبي السلطة الذين يشترطون عليها قبل تسلم الجثمان أن توقع الأسرة على تعهد بعدم إقامة جنازة علنية وعدم التقاط "أية صور ولا تشريح الجثة ولا عمل تصريحات للصحافة... النعش أحكم وينبغي أن يظل مغلقا" ولكن الأم تعلن أنها لن تتفاوض على موت ابنها ولو أعطوها تقريرا يفيد "استشهاد مهدي".
فتقول الأم في لهجة متحدية "لم أمتلك حياة مهدي ولن أتفاوض على ثمن موته."
وفي ملحق تعريفي في نهاية الرواية كتب المؤلفان "بوصفنا مؤلفي (فردوس الزهراء) لا يمكننا ادعاء عدم وجود رابط بين الخيال والحقيقة. لقد اشترك معنا ألوف في تأليف هذا العمل بعضهم أحياء وبعضهم ماتوا ... لئن نجحنا فلأن الخيال يفتح نافذة إلى الواقع عندما يكون الواقع مؤلما مغربا صامتا" ويلي هذا الملحق قائمة تضم أسماء 16901 اسم لأشخاص "أعدموا أو أطلق عليهم الرصاص في مظاهرات أو اغتيلوا" منذ 1979.
ويقدم المؤلفان تحية إلى الزعيم الإفريقي نلسون مانديلا ومسيرته الطويلة إلى الحرية والتي كتب فيها "لا يوجد ما هو أكثر تشجيعا في السجن من معرفة أن أناسا في الخارج يدعمون القضية التي من أجلها سجنت".