قبيل الاستفتاء على دستور 2012 كانت الأحزاب والقوى المدنية تقيم الدنيا ولا تقعدها كلما عبر شيخ أو داعية إسلامي عن تأييده للدستور، ولم تكن وسائل الإعلام تتوقف عن اتهام الإسلاميين باستغلال الدين لخداع البسطاء بأحاديث الجنة والنار، وكانت من أهم مسوغات الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي.
لكن مراقبين يقولون إن مؤيدوي الانقلاب أصبحوا الآن لا يتورعون عن توظيف الدين والاستعانة برجال الدين الموالون لهم في كل مناسبة سياسية لحشد التأييد، بدءا من جلوس شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية خلف الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع أثناء إلقائه بيان الانقلاب، وانتهاء بتصريح الشيخ
علي جمعة مفتي
مصر الأسبق حول "تأييد الله" لدستور 2013.
ودائما ما يثير جمعة الجدل بتصريحاته الداعمة دائما للسلطة والمعادية للإسلاميين، منذ عهد مبارك الذي حرم الخروج عليه في ثورة يناير، مرورا بدعوته المصريين الخروج على الرئيس مرسي في 30 يونيو، وكان أحدثها دعوته المصريين إلى التصويت بـ"نعم"على التعديلات التي أدخلتها لجنة الخمسين على دستور 2012، وذلك خلال كلمته مساء الاثتين في مؤتمر تدشين جبهة "مصر بلدي" التي يترأسها.
دستور مؤيد من الله!
وقال مفتي مصر الأسبق إن "من سيخرج للتصويت بنعم على الدستور يجب أن يعلم أن الله يؤيده لأنه يعمر الأرض ويقف ضد الفساد والإلحاد والشقاق".
وحث جمعة الشعب للخروج إلى الاستفتاء ليرى العالم كله شرقا وغربا، من يريد إسالة الدماء ومن هم المصريون، قائلا "اخرجوا بأنفسكم ونساءكم إلى صناديق الاستفتاء، لنوقع الرعب في قلوب الإرهابيين والمارقين والملحدين" في إشارة إلى معارضي الانقلاب العسكري.
وتابع المفتي الأسبق: "الدستور الجديد هو إنجاز عظيم صنعه مجموعة من الخبراء العقلانيين الذين يحبون الوطن، ويعملون على إعلاء مصلحة الشعب فوق المصالح الشخصية".
كما طالب جمعة المصريين باختيار الرجل الأنسب لرئاسة الجمهورية، حيث كان قد صرح من قبل أنه سيكون أول من ينتخب السيسي، في حال ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، معتبرا أن هناك رغبة جماهيرية حاشدة تدعو السيسي للترشح للانتخابات للخروج بمصر من أزمتها.
ووصل انغماس علي جمعة في السياسة إلى حد إعلان محمد عبد اللطيف، عضو المكتب التنفيذي لجبهة الإنقاذ، عن اجتماع بين مسئولي وممثلي عدة أحزاب يهدف إلى تكوين ائتلاف انتخابي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة من عدة أحزاب، بينها المصريين الأحرار والمؤتمر والحركة والوطنية بجانب "جبهة مصر بلدي"، التي يرأسها المفتي الأسبق.
مهاجمة القرضاوي:
واستكمالا لتصريحاته المثيرة للجدل، وصف جمعة؛ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بأنه "ملعون في كل كتاب"، وأن تصرفاته في الفترة الأخيرة "تدل على سوء خاتمته بسبب فساد نيته" حسب قوله.
وقال جمعة في مداخلة تلفزيونية مساء الاثنين إن القرضاوي أصبح "مخرفا ومعتوها بسبب تقدمه في السن وإصابته بالزهايمر، ولا يؤاخذ على تصرفاته وتصريحاته".
وكان القرضاوي قد قال في بيان نشر عبر موقعه الإلكتروني إن علي جمعة هو "لسان الجنرالات الذين يزيفون به شرع الله، وأنه عاد ليمارس هوايته المعروفة عنه منذ عهد مبارك في ليّ أعناق النصوص وفقا لمنطقه، وذلك لخدمة مصالح الانقلاب، وأن العسكر وجدوا ضالتهم فيه حيث يحل لهم ما أرادوا ويحرم لهم ما شاؤوا".
من جانبه، وصف الدكتور سيف عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على حسابه على "تويتر" الشيخ علي جمعة بـ"خادم سفاح الألفية الثالثة، مضيفا: "علي جمعة أسس جبهة مصر بلدي ليخدم من خلالها السيسي، وهناك فارق شاسع بين جمعة وبين الشيخ عماد عفت، فقيه الثورة، الذي استشهد منذ عامين في أحداث مجلس الوزراء، وهو يدافع عن حق الشباب في مستقبل واعد".
جمعة ينصح "إسرائيل":
وأثار فيديو نشر الأسبوع الماضي للدكتور علي جمعة ينصح فيه "إسرائيل" بتحسين صورتها المشوهة عن طريق وسائل الإعلام استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال جمعة في الفيديو - خلال ندوة عقدت قبل عزل مرسي، في المعهد الأمريكي للسلام متحدثا عن الفتنة الإعلامية بين اليهود والمسلمين فى العالم - إن الصورة الذهنية للعرب والمسلمين عن اليهود خاطئة، حيث إن الكثيرين لا يفرقون بين اليهود والإسرائيليين والصهاينة، معتبرا أن اليهود مقصرون فى تصحيح صورتهم في العالم العربى وللشعوب العربية.
وتعرض جمعة لانتقادات شديدة بعد هجومه على رافضي الانقلاب خاصة أثناء اعتصامهم بميداني رابعة العدوية والنهضة، حيث تم تسريب فيديوهات له أثناء خطاب له أمام قيادات القوات المسلحة والشرطة يدعو فيها لإبادة أنصار مرسي، قائلاً: "اضرب في المليان ولا تأخذك رأفة بهؤلاء الخوارج والأوباش طوبى لمن قتلهم وقتلوه من قتلهم كان أولى بالله منهم".