تزايدت في الأيام الأخيرة حدة الخلافات بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي الذي يمثل الذراع السياسي للدعوة السلفية، حتى وصلت إلى تبادل الاتهامات بالخيانة ومحاولة اغتيال القيادات.
وهناك صراع تاريخي بين الإخوان والسلفيين بسبب تنافس الفريقين على تزعم الحركة الإسلامية في
مصر والسيطرة على مساجد مصر والجمعيات الخيرية، فالإخوان يرون أنهم "الجماعة الأم" بينما يحاول التيار السلفي دائما إظهار تمايزه عن الإخوان.
ويقول محللون إن حزب "النور" لعب دوراً كبيراً فى الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، مخالفا التوقعات بالاصطفاف مع باقي القوى الإسلامية التي أيدت الشرعية، حيث كان الانقلابيون يحتاجون لوجوده في المشهد حتى لا يبدو وكأنه حرب ضد الاسلام.
اغتيال برهامي
ووصلت حالة الاحتقان بين الجانبين إلى حد اتهام الداعية السلفى زين العابدين كامل؛ جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اغتيال نائب رئيس
الدعوة السلفية ياسر برهامي، خلال محاضرة له هذا الاسبوع بأحد مساجد المنوفية، وقال إن قوات الأمن قامت بتأمين برهامي وإفشال المحاولة، حسبما ذكرت صحيفة "الوطن".
وحذر كامل الإخوان من "نفاد صبر" الدعوة السلفية، قائلا: لن نقف مكتوفى الأيدى أمام محاولات الاعتداء المستمرة على قياداتنا، وشباب الدعوة السلفية ملتزمون بضبط النفس لكن "للصبر حدود''، حسب قوله.
واتهم برهامي الإخوان بأنهم يحاولوا تعطيل دروس الدعوة السلفية الدينية ومؤتمراتها السياسية، وتهديد حياته، ووجه رسالة إلى أعضاء الجماعة قائلا: "لن أسمح لأحد بإيذائي".
تظاهرات أمام منازل قادة النور
وتظاهر أنصار الإخوان منذ عدة أيام أمام منزل نائب رئيس
حزب النور نادر بكار في القاهرة، كما تظاهروا أمام منزل برهامي في الاسكندرية، تنديدا بمساندة حزب النور للانقلاب، ودعوته للتصويت بنعم على الدستور، حيث اتهموا الحزب بالخيانة. وتشهد معظم مسيرات الإخوان في أنحاء مصر ترديد هتافات تهاجم حزب النور.
واستنكر المتحدث باسم حزب النور شريف طه تلك التظاهرات، مطالبا "العقلاء" في الإخوان بأن يوقفوا خطاب التحريض والكراهية الذي يدفع البلاد إلى ما أسماه "أتون الصراع الأهلي".
وقال نادر بكار في مقال له نشر في صحيفة "الشروق": "إن الإخوان انتقلوا من مربع التشغيب على السلطة الانتقالية إلى مرحلة التشغيب على الشعب، بأسره وإثارة الفوضى عبر ترويع الآمنين وشن حملات تشويه مسعورة لتخويف الناس من المشاركة فى الاستفتاء على الدستور أو إبداء رأى مخالف للإخوان" وفق قوله.
الإخوان وراء إراقة الدماء
ونشرت الدعوة السلفية يوم الأحد تقريرا حول مواقفها السياسية منذ اندلاع ثورة يناير، مرورا بالإطاحة بالرئيس مرسي، والمشاركة في تعديل الدستور، تضمن اتهاما لجماعة الإخوان المسلمين بـ"التعامل مع معارضيها بسياسة حافة الهاوية والتي تسببت في إراقة الدماء من الجانبين".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي هاجم حزب النور الإخوان المسلمين، حيث وصف أحمد الشحات، القيادي بالدعوة السلفية وحزب النور، الجماعة بأنها "تنظيم معقد يفرض على أتباعه نمطاً تربوياً منحرفاً يخرج عقليات مشوهة التفكير والتصرف"، وأن "قياداته تطلق تصريحات لا يمكن أن تصدر عن شخص سليم عقلياً".
ورد الشيخ وجدي غنيم، أحد قيادات الإخوان، بهجوم على حزب النور وقياداته، متهما إياهم بخيانة الرئيس مرسي، وأنهم تعاونوا مع من أسماهم "العلمانيين والصليببين حقدا في قلوبهم على جماعة الإخوان المسلمين".
فشل المصالحة
من جانبه كشف قيادي بالجماعة الإسلامية عن أسباب فشل محاولات التوسط بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور الذارع السياسي للدعوة السلفية؛ خلال الفترة الماضية.
وقال الشيخ عبد الرحمن عزمي، أحد قيادات الجماعة بالصعيد، لصحيفة اليوم السابع إن "الجماعة الإسلامية حاولت رأب الصدع بين الجانبين، فطرحت مبادرة على الدكتور عمرو دراج والدكتور محمد علي بشر ممثلي الإخوان داخل تحالف دعم الشرعية، فأكدا موافقتهما علي ذلك في الحال".
وتابع: "التقينا الشيخ جلال مرة الأمين العام لحزب النور ونادر بكار المتحدث الرسمي للحزب، الذين كانت لديهم اعتراضات كثيرة علي أداء الإخوان خلال العام الذين وصلوا فيه إلى الحكم, وأكدا أن الإخوان أخطأوا ويجب أن يعاقبوا على ذلك، ما أدى إلى فشل التوسط بين الطرفين".
وفي انتخابات الرئاسة الماضية رفض حزب النور تأييد الدكتور محمد مرسي، وأعلن مساندته للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ثم دعم مرسي في جولة الإعادة أمام الفريق أحمد شفيق.
الإخوان: خيانة ووقاحة
فى المقابل، اتهم محمد السيسي، عضو اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة، قيادات حزب النور بالعمل لصالح جهات أمنية.
وقال موقع حزب الحرية والعدالة يوم الأربعاء إن عددا كبيرا من أعضاء حزب النور يرفضون تأييد الدستور، وأن قيادات الحزب تحاول إغراءهم بمبالغ مالية للوقوف خلال المرحلة الحالية ومساندة الحزب لكنهم رفضوا.
واتهم جماعة الإخوان المسلمين ياسر برهامي؛ بتحريض شباب الجماعة للانقلاب عليها، والتمرد على قادتها، مشيرة إلى أن هذا السلوك من جانبه يأتي استمرارا لما سمته بـ"السلوك الانقلابي لبرهامي وأتباعه من حزب النور الذين تعودوا عليه منذ 30 يونيو الماضي".
وقال القيادي الإخواني أحمد فهمي، عضو الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة، إن هذه سابقة خطيرة أن يدعو رأس الدعوة السلفية شباب أكبر جماعة إسلامية في مصر والعالم العربي، أن ينقلبوا على تنظيمهم.
واتهم فهمي الشيخ ياسر برهامي بارتكاب وقائع تزوير كبيرة داخل حزب النور، أثناء انتخابات العضوية داخل الحزب في العام الماضي.
كما انتقد حمزة زوبع، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، عبر حسابه على تويتر دعوة نادر بكار لجماعة الإخوان المسلمين بالتصويت بنعم على مشروع الدستور، قائلا: "هل رأيتم وقاحة أكثر من ذلك؟ ما يقوله خيانة ووقاحة".