قال دوري غولد، المستشار السياسي لبنيامين نتنياهو إن
السعودية و"
إسرائيل"، تعاونتا منذ عشرات السنين في مواجهة تهديدات مشتركة، مشيراً إلى أن التقاء المصالح بين الجانبين يمكن أن يسوي مواطن الخلاف التاريخية بين الجانبين.
وفي مقال نشره موقع صحيفة "إسرائيل اليوم"، في عددها الصادر الجمعة، اعتبر غولد أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر مثلت في الواقع نقطة تحول فارقة ومهمة في تكريس التقاء المصالح بين "إسرائيل" والسعودية، مشيراً إلى أن هذا التطور أفضى إلى تحول أيدلوجي فارق في السياسة السعودية.
وأوضح غولد أن السعودية شرعت بعد هذه الأحداث، في إدارة ظهرها لجماعة الإخوان المسلمين، التي ظلت على مدى 60 عاماً تحظى بالدعم السعودي، وهو ما مكن كوادر الإخوان من التسلل إلى المؤسسات التعليمية ومنظمات الإغاثة العالمية التي ترعاها السعودية، وسمح لهم بنشر "أيدولوجية جهادية عنيفة".
وأوضح غولد أن أبرز مظاهر التحول في الموقف السعودي كان هجوم وزير الداخلية السعودية السابق نايف بن عبد العزيز على جماعة الإخوان المسلمين وتشديده على ضرورة مواجهة "
التطرف الفكري".
ولم يفت مستشار نتنياهو الإشارة إلى قرار السلطات السعودية حظر كتب المفكر الإخواني سيد قطب، الذي وصفه بأنه "أحد أبرز المنظرين المهمين لجماعة الإخوان المسلمين".
وحسب غولد، فقد انعكس التحول الجديد في السياسة السعودية على العلاقة بين المملكة وحركة حماس، حيث قلصت السلطات السعودية بشكل واضح من هامش المرونة المتاح للجماعات التي كانت تحول الأموال للحركة.
وزعم غولد أنه حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي كان 70% من موازنة حركة حماس تصل من السعودية على شكل تبرعات تقدمها جمعيات سعودية.
ونوه غولد إلى أنه في الوقت الذي وقفت جماعة "الإخوان المسلمين" مع حزب الله أثناء حرب لبنان الثانية، هاجم رجال الدين السعودي الحزب.
وأشار غولد إلى دور العلماء السعوديين، المرتبطين بنظام الحكم السعودي في التأثير على الصراع بين إسرائيل والعالم العربي.
ومستنداً إلى معطيات بحث أجراه "مركز يورشليم لدراسات إسرائيل"، نوه غولد إلى أن مفتي السعودية الأسبق الشيخ عبد العزيز
بن باز أصدر عام 1989 فتوى تلزم المسلمين بتقديم الدعم لـ "المجاهدين الفلسطينيين"، مستدركاً أن بن باز نفسه أصدر عام 1994 فتوى تبيح إجراء الصلح مع إسرائيل وتسمح بتبادل السفراء معها، إن كان "ولي الأمر" يرى أن ذلك يحقق مصلحة للمسلمين.
وأوضح غولد أنه على الرغم من أن بن باز أفتى بأنه بالإمكان إلغاء أي اتفاق مع "إسرائيل" بمجرد حدوث تغير في موازين القوى، إلا أن فتواه هذه مثلت في الواقع تحولا جديدا في النظرة السعودية لإسرائيل.
ولم يفت غولد أن يشير إلى أن فتوى بن باز كانت تتناقض مع الفتاوى التي أصدرها الشيخ يوسف
القرضاوي، منوهاً إلى أن فتوى بن باز أتاحت للقيادة السعودي هامش مناورة كبير لممارسة الدبلوماسية مع إسرائيل.
ونوه غولد إلى أنه من الصعب تقدير حجم تأثير فتوى بن باز على قرار الملك عبد الله إصدار مبادرة السلام العربية عام 2002.
وأشار غولد إلى أن جذور العلاقة السعودية تمتد إلى ستينيات القرن الماضي، عندما وجدت الطرفان نفسيهما في نفس الصف في مواجهة مصر الناصرية.
وأشار غولد إلى أن السعودية طلبت في مطلع ستينيات القرن الماضي من إسرائيل الحصول على مساعدات عسكرية لدعم قوات الإمام أحمد التي كانت تقاتل النظام المدعوم من جمال عبد الناصر في اليمن؛ مع العلم أن 60 ألف جندي مصري كانوا يتواجدون على أرض اليمن لدعم قوات الإمام.
ونقل غولد عن بروس رايدلي، الذي كان من كبار المختصين في وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (CIA) بشؤون الشرق الأوسط، قوله إن مدير المخابرات السعودية كمال أدهم هو الذي أشرف على نقل السلاح الإسرائيلي لقوات الإمام أحمد، منوهاً إلى أن طائرات نقل إسرائيلية نقلت كميات كبيرة من السلاح لقوات الإمام في الفترة الفاصلة بين العامين 1964 و1966.
ونوه غولد إلى أن السياسة السعودية تعتبر مثالاً كلاسيكياً لـ "الواقعة السياسية"، التي لا تقيدها القيود الأيدولوجية، مشيراً إلى أن السعودية بادرت إلى توظيف النفط في أعقاب حرب 73 .
ونوه غولد إلى أن توظيف سلاح النفط من قبل السعودية أجبر إسرائيل على تقديم تنازلات سياسية في أعقاب حرب 1973 بفعل سلاح النفط التي وظفته.
واستدرك غولد قائلاً إن "الواقعية السياسية" تفرض على نظام الحكم في الرياض تكريس التعاون مع حكومة تل أبيب لصد التهديدات التي تواجه كلاً منهما.
وخلص غولد إلى القول: "لقد أثبتت التجربة التاريخية أن الدول التي واجهت تحديدات وتهديدات مشتركة تمكنت من تقليص الفجوات بينها من أجل مواجهة هذه التهديدات، وتعاونت فيما بينها من أجل صد هذه التهديدات"، متمنياً أن يتكرس هذا الواقع في العلاقة بين السعودية وإسرائيل.